الثلاثاء، 31 مارس 2015

كيف تدخل الغابة 31 .. الارض المحتلة (الجريف شرق)




بسم الله و الحمد لله

كيف تدخل الغابة (31)
الوطن الذي لا وجيع له

الأرض المحتلة (الجريف شرق)

لا أريد أن أعدد كل السيئات التي تحدث بأرض أهلي الجرافة .. ولا أريد أن أضع مقدمة طويلة ثم أبد بتفنيد ما يحدث .. ولكن سأبدأ مباشرة في طرح كل مشكلة و الحلول الموجودة لها .. ولا اخفي عليكم أهلي وأحبتي قلبي المنكسر تجاه ما يحدث وأنا بعيد في أرض الغربة .. تنازعني نفسي للوصول إليها .. أي (الجريف شرق) .. وحل مشاكلها ...
ولكن ما حدث كان محزنا للغاية .. وبدأ بجسر (الجريف المنشية) .. و أهلنا يصرون عدم نشر التسمية .. ليتفوق علينا مسميات الآخرين كبري (المنشية) .. فلقد تم مسح (الجريف شرق) مسحا غريبا وكأنها غير موجودة ...
وفي البداية و غول (الحكومة وسوء بطانتها) .. ولفك الازدحام وتسهيل الطرق قررت إقامة جسر (الجريف المنشية) الموضوعة خطته منذ نهاية السبعينات وبداية الثمانيات .. وظل محبوسا في أدراج حكومة الرئيس الراحل (جعفر نميري) رحمه الله .. ولم يتم كنس الغبار من عليها إلا في عهد حكومة (عمر البشير) هداه الله لطريق الحق و الصلاح .. وأصلح بطانته السيئة ...
وأول من بدأت حكومة (عمر البشير) في نحت الجسر .. بدأت بالعاملين بـ (كمائن الطوب) .. حيث تم تعويضهم تعويضات عالية .. وخزائن أمنهم ممتلئة بمعرفة الخلافات بين أهل الجريف شرق فيما بينهم البين .. لذا آثرت تعويض العاملين على (كمائن الطوب) .. حتى تكفهم عنها .. ولعلمها أن أصحاب (الكمائن) أقوى في الانفلات من أصحاب الأرض .. و السبب أنه العاملين على (كمائن الطوب) حجتهم في الانفلات بـالتعدي وقطع الرزق .. أقوي من حجة أصحاب الأرض .. أضف إلى ذلك .. الخلافات بين أهلنا .. وهذه الأسباب ساعدت كثيرا الحكومة في أن تستولي على الأرض .. بكل سهولة .. وتحتلها ...
بعد أن صرفت (الحكومة وسوء بطانتها) عرق التعابي .. وهي توهم أصحاب (كمائن الطوب) أنه حقهم .. وهم رغم ذلك يدركون أن ما أخذوه هو ما أستلبته الحكومة من مواطنين آخرين .. إلا أنهم مغلوبون على أمرهم .. وهذا رزقهم .. فسولت لهم أنفسهم أنه حقهم .. وهو حقهم بدون شك ...
ثم بدأت عجلة دوران الفتن و الخلافات تعمل عملها بين أهلنا .. و (الحكومة وبطانتها السيئة) مدركة تمام ما ستؤدي إليه الخلافات .. حيث أنها ستصب في مصلحتها .. وأوهمت أصحاب الأرض بالتعويض .. وهو حقهم وملكهم .. ومن حق الحكومة ولو هي تتحرى العدل .. فمن حقها مجرى طريق الجسر فقط .. ويمكن أضافة مائة متر شمال وجنوب مسار إمتداد الجسر تحسبا لأي طارئ .. ولكن ماذا فعلت الحكومة وسوء بطانتها .. فقد أستولت على أرض تمتد من أحياء (حلة كوكو) وحتى نهاية (الجريف شرق) أحياء (كركوج) .. استولت عليها بالكامل وأوهمت أصحاب الحق بأنها ستعوضهم .. وأطلقت أشاعة مدينة (النيل الأزرق) .. وبأن مستثمر كويتي سيقوم بها .. وكل الأمر أنه قد تم توزيع الأراضي بين جشع وطمع (الحكومة وسوء بطانتها) .. وأصحاب الحق موهومون بالتعويض وما أدراك ما التعويض ...
وجرت بعدها عدت إجتماعات .. وحضر (وزير الإسكان و البيئة) بنفسه .. حتى يشعر أصحاب الأرض المخدعون و المغلوبون على أمرهم أنهم ذوو أهمية .. وهم يدركون تمام أن (واليهم وبسوء بطانته) يخدعونهم .. وأستمرت عدة اجتماعات .. وفي كل أجتماع يطلعون بشئ جديد .. والأسوأ أن أصحاب الأرض غير متفقون .. وأستمرت الحكومة وسوء بطانتها في أستغلال الخلافات .. حتى وصلت بتعويض أصحاب الأرض مساحة ( 400 ) متر عن كل (حبل) .. و الحبل هذا مقياس استخدم قديما لقياس الأراضي الزراعية على النيل (السواقي) .. تخيل أصحاب أرض يمتلكونها منذ أكثر من ثلاثمائة سنة .. فتأتي (الحكومة وسوء بطانتها) مستغلة خلافات أهلي .. لتعوضهم بما هو آل إليه الآن ...
وبدءا .. رفض البعض ووافق البعض .. فماذا حدث .. للأسف قائمة فئة من الموافقين على التعويض بالذهاب للوزير و الموافقة .. للأسف أهلي وأحبتي .. وتم الأمر بوضح النهار .. وكل ذلك بسبب الخلافات .. الخلافات و التناحر بين أهلي ...
أما أجمل خلاف وأغباه .. فهو ما حدث للمنطقة من تقسيمات بسبب اللجان الشعبية .. الداعمة للحكومة و الضاغطة على ظهر المواطن المغلوب على أمره .. فقد سولت لهم أنفسهم بأن تقسيم الحي الواحد من لجنة واحدة للجنتين شعبيتين .. يزيد من تمثيل أهل (الجريف شرق) في مجلس (محلية شرق النيل) .. والأغرب والأسوأ أن رئيس محلية الجريفات و أم دوم) في ذلك الوقت .. كان من (الجريف شرق) .. فـ (الجريف شرق) لم تكن تحتاج مئات الأشخاص ليمثلوها .. واحد وقلبه على المنطقة .. أقوى من مليون رجل وقلوبهم مع (الحكومة وسوء بطانتها) .. و للأسف أيضا رئيس المحلية .. أهم له زيادة دخل المحلية وتوريد الدخل لولاية الخرطوم أهم له من زيادة وتقوية الخدمات للمنطقة .. (محلية الجريفات وأم دوم) كانت المحلية الثانية في التوريدات لولاية الخرطوم بعد (محلية سوق ليبيا) في ذلك الوقت .. تخيلوا معي أن رئيس محلية يريد أن يرفع التوريدات ولا يريد أن يرفع المواطن .. مواطن (الجريف شرق) المغلوب على أمره و المنتزع حقه .. و المستعمر من أهله الموالين (للحكومة وسوء بطانتها) ...
ما رأيكم في هذا الخلاف .. فالتقسيمات لم تستفد منها سوى (الحكومة وسوء بطانتها) .. وباء المواطن بفشل مرؤوسيه .. رؤساء اللجان .. وضاعت حقوقه بين أن يتوالى مع (الحكومة وسوء بطانتها) وبين أن يتوالى مع معارضي الحكومة ...
وحدثت عدة أحداث على جسر (الجريف المنشية) .. وكانت فرصة ليقوى بها ظهر المواطن المغلوب على أمره .. أهلي بـ (الجريف شرق) .. ولكن ماذا حدث .. أنكوى بتلك الأحداث أهلنا بحي (أولاد باعو) لوحده .. مع مساندة قوية من أهلنا بحي (المحس) .. فأين البقية .. حدث ولا حرج .. لم تتم مناصرة أهلنا بحي (أولاد باعو) من بقية الأحياء .. عدا أهلنا بحي (المحس) .. لم يظهر أهلنا بحي (المناشير) ولا أهلنا بحي (القلعة) .. ولا أهلنا بحي (جريف قمر) ولا أهلنا بحي (سرحان) ولا أهلنا بأحياء (كركوج) .. وللأسف ضاعت فرصة قوية لتقوية (الجريف شرق) .. لأننا مشهورون بقوة علاقتنا ومودتنا أيام الأفراح والأتراح .. و السبب الخلافات .. الخلافات هي من جعلت بقية الأهل والأحياء تتفرج  ...
وللأسف .. ورغم جمال الفكرة .. إلا أنها ستروح هدرا بالخلافات .. فأهلنا بأحياء (كركوج) قاموا بعمل إعتصام .. وتمت الدعوات لمن ولمن ولمن .. وجاء الوزير و الغفير .. ولكن نسوا أن الاتحاد قوة .. وأنه عليهم دعوة الأهل بالأحياء الأخرى مرة ومرتين وثلاثة لشد الساعد وتقوية الاتحاد .. فكلنا يدرك أن الخلافات متجذرة ومحتاجة للصبر .. وأقرب مثال للإعتصامات و الاحتجاجات .. أهلنا بـ (أم دوم) وعندما قامت (الحكومة وسوء بطانتها) بالتعدي على الأرض .. فهم لم يذهبوا إلى آخر أم دوم او آخر عمقها .. وقالوا لا (للحكومة وسوء بطانتها) .. بل وقفوا في الواجهة .. وقفوا في مدخل (أم دوم) .. ولكنها لم تستخدم سياسة المتخاذلين و الموالين (للحكومة وسوء بطانتها) .. لم يقفوا في وجه الشرطة وهم في آخر (أم دوم) .. واجهوا وبكل شجاعة .. ولكن أن يقوم أهلنا في أحياء (كركوج) (جزاهم الله خيرا) بالإعتصام وفي عمق وآخر أحياء (الجريف شرق) .. فهذا يسمي توالي (للحكومة وسوء وبطانتها) .. وبالتالي ضياع الحقوق وعدم رد (الأرض المحتلة) .. ولكن لا يجب أن انتقص من مقدار ما قاموا به من جهد أهلنا بأحياء (كركوج) .. فلهم التجلة و الاحترام و التقدير على ما قاموا به من أعتصام .. ولكننا نحتاج قليلا من الخبث و الدهاء .. فالحرب خدعة .. ونزع أرضنا وأحتلالها هي حرب بلا شك ضد (الحكومة وسوء بطانتها) .. نحتاج أن يكون الإعتصام بالواجهة .. قريبا من مدخل (جسر المنشية) .. قريبا من مستشفي (شرق النيل) .. نحتاج واجهة .. فقط .. فقط .. ليسمع صوتنا ...
ومثال ثاني .. أحياء منطقة (كوبر) .. فقد طالبوا بإقامة أشارة في مدخل الجسر المعلق الممتد من جسر (كوبر) او جسر (القوات المسلحة) .. ولم تهتم (الحكومة وسوء بطانتها) لمطالبهم .. فسكتوا ونفوسهم ترجوا أن يصحوا خير الحكومة ويتم عمل أشارة لمرور طلبة المدارس .. ولم تمضي أيام حتى دهست شاحنة خمسة طالبات فأردتهن على الفور .. ماتوا وهم تحت الشاحنة .. فماذا فعل أهالي أحياء (كوبر) .. لم يذهبوا إلى آخر (كوبر) او داخل (المنطقة الصناعية) واحتجوا مطالبين بحقوقهم .. بل جلسوا في مدخل الجسر المعلق ولم يدعوا سيارة تمر .. وجاءت الشرطة وهم في جلستهم الساكنة .. لم يهتفوا او يرموا بالحجارة .. وجاءهم الوالي بنفسه وخاطبهم بعد ساعة واحدة فقط .. ولم يأتي العصر حتى كانت الآليات تعمل في أقامة أشارة لمرور الطلبة إلى مدارسهم ...
ومثال ثالث .. أهالي (الجريف غرب) القاطنين على شارع (الستين) .. طالبوا بإشارة لمرور الطلبة .. وسكتت (الحكومة وسوء بطانتها) عن مطالبهم .. ولم تمر فترة .. حتى راح خمسة طلبة ذكور يركبون (ركشة)  تحت عجلات أحدي الشاحنات .. فماذا فعلوا .. لم يذهبوا إلى آخر محطة (الشيطة) في الجريف غرب ووقفوا مطالبين بإقامة إشارة .. بل أتوا بصيوان عزاء .. وفي وسط شارع (الستين) العريض .. ومنعوا السيارات من المرور .. فلم تمضي ساعتان حتى جاءهم نائب الرئيس وخاطبهم .. وعند المغرب كانت الإشارة تعمل ...
جزاكم الله عنا خير الجزاء أهلنا بأحياء كركوج .. فخطوتكم جميلة جدا وقوية وجريئة .. ولكنها تحتاج واجهة حتى يسمع بها القاصي و الداني .. إنما أن نقوم بالإعتصامات في عمق (الجريف شرق) وآخرها .. فلن يجدي مؤكد .. وكذلك هو يحسب للموالين (للحكومة وسوء بطانتها) .. يحسب لهم أنهم منعوا أصحاب حقوق من أن يفلتوا الأمر في سبيل حقهم .. وفي سبيل أرضهم المحتلة ...
ولكن نعود من أخرى لدائرة الخلافات بين الأهل .. وخبث (الحكومة وسوء بطانتها) .. وفشل مرؤوسينا في تنمية الخدمات .. وقلبي يوجعني على ذلك الذي كان رئيسا لـ (محلية الجريفات وأم دوم) .. ويهتف برفع التوريد وزيادته لولاية الخرطوم ولم يهتم لرفع مستوي الخدمات للمواطن المغلوب على أمره .. أدخل من مال (محلية الجريفات وأم دوم) أربعة مليون جنيه سوداني .. في مطبخ الذي أحترق بسوء أستخدام أهل بيته .. تخيلوا أن يحترق بيتك بفعل أهلك وتأتي بمال المواطن المغلوب على أمره وتصينه به .. وعلى جانب النيل ونحن عطشي نحتاج سبعة ملايين وقتها لكمال التوصيلات .. يسمح بصيانة وتجديد مطبخه المحترق من مال المواطن المغلوب على أمره .. ألم لكم كم هو موجع هذا الأمر ...
الأمر يا أهلي وأحبتي بـ (الجريف شرق) أقوى وأشد أسفا .. وأوجع حزنا .. تلكم التفرقة وسيل الشتات وعدم الاتحاد .. تلك الخلافات جعلتنا من المهمشين .. و السبب الخلافات ثم الخلافات .. كل الأمر أننا نحتاج للإتحاد .. لا نحتاج أن يكون هذا الأمر رهين بأهل حي معين .. نحتاج قليلا من الدهاء و المكر و الخديعة .. نحتاج واجهة لعرض مطالبنا ولرد أرضنا المحتلة من قبل (الحكومة وسوء بطانتها) ...
ذاك أول السيل لا الغيث .. ذاك أول كوارثنا .. عدم أتحادنا .. عدم تكاتفنا .. عدم قوة التآلف و العلاقات .. فالدم وحده كفيل بأن يجعلنا بنيانا مرصوصا في وجه الطامعين .. لو نفذنا فقط سياسيا .. ما ننفذه من تآلف وقوة ومودة في المناسبات و الأتراح .. لو نفذنا ما يحدث من قوة والأكف مرفوعة بالدعوات و الجموع تحتشد في مقبرة راحل .. لو نفذنا هذا الاتحاد الدمي  الأهلي .. لرددنا كل الطامعين وأولهم (الحكومة وسوء بطانتها) .. فلنجعل من تفرقنا مقبرة ولنحتشد لنهيل عليها التراب .. وتعلوا الأصوات و الأفعال مطالبة بعودة الأرض المحتلة ...


الأربعاء، 18 مارس 2015

كيف تدخل الغابة .. الوطن الذي لا وجيع له .. لك الله يا (كابتن المحينة)



بسم الله و الحمد لله

كيف تدخل الغابة (30)
الوطن الذي لا وجيع له

لك الله يا (كابتن المحينة)


إنه لأمر مثير للحزن .. يترقرق كما الدمع بين المآقي .. يبشر أن القادم أسوأ من عاصفة ترابية في بداية الخريف ونهاية الصيف .. مترع الأحزان بما حل بذاك الفذ .. الذي قدم للوطن ولأرضه ولأهله عصارة جهده .. وهذا ما  آل إليه حاله .. هذا مسدار الوطن وقائده وبطانته الخربة .. وشعبه المنكوب على أمره بمنطق السكوت و اللهفة وراء الرزق .. و الجري وهم يدركون أن الجري وراء الرزق بهم وغم ما هو إلا ابتلاء من الله .. هم يدركون أن الحاكم المستبد بفعل أيديهم .. شعبنا المغلوب على أمره .. شعب لوطن يغوص بأوجاعه وتظهر رفاهية حاكميه وزبانيته ...

يزهر الواقع في بعض الأحيان .. أقلاها طبعا لا أكثرها .. بفعل بعض أبناء الشعب .. ولكن تسوء الخواتم دائما .. تبشر خير بداياته فيفرح الشعب المغبون .. وتسوء النهايات لنرى الهمم تشيخ وتذهب الإرادة صوب المقبرة دافنة نفسها .. وبعضنا يرى ما آل إليه حال البعض .. وخاصة بما قدموه ...

إنها مأساة أن نرى قامة عالية .. قدمت في ميادين الوطن و في مجال الرياضة خاصة .. قدم الكثير من الإبداع مع فريق الموردة الأمدرماني  .. إنه كابتنها في حقبة وعصر الثمانينات .. كابتن (سليمان دفع الله المحينة ) .. وحيث تراه العين الآن يجوب الشوارع بجلباب رث الهيئة و المنظر .. يمد يده يشحذ سواء كان أكل او مال .. يمد يده بشعر متشعث .. يلتحف الأرض ولا يغطيه ولا يستره شئ سوي جلبابه الرث الشكل .. المنفر الرائحة .. والكثير عندما يراه يعتقد أن به لوثة جنون .. ولكنه عاقل غاب عنه .. حن الأسرة و الأهل .. أفل عنه بدر عشيرته .. غابت شمس رفقائه بفريق الموردة لعيبه وإدارة .. خسفت به الحاكمة مستنقع التسول و الشحذة ...

لا نريد أن نخوض فيما قدمه للوطن .. فالكل يشهد .. حتى أرض ملاعب العاصمة شهدت بعطاء أقدامه ..
ولكن نريد أن نتبع الخطوات و عرض الحال الواقعي .. وأسباب ومسببات هذا الأمر الشائن بمعني الكلمة .. الأمر الذي يدفع بنا للتأسي و للحزن ولأستراق الدمع ليتسرب عبر المآقي .. شاهدا أوجاعنا .. كما شهدت أرض الملاعب وقع أقدام وأنفاس وجهد (كابتن سليمان المحينة) ...

ولنعرج أولا على أسرته وأهله .. وتنطلق أسئلة كثيرة .. وأولها لماذا تم رمي (المحينة) بهذا الشكل التافه .. وهم يعلمون أنه ليس مجنونا .. ولكن لتركه وأسترزاله من قبل الآخرين فقد فضل حياة المتسولين .. يشحذ أكله وعيشه .. حيث لم ترأف به شيخوخته .. لماذا تركه أهله .. وهل أسرته تقيم في الخرطوم أم ماتزال بـ (المحينة ) بأرض الجزيرة الخضراء .. عذرا (سابقا كانت خضراء) .. وعودا لرضاب موضوعنا .. فقد تشبعت النفس ألما وهي ترى عوامل السن المتأخرة و الشيخوخة و ترك الأهل له .. قد ساهموا كثيرا في تردي حال (كابتن سليمان) .. وإن الجزء الذي يظل صعبا عصيا على النفس .. يؤلمها من أعماقها .. هو ترك أهله له .. ما السبب يا ترى .. وفي رأي .. وهو مجرد رأي لا أكثر .. في رأي أنهم تركوه .. أي أهله .. تركوه وهم يعلنون في قرارة أنفسهم أنهم لا يستطيعون العناية به .. مثلما حال الغرب وحتى بعض المسلمين .. يدفعون بالشيوخ إلى ملاجئ ومنازل المسنين للرعاية بهم .. و الفرق هنا أن (كابتن المحينة) قد دفع به إلى عرض الشارع .. و الفاعل الأول هو أسرت لا ريب لا ريب .. أسرته وأهله هم الجاني الأول مهما كان الأمر .. ومهما آل إليه .. ومهما وصل بهم الحال ولو إلى المدقع (الفقر اللعين) .. فالأولى هو احتضانه بين أفراد أسرته وتغطيته بعطف الأهل .. و التصدق عليه بترابط الأهل و إجتماعياتهم والذي هو حق أصيل مكفول لـ (كابتن المحينة) .. ولكن يبدو أنه بين أفواه العائلة الباحثة عن سد الرمق و السواعد الباحثة عن عمل تجني بها كسبها .. في زمن إمتدت أذرع البطانة و حاكمها ليتغولوا عليهم .. مما أدي إلى أن يلفظ ويرمي (كابتن المحينة) بين مجاري الشوارع ووساختها .. باحثة عن لقمة  له بين فضلات المطاعم وبقايا المرازل وعفن النفايات .. (لك الله يا محينة) ...
ولتأخذنا الخطوات صوب مضارب العشيرة .. منطقة ميلاده وأصله .. وهل ولد في قرية (المحينة) بالجزيرة الـ (كانت سابقا خضراء) .. والآن تموج فسادا بقايا إدارتها وبورا تشبعت به الأرض الحبلي .. تستغيث كلما فاض النيل .. وكشرت دميرته عن أنيابها .. والأرض البور تناديه .. تعال وأبتلعني .. ولكن يمر النيل بالجزيرة مر الكرام .. عكس (كابتن المحينة) حيث يمر به اللئام ...

أين أهل منطقته .. أين أختفت أيديهم من عناق المجني عليه (كابتن المحينة) .. تعالوا خذوه كذبا .. و أنفخوا بأودجته مهاوي الفخر الواهم .. كرموه وأقيموا له مزبلة ومهزلة وسموها .. تكريما .. على أقل تقدير سيدرك أنها أول خطوات موته .. وأنه سيره شارف الانتهاء .. ولكن رجاء أميتوه بشرف .. أرسموا له درع خشبي وأنحتوا على قماش بالي (أنه كان بطلا مغوارا) .. وقدموه له ووثقوا له الأمر .. حتى يعتقد أنه حقيقة .. وليس وهم او خداع .. أكذبوا عليه فقط .. حتى يشعر أهله بالنخوة فيستدعوه بين أحضانهم .. أبسطوا له يا عشيرته في أول خطوات لحده .. حتى يفتخر به أهله ...

ومازال السؤال ينطلق .. أين الأهل .. أين الأسرة .. أين العشيرة وأقران منطقة ميلاده .. ولن تجد أجابة للأسئلة سوي على الثوب المهترئ و الشعر الأشعث الأغبر عنوان (كابتن المحينة) .. أين وأين و أين .. ولكن لعجب الأمر .. وأنا أنظر ثوبه المهترئ وشعره الأغبر .. أتذكر ما تعلمناها في المرحلة الأبتدائية .. عن السلسة الغذائية .. بدء و أنتهاء بالأرض .. مرورا بنباتاتها .. وحيواناتها العشبية .. ثم اللاحمة .. ثم عودا إلى الأرض .. فإن بدأت بأسرة (كابتن المحينة) .. ستجدها تعاني الأمرين في قوتها .. وأن بقاءهم بين العشيرة والأرض صار مستحيلا .. فتأخذك السلسلة تجاه العشيرة ليقولوا لك (وأين من أعطاهم الجهد وبذل العرق في سبيلهم .. وعندها ستجد الإجابة .. من ثالث المتسلسلة (فريق الموردة) أن الدولة لا تهتم بهم ولا تدعهم .. وإن عرجت على الدولة .. لوضعت أولا في مهاوي الوري وأوكار الأمن .. ثم تعرف أن أموال الدولة تدار بواسطة بطانة السوء .. وبطون لا هم لها سوى طحن الشعب المنكوب على أمره .. (أرايتم كيف هو استعجابي من الأمر ) .. أن السلسلة الغذائية تعود للأرض .. تعود للبطون الطاحنة للشعب .. وجعلت (كابتن المحينة) مهترئا مسحونا مسحوقا تحت وطأة الجوع ومذلة السؤال .. (لك الله يا محينة) ...

ثم تقودنا الأقدام أوكار النادي العريق .. نادي (الموردة) .. شهرة غطت الأفاق .. مدرسة حاضرة عن القوة و المهابة .. أرعبت أهل (القمة) زمنا طويلا .. نادي الموردة تاريخ عريق .. لا شك لا شك .. ولكن ما يجري لـ (كابتن المحينة) الآن يدل على أنه .. أي نادي الموردة .. لم يكن عريقا بأي حال .. وليس هذا سجلا حافلا .. بأن تجعل أحد أبناءك يلتحفون الشارع و يلتقمون بقايا المطاعم و النفايات .. ثم تأتي لتقول .. أن الدولة لم ولن تهتم بنا وتدعمنا .. ستبحث أخس الأسباب بلا شك .. لتعري حقيقة الدولة العارية أساسا .ز ولتعري حقيقة الموقف .. في حين أن خطوات (كابتن المحينة) بين النفايات و القذارة .. هي اكبر تعرئ وفضح لنادي (الموردة) .. وسيظل الأخير خارج إطار العراقة و التاريخ حتى يستر (كابتن المحينة) .. مما حل به وجعله يتسول على بقايا المطاعم و مزابل النفايات .. ( لك الله يا محينة) ...

والآن حانت اللحظة لهروبي .. لقد دخلت وكر الدولة قبلكم يا سادة .. ولست اعلم الغيب .. ولكن سيظل (كابتن المحينة) رفيقا للمزابل و النفايات و (الكوش) .. ليست كوش الزواج حتما .. بل هي (كوش) النفايات .. لقد هلكنا يا سادة من تفرعن البطانة الحاكمة وسحنها وسحقها لهذا الشعب المنكوب على أمره .. أنا أعلم تماما ما سوف تفعله الدولة .. فبدلا من أن تهتم وتنقذ من تستطيع إنقاذه .. ستجري مكبة على وجهها ساعية .. لإسكات وخرس من تستطيع إسكاته .. (لك الله يا محينة) ...

وعودا على بدء .. والحزن يتعمق داخلي للحالة الميئوس منها .. حالة (كابتن المحينة) .. سأظل حبيسا و الشعب المنكوب على أمره يعاني .. من ظلم المتسلطة .. ولكن سيظل (كابتن المحينة) .. حالة من نور تعرينا من حالنا ومن ما آل إليه .. ستعري أهله وعشيرته ومنطقته ونادي (الموردة) و البطانة الحاكمة .. البارزة لأسياطها .. تلهب بها ظهر الشعب السوداني المنكوب على أمره .. (لك الله كابتن المحينة) ...

وقبل أن أغادر أشير إلى أمر تم نشره على صفحات الفيسبوك عن مهزلة (كابتن المحينة) .. أكثر من ستون تعليق .. ولا احد منهم حاول تبنئ الأمر .. ولو من قبيل المظاهر .. او حتى مجرد محاولة الاتصال بأسرته .. بل تحولت المهزلة لأثبات أن (كابتن المحينة) ليس هو من أطلق عليه لقب (السد العالي) .. و الذي أطلق على لاعب الهلال الراحل (سليمان فارس) .. هكذا تحول الأمر سادتي .. تحول إلى مهزلة أثبات أن (كابتن المحينة) ليس هو السد العالي .. بذمتكم .. ألا تذهب همتنا وتموت إرادتنا أن رأينا منظر (كابتن المحينة) .. بذمتكم .. أليس ما يحدث هذا .. هو (سد عالي) أمام همتنا وقوة أخلاقنا السودانية .. كما يقال (في الحارة و الباردة) واقفين .. (لك الله يا محينة ) ...