الأربعاء، 18 مارس 2015

كيف تدخل الغابة .. الوطن الذي لا وجيع له .. لك الله يا (كابتن المحينة)



بسم الله و الحمد لله

كيف تدخل الغابة (30)
الوطن الذي لا وجيع له

لك الله يا (كابتن المحينة)


إنه لأمر مثير للحزن .. يترقرق كما الدمع بين المآقي .. يبشر أن القادم أسوأ من عاصفة ترابية في بداية الخريف ونهاية الصيف .. مترع الأحزان بما حل بذاك الفذ .. الذي قدم للوطن ولأرضه ولأهله عصارة جهده .. وهذا ما  آل إليه حاله .. هذا مسدار الوطن وقائده وبطانته الخربة .. وشعبه المنكوب على أمره بمنطق السكوت و اللهفة وراء الرزق .. و الجري وهم يدركون أن الجري وراء الرزق بهم وغم ما هو إلا ابتلاء من الله .. هم يدركون أن الحاكم المستبد بفعل أيديهم .. شعبنا المغلوب على أمره .. شعب لوطن يغوص بأوجاعه وتظهر رفاهية حاكميه وزبانيته ...

يزهر الواقع في بعض الأحيان .. أقلاها طبعا لا أكثرها .. بفعل بعض أبناء الشعب .. ولكن تسوء الخواتم دائما .. تبشر خير بداياته فيفرح الشعب المغبون .. وتسوء النهايات لنرى الهمم تشيخ وتذهب الإرادة صوب المقبرة دافنة نفسها .. وبعضنا يرى ما آل إليه حال البعض .. وخاصة بما قدموه ...

إنها مأساة أن نرى قامة عالية .. قدمت في ميادين الوطن و في مجال الرياضة خاصة .. قدم الكثير من الإبداع مع فريق الموردة الأمدرماني  .. إنه كابتنها في حقبة وعصر الثمانينات .. كابتن (سليمان دفع الله المحينة ) .. وحيث تراه العين الآن يجوب الشوارع بجلباب رث الهيئة و المنظر .. يمد يده يشحذ سواء كان أكل او مال .. يمد يده بشعر متشعث .. يلتحف الأرض ولا يغطيه ولا يستره شئ سوي جلبابه الرث الشكل .. المنفر الرائحة .. والكثير عندما يراه يعتقد أن به لوثة جنون .. ولكنه عاقل غاب عنه .. حن الأسرة و الأهل .. أفل عنه بدر عشيرته .. غابت شمس رفقائه بفريق الموردة لعيبه وإدارة .. خسفت به الحاكمة مستنقع التسول و الشحذة ...

لا نريد أن نخوض فيما قدمه للوطن .. فالكل يشهد .. حتى أرض ملاعب العاصمة شهدت بعطاء أقدامه ..
ولكن نريد أن نتبع الخطوات و عرض الحال الواقعي .. وأسباب ومسببات هذا الأمر الشائن بمعني الكلمة .. الأمر الذي يدفع بنا للتأسي و للحزن ولأستراق الدمع ليتسرب عبر المآقي .. شاهدا أوجاعنا .. كما شهدت أرض الملاعب وقع أقدام وأنفاس وجهد (كابتن سليمان المحينة) ...

ولنعرج أولا على أسرته وأهله .. وتنطلق أسئلة كثيرة .. وأولها لماذا تم رمي (المحينة) بهذا الشكل التافه .. وهم يعلمون أنه ليس مجنونا .. ولكن لتركه وأسترزاله من قبل الآخرين فقد فضل حياة المتسولين .. يشحذ أكله وعيشه .. حيث لم ترأف به شيخوخته .. لماذا تركه أهله .. وهل أسرته تقيم في الخرطوم أم ماتزال بـ (المحينة ) بأرض الجزيرة الخضراء .. عذرا (سابقا كانت خضراء) .. وعودا لرضاب موضوعنا .. فقد تشبعت النفس ألما وهي ترى عوامل السن المتأخرة و الشيخوخة و ترك الأهل له .. قد ساهموا كثيرا في تردي حال (كابتن سليمان) .. وإن الجزء الذي يظل صعبا عصيا على النفس .. يؤلمها من أعماقها .. هو ترك أهله له .. ما السبب يا ترى .. وفي رأي .. وهو مجرد رأي لا أكثر .. في رأي أنهم تركوه .. أي أهله .. تركوه وهم يعلنون في قرارة أنفسهم أنهم لا يستطيعون العناية به .. مثلما حال الغرب وحتى بعض المسلمين .. يدفعون بالشيوخ إلى ملاجئ ومنازل المسنين للرعاية بهم .. و الفرق هنا أن (كابتن المحينة) قد دفع به إلى عرض الشارع .. و الفاعل الأول هو أسرت لا ريب لا ريب .. أسرته وأهله هم الجاني الأول مهما كان الأمر .. ومهما آل إليه .. ومهما وصل بهم الحال ولو إلى المدقع (الفقر اللعين) .. فالأولى هو احتضانه بين أفراد أسرته وتغطيته بعطف الأهل .. و التصدق عليه بترابط الأهل و إجتماعياتهم والذي هو حق أصيل مكفول لـ (كابتن المحينة) .. ولكن يبدو أنه بين أفواه العائلة الباحثة عن سد الرمق و السواعد الباحثة عن عمل تجني بها كسبها .. في زمن إمتدت أذرع البطانة و حاكمها ليتغولوا عليهم .. مما أدي إلى أن يلفظ ويرمي (كابتن المحينة) بين مجاري الشوارع ووساختها .. باحثة عن لقمة  له بين فضلات المطاعم وبقايا المرازل وعفن النفايات .. (لك الله يا محينة) ...
ولتأخذنا الخطوات صوب مضارب العشيرة .. منطقة ميلاده وأصله .. وهل ولد في قرية (المحينة) بالجزيرة الـ (كانت سابقا خضراء) .. والآن تموج فسادا بقايا إدارتها وبورا تشبعت به الأرض الحبلي .. تستغيث كلما فاض النيل .. وكشرت دميرته عن أنيابها .. والأرض البور تناديه .. تعال وأبتلعني .. ولكن يمر النيل بالجزيرة مر الكرام .. عكس (كابتن المحينة) حيث يمر به اللئام ...

أين أهل منطقته .. أين أختفت أيديهم من عناق المجني عليه (كابتن المحينة) .. تعالوا خذوه كذبا .. و أنفخوا بأودجته مهاوي الفخر الواهم .. كرموه وأقيموا له مزبلة ومهزلة وسموها .. تكريما .. على أقل تقدير سيدرك أنها أول خطوات موته .. وأنه سيره شارف الانتهاء .. ولكن رجاء أميتوه بشرف .. أرسموا له درع خشبي وأنحتوا على قماش بالي (أنه كان بطلا مغوارا) .. وقدموه له ووثقوا له الأمر .. حتى يعتقد أنه حقيقة .. وليس وهم او خداع .. أكذبوا عليه فقط .. حتى يشعر أهله بالنخوة فيستدعوه بين أحضانهم .. أبسطوا له يا عشيرته في أول خطوات لحده .. حتى يفتخر به أهله ...

ومازال السؤال ينطلق .. أين الأهل .. أين الأسرة .. أين العشيرة وأقران منطقة ميلاده .. ولن تجد أجابة للأسئلة سوي على الثوب المهترئ و الشعر الأشعث الأغبر عنوان (كابتن المحينة) .. أين وأين و أين .. ولكن لعجب الأمر .. وأنا أنظر ثوبه المهترئ وشعره الأغبر .. أتذكر ما تعلمناها في المرحلة الأبتدائية .. عن السلسة الغذائية .. بدء و أنتهاء بالأرض .. مرورا بنباتاتها .. وحيواناتها العشبية .. ثم اللاحمة .. ثم عودا إلى الأرض .. فإن بدأت بأسرة (كابتن المحينة) .. ستجدها تعاني الأمرين في قوتها .. وأن بقاءهم بين العشيرة والأرض صار مستحيلا .. فتأخذك السلسلة تجاه العشيرة ليقولوا لك (وأين من أعطاهم الجهد وبذل العرق في سبيلهم .. وعندها ستجد الإجابة .. من ثالث المتسلسلة (فريق الموردة) أن الدولة لا تهتم بهم ولا تدعهم .. وإن عرجت على الدولة .. لوضعت أولا في مهاوي الوري وأوكار الأمن .. ثم تعرف أن أموال الدولة تدار بواسطة بطانة السوء .. وبطون لا هم لها سوى طحن الشعب المنكوب على أمره .. (أرايتم كيف هو استعجابي من الأمر ) .. أن السلسلة الغذائية تعود للأرض .. تعود للبطون الطاحنة للشعب .. وجعلت (كابتن المحينة) مهترئا مسحونا مسحوقا تحت وطأة الجوع ومذلة السؤال .. (لك الله يا محينة) ...

ثم تقودنا الأقدام أوكار النادي العريق .. نادي (الموردة) .. شهرة غطت الأفاق .. مدرسة حاضرة عن القوة و المهابة .. أرعبت أهل (القمة) زمنا طويلا .. نادي الموردة تاريخ عريق .. لا شك لا شك .. ولكن ما يجري لـ (كابتن المحينة) الآن يدل على أنه .. أي نادي الموردة .. لم يكن عريقا بأي حال .. وليس هذا سجلا حافلا .. بأن تجعل أحد أبناءك يلتحفون الشارع و يلتقمون بقايا المطاعم و النفايات .. ثم تأتي لتقول .. أن الدولة لم ولن تهتم بنا وتدعمنا .. ستبحث أخس الأسباب بلا شك .. لتعري حقيقة الدولة العارية أساسا .ز ولتعري حقيقة الموقف .. في حين أن خطوات (كابتن المحينة) بين النفايات و القذارة .. هي اكبر تعرئ وفضح لنادي (الموردة) .. وسيظل الأخير خارج إطار العراقة و التاريخ حتى يستر (كابتن المحينة) .. مما حل به وجعله يتسول على بقايا المطاعم و مزابل النفايات .. ( لك الله يا محينة) ...

والآن حانت اللحظة لهروبي .. لقد دخلت وكر الدولة قبلكم يا سادة .. ولست اعلم الغيب .. ولكن سيظل (كابتن المحينة) رفيقا للمزابل و النفايات و (الكوش) .. ليست كوش الزواج حتما .. بل هي (كوش) النفايات .. لقد هلكنا يا سادة من تفرعن البطانة الحاكمة وسحنها وسحقها لهذا الشعب المنكوب على أمره .. أنا أعلم تماما ما سوف تفعله الدولة .. فبدلا من أن تهتم وتنقذ من تستطيع إنقاذه .. ستجري مكبة على وجهها ساعية .. لإسكات وخرس من تستطيع إسكاته .. (لك الله يا محينة) ...

وعودا على بدء .. والحزن يتعمق داخلي للحالة الميئوس منها .. حالة (كابتن المحينة) .. سأظل حبيسا و الشعب المنكوب على أمره يعاني .. من ظلم المتسلطة .. ولكن سيظل (كابتن المحينة) .. حالة من نور تعرينا من حالنا ومن ما آل إليه .. ستعري أهله وعشيرته ومنطقته ونادي (الموردة) و البطانة الحاكمة .. البارزة لأسياطها .. تلهب بها ظهر الشعب السوداني المنكوب على أمره .. (لك الله كابتن المحينة) ...

وقبل أن أغادر أشير إلى أمر تم نشره على صفحات الفيسبوك عن مهزلة (كابتن المحينة) .. أكثر من ستون تعليق .. ولا احد منهم حاول تبنئ الأمر .. ولو من قبيل المظاهر .. او حتى مجرد محاولة الاتصال بأسرته .. بل تحولت المهزلة لأثبات أن (كابتن المحينة) ليس هو من أطلق عليه لقب (السد العالي) .. و الذي أطلق على لاعب الهلال الراحل (سليمان فارس) .. هكذا تحول الأمر سادتي .. تحول إلى مهزلة أثبات أن (كابتن المحينة) ليس هو السد العالي .. بذمتكم .. ألا تذهب همتنا وتموت إرادتنا أن رأينا منظر (كابتن المحينة) .. بذمتكم .. أليس ما يحدث هذا .. هو (سد عالي) أمام همتنا وقوة أخلاقنا السودانية .. كما يقال (في الحارة و الباردة) واقفين .. (لك الله يا محينة ) ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق