ارشيف
بسم الله و الحمد لله
المفاسد المتسلسلة
س ؤال
أطرحه على نفسي بشدة .. ولشدة الخوف بى أكثر وأكثر .. من نحن فى نظر رسول الله صلى
الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .. هذا هو السؤال .. ولا أدرى إن كانت إجابته برسوخنا فى تلك الزمر
او أننا نحن كل تلك الزمر التى يغشاها الرسول العقابى لمخلفتنا أمر الله عز وجل ..
فحديث الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ما هو إلا نبوءة يخبرنا بها عن
الزمن الذى هو آتى بعده .. وهو كذلك الزمن الذى نحن فيه ...
فعن عبد
الله بن عمر رضى الله عنهما .. قال : أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال : يا معشر المهاجرين خمس إذا إبتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن فلم تظهر
الفاحشة فى قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التى لم تكن مضت
فى أسلافهم الذين مضوا .. ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة
المئونة وجور السلطان عليهم .. ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء
ولولا البهائم لم يمطروا .. ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم
عدواً من غيرهم فأخذوا بعض ما بأيديهم .. وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا
مما أنزل الله إلا جعل بأسهم بينهم .. صدق رسول الله عليه فضلى الصلاة دون قطوع
...
هذا
الحديث ورد فى سنن إبن ماجه (السلسة الصحيحة 106) .. ولكننى لا أندهش إن كنا ممن
وصفهم رسول فى ذاك العصر الذى تحدث عنه للصحابة .. فقد ساقت أيدينا الفاحشة ونقصنا
الميزان ومنعنا زكاة أموالنا ونقض العهود ولم نحكم بكتاب الله .. فكيف لا نكون من
مجرى أزيال الخيبة فى تحسر تلك الزمر .. ونرقص بوسطهم كى ننسى ما نحن فيه من مصائب
...
هذا
سادتى واقعنا المعاش .. فنحن من الزمر التى أفسدت فى الخمسة فبئنا بغضب الله ..
وسلط علينا مالم تستطيع تحمله النفوس سوى بشئ واحد .. الطرب والرقص ومجارات
الخليعة والوهم الكاذب فى عقولنا الرائدة إسفاف .. ووصلنا سادتى درجة من السفور
والخداع التى لا يمكن مداواتها سوى بالعودة لله سبحانه وتعالى ...
ولنرى
ماذا تحمل ما فعلته أيدينا لتوصلنا الدرك الأسفل .. فقد أظهرنا الفاحشة بيننا ..
ولا أقول أن المال سبب أساسى .. بل النفوس هى السبب .. فالمال وسيلة وسيظل إلى أبد
الآبدين وسيلة .. ولكن ما تغير هو فى الأساس طبع النفوس .. وأول مبادئ الفاحشة هو
خروج الأمة من بيت أهلها .. أى بمعنى خروج المرأة الشريفة وذات الحسب والنسب لتقف
على قارعة جسر كوبر لتمد يدها لأصحاب الدواب ليرفعوها .. وتقضى معهم ما تقضى من
لذة ثم تشيح بوجهها لترى آخر .. فمن ساعدها يا ترى .. أتساءل وأنا أدرى أن من
ساعدها ثلاث .. نفسها ونفوس أهلها ونفس الرجل الذى تمارس معه ما حرم الله .. ولذا
تفشى فينا المرض والأوجاع .. فقد جاءنا الأيدز يحمل بشرياته كما هو حال مبشرى
الدين المسيحى وهم يغتالون الإسلام بجنوب السودان او غربه او شرقه .. جاءنا
السرطان بجميع أنواعه .. جاءتنا حمى الوادى المتصدع لتمنع الأضحية .. والتى شأنها
التقرب إلى الله عز وجل .. أصبح عندنا المرض كما هو الماء .. متوفر وبكثرة ..
وشيوخنا الكبار يصرون على فساد أخلاقنا .. ودليلهم تلك الأمراض التى يسمع بها قط
فى أزمانهم .. والتى غدت بالنسبة لنا سحيقة كعهود الديناصورات ...
وثانى
المفاسد نقصنا المكيال فأرسل الله علينا رسل تعسف السنين ورسل الحكام الأقوياء ..
وحقيقة فالحكومة التى هى على رأسنا الآن ليست سوى رسول يذكرنا الله به ما فعلته
أيدينا فى نقص المكاييل .. فعمر البشير ليس ظالماّ ولا الولاة الذين من تحتهم ..
بل هم لا يعرفون لماذا يجرى الذى يجرى وإرادتهم تقديم الأحسن لشعبهم .. والمتعافى
ليس ظالماً او متكبراً بقراراته التى يصدرها .. فهو رغم ذلك لا يرى تحسناً ..
والجميع لا يرى تحسناً فيما يصدروه من قرارات ظناً منهم أنها فى مصلحة الشعب ..
ولكنهم لم يدركوا بعد أنهم مهما فعلوا فلن تتغير الأشياء السيئة .. لأن شعبهم هو
سببها .. و(الله ما بغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فهذه الآية توضيح صريح
أرجو أن يفهمه ولاة أمورنا ...
ولنرى
الشعب .. ماذا فعل لتستقيم أمورهم .. فقد جار بالشكوى والشكوى لغير الله مذلة ..
وهو يدرك ذلك جيدا .. فالمواطن يرى من حقه فعل السوء من نظرات وزنا وغش وهلم جرا
.. وهو يدرك جيداً أن صلاح أموره هو عودته لله .. ولكنه لا يريد أن يعود .. يريد أن
يظل فى محارم الغش والخداع ونقص المكاييل .. يريد أن يرمى فعل يديه على حكامه
وقسوة السنين .. فى حين أن هذان الإثنان يدركان أنهما ليسا سوى رسولين لفعلة
المواطن ...
وثالث
المفاسد المتسلسلة منعنا زكاة أموالنا بحجة أن ولاة الأمر لا يصرفون المال على
وجهه الصحيح .. ويندرج ولاة الأمر تحت بند نقص المكاييل .. وأظن ذلك لطبيعة تسلسل
حدوث تلك المفاسد .. فالولاة ليسوا فاسدين كما نظن عند منعنا عنهم دفع الزكاة ..
وحتى إن كان ذلك صحيحاً .. فلما لا يخرج الزكاة هو بنفسه ويحسب ماله حسبة صحيحة
ويخرج حق الله فى ماله .. وقد يقول قائل يمكن ذلك بالصدقة .. ولكن ذلك هو ذريعة
لسد دفع الزكاة .. فلو كانت تكفى الصدقة عن الزكاة فلما أتى الله بإسمين مختلفين
لشئ واحد وهو إخراج المال .. ما حكمة الله
فى الأمر بأن جعل الزكاة والصدقة كل قائماً بذاته ...
وكذلك
ليعرف الجميع أن الأمطار التى تسد وتغرق شوارع الخرطوم ما هى إلا للبهائم .. بمعنى
أن البهائم أحسن منا .. وهذا كنظرة واقعية للأمر .. ولكن إختزان ماء الأمطار
وبقائها فى الشارع ليس بسبب أن والى الخرطوم لم يضع خطة هندسية لتنفيذ المجارى ..
بل بسبب فعائلنا سادتى .. ويتبع ذلك تكاثر البعوض .. مما يعنى إنتشار مرض الملاريا
.. وهذا يؤدى بدوره إلى أول السلسلة المفسدية (فشا فيهم الطاعون) .. والعياذ بالله
...
ولنأتى
لرابع المفاسد المتسلسلة .. وهو تسليط العدو .. وفى معنى الحديث فذاك العدو من غير
شعبنا .. أى من غير السودانيين والقبائل السودانية .. وذلك بسبب خنثنا بوعد الله
.. ( الذين إن مكناهم فى الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة ) هذا هو وعدنا لله بعد
أن حملنا الأمانة التى غلبت أمر السماوات والجبال .. فحملناها نحن الظلومين
الجهولين .. فمن هو العدو .. ولا أريد أن أسمع ذلك السؤال الغبى .. ولا تظنن أن
تحت أرض السودان بترول لذا تحتملنا أمريكا على زنارة أنفها .. هذا وهم سادتى ..
فالعدو هو الولايات المتحدة وإسرائيل وتشاد ويوغندا وأثيوبيا وأرتريا .. وحتى مصر
لنزولها تحت بند أن العدو ليس من بين ظهرانينا .. بمعنى أن مصر أولادها مصريين
وليسوا سودانيين ...
أمريكا
سادتى لا تلاحقنا لوجود بترول أو تلك الأوهام التى تفوه بها السواد الأعظم ..
أمريكا هى العدو الذى يأخذ بعض ما لدينا وبعض ما بأيدينا كرسول من الله يبشرنا
بسوء فعلتنا .. لأننا قطعنا وأجهزنا بسلاح المفاسد على وعدنا لله سبحانه وتعالى
...
أما
خامس المفاسد المتسلسلة فهى عدم حكمنا بأوامر الحق عز وجل .. وجعل كتابه كواحد من
المظاهر يوضع على سيارة ما لكى يعرف الناس أن ذلك الرجل تقى ويخاف الله ويتلو
القرآن .. فى حين أن ذلك الرجل تركب معه فى سيارته زانية يفعل معها ما يفعل .. ولن
يشذ الإبن كثيراً عن القاعدة وهو يمتطى سيارة أباه ومعه الزانيات الراقصات .. وكل
ذلك وكتاب الله الموضوع أمام عجلة القيادة يسمع آهات هذين الزانيين .. ولذا أرسل
الله لنا البأس .. والبأس أخطر من كل تلك العقوبات السابقة .. فأن يجعل الله بأسنا
بيننا فذاك معناه أننا وصلنا مرحلة الحضيض فى عصياننا لله عز وجل .. فالجنوبيين
ليسوا أعداء بل هم أبناء وطنى .. ولكن لما كانوا يحاربون الشماليين .. ليس لحقدهم
الذى نزعم أن الإنجليز وضعوه فى مفصلة بيننا وبين الجنوب .. ولكننا إن كنا تقاة
ونحكم بأمر الله ونمتثل أوامره فهل سترد أيدينا خاليتين إن دعينا الله بإزالة ذاك
السد الموضوع بيننا وبين الجنوب .. ( ) .. ولا أعتقد أن الله سيخذلنا ولا يهد ذاك
السد الذى بناه ذا القرنين الإنجليزى المولد اللندنى العيش .. ولنسأل أنفسنا لما
يحترب الجيش مع القبائل والقبائل مع بعضها فى دارفور .. هذا هو مربط الفرس سادتى
.. هذا هو بأسنا بين ظهرانينا ...
وعوداً
على بدء .. فأرجو ان تكونوا سادتى قد أدركتم من أنتم فى نظر رسول الله عليه أفضل
الصلاة والتسليم .. فنحن من أشعنا الفاحشة .. ونحن من نقصنا المكاييل .. ونحن من
منعنا الزكاة .. ونحن نقضنا عهد الله ورسوله .. ونحن إغتلنا حكم الله فى حياتنا
ليحيا حكم الفساد والفاحشة بدنيانا .. هؤلاء أمم تنبأ الرسول صلى الله عليه وسلم
بقدومها .. أمم وزمر تفعل تلك المفاسد .. وبعدها يفعل أمر الله الواحد القهار
عقابه .. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم ...
و الحمد
لله على ما أراد الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق