الأحد، 30 يونيو 2013

الاديب



بسم الله و الحمد لله

سياحة بين معالم الأفكار

الأديب

بين الدين و الدنيا

بمنتدى أدباء وشعراء العرب .. بعض البنود المثيرة لملاحظات أي كاتب .. ويجب أن تطلع على البنود قبل أن يبتدئ قلمك المسير بين غابات الإحتطاب الكلمي .. والبنود محددة بدقة متناهية .. وهذا التحديد ليس سوى قيود هي فى حقيقة الأمر طاردة لكل فكر ما .. يغيب عنه وازع الضمير .. ويغيب عنه إحترام الخط الأحمر وعدم تعديه .. سواء كان هذا الفكر حسناً من جهة او سيئاً من أخرى ...
ورجاءاً خاص من أختي الفاضلة ليل الحورية والإخوة بالمنتدى أخذ ما سأطرحه بمنطق العقل .. لأن أخذه من إتجاه آخر قد يؤدى إلى فهم خاطئ .. فأنا سعيد جداً حقيقة بتلك الإستضافة القيمة التي منحنى لها الإخوة بمنتدى أدباء العرب .. وأقل ما يمكنه تقديم لهم هو كل تجلة وإحترام وتقدير ...
أحد هذه البنود التي يجب الإطلاع عليها يطالب بأن تكون كتاباتك فى حدود الشرع الإسلامي .. والذي هو موجود بيننا ولا يزال ..  ولكن غلب الطابع الغربي والشرقي الأقصى على أفكار معظم الأدباء العرب والمسلمين فيما يسمى بالطابع التجديدي او ما بعد الحداثة كما يوصف فى بعض الأحيان ...
وليس فخراً بنفسي فرغم ميلي لبعض الأفكار المستحدثة الناطقة بحرية السياحة في الفكر الأدبي .. إلا إن توحيدي بالله فى بعض إتجاهات كتاباتي قد يضيفني لأحدى السمات الرئيسية للمتشددين فى الدين الإسلامي .. وهذا ببعض أفكاري ...
كل تلك المقدمة وما هو آت بعدها صفته من قبيل التعرف على ملامح ما أنا شارع للإحتطاب بين أشجاره الظليلة العظيمة الثمر بدنيا الكتاب والأدباء ...
فالأديب عموماً سواء كان المنتهج غاية الحرية او المستثنى للحرج الفكري من بعض متلازمات الفكر الأدبي .. فهذا او ذاك لن يخرجا من نطاق ( عدم التقيد ) فى الفكر الأدبي .. حيث يسرح مع الأفكار المتوالدة تبعاً .. عندما يخط يراعه أول أحرفه بقصة او شعر او نثر او مقال او رواية او حتى بعض الخواطر الأدبية القصيرة .. حيث يتتابع التدفق السلس للأفكار فى طريق لا تحده قيود ..
والبعض يتمسك بما خطه عقله .. ام البعض الآخر فحياء يزيل بعض ما خطته حرية يراعه الزائدة عن الحد ...
وعندما يسوق توالد الأفكار روح الأديب .. فيؤدى هذا إلى الوقوع فى براثن الأخطاء وإنبثاق الفكر المناهض للأدب وحسن الخلق فى حد ذاته .. ومن يتمسكون به تتعلل أنفسهم بان ما خطه هو نوع من أنواع الأدب ...
هذا الأمر هو واحد من المتعارضات مع ذلك المطلب المحدد تحديداً دقيقاً بمنتدى أدباء العرب .. ووجهة النظر هذه تؤدى إلى إبتعاد البعض من الكتاب الذين يعتمدون الإنطلاقة الكاملة للفكر سواء كان يسئ لبعض تعاليم ديننا الحنيف او يحسن إليها ...
هذا الأمر يقودنا إلى سؤال أول .. وهو : هل الثقافة الجنسية وكيفية وصف تأثيراتها الحسية والمادية بأسلوب أدبي ، شعري ، روائي او نثرى .. هل يجب محو تلك الثقافة من أجندة فضاء كتابات عالمنا الإسلامي .. لتعارض الحديث عنها بفضح مع مبدأ الحياء الإسلامي ...
والكثير منا يدرك أن الجنس هو عندنا من المخجلات فى موائد عالمنا الإسلامي .. او هو من المحرمات فى عالم الشرق العربي او الإسلامي .. وهذا يقودنا للسؤال الثاني .. وهذا بإفتراض قبولنا لمبدأ الجنس فى أي هيئة رأيناها .. والسؤال الثاني فى حد ذاته هو أحد المعضلات التي تواجه الأسر المسلمة عموماً .. والسؤال هو عن : كيفية إيصال المعلومة الأصيلة الواقعية المتجردة من كل ميوع إلى ذهن المراهقين من قبل الأبوين ...
وبالتأكيد سيسكت الجميع ليتركوا المراهق لينال مبتغاه من معلومات من أقرانه او ممن حواليه من هم فى عمره او من يقع فى طريقهم من ممارسي العزف على أيقونات تلك العوالم ...
وما جعلني آتى بالسؤال الثاني ووجه الغرابة المتناهض حول وجوده .. هو الأفكار المتوازية للأديب والمراهق .. وأرجو أن لا يفهم البعض تشبيهي على وجه آخر غير الذي أقصده .. فأفكار الأديب تتسلل وراء حرية الفكر الأدبي اللآمحدود .. بينما يسعى المراهق فى البحث عن حرية الفعل المطلق .. وكلا الإثنين سواء .. فالأديب يتلذذ بأفكاره بينما المراهق يتلذذ بأفعاله .. ولكننا نجد الفرق يتمثل فى أن الأديب يصنع عالما يمتلئ جمالاً لمتذوقي كتاباته .. بينما المراهق يصنع عالماً مخيفاً هداماً بالنسبة لشرف الآخرين وأعراضهم .. مما يعيدنا للقوقعة الأولى ألا وهو التصريح عن الفكر الجنسي سواء كان بطريقة الأديب او بطريقة المراهق .. تقودنا إلى هدم معالم الأدب الأولى ألا وهى أطر الحياء .. و الذي بالتالي يدخل الأديب فى بنود وصفات الكتاب اللآخلاقيين ...
كثيرون من قد يختلط عليهم وجه المقارنة بين الأديب والمراهق .. ولكن هذا لا يهم كثيراً بقدر أهمية طرح الثقافة الجنسية بين أسطر كتابات أديب ما او شاعر ما ...
وأتساءل كذلك بمدخل آخر .. على إعتبار أنه نقطة نقاش ثالثة بعد السؤالين الأولين .. ألا وهى طرح تلك الأفكار فى بوتقة أصعب مطالبها التقيد بضوابط معينة .. وهذا ينتج مبدأ رابع .. ألا وهو قبول الكاتب او رفضه أن يدخل النص مبتوراً إذا وافق على تلك الضوابط ...
وحتى وإن وافق الكاتب .. فهل يقبل النص الأدبي فى حد ذاته بأن يصبح مبتوراً .. ورفض النص الأدبي لبتره يأتي من سياق إطلاع القراء عليه .. و الذين يحسون بأن كينونة النص ناقصة او هي مبتورة عمداً من الكاتب او غيره .. مما يؤدى إلى الإحساس ببشاعة النص وقبحه ...
عذراً سادتي .. ولكنها سياحة جزئية بين أفكار الدين والدين بالنسبة للكاتب او الأديب .. وهى تعترينا من حين لآخر ليحس الفرد منا بأنه وسط غابة شائكة عندما ينوى الإحتطاب ...
ولنا عودة
و الحمد لله على ما أراد الله




الأربعاء، 26 يونيو 2013

الفعل ورد الفعل ... !!!!



بسم الله والحمد لله

الفعل ورد الفعل !!!


العنوان لا يوحى بالكثير .. قد يكون بعض العالمون ببواطن الفيزياء سيتبادر إلى ذهنهم أننى فيزيائى او شئ من هذا القبيل .. وقد يعتقد البعض بأننى لا أحدث عن ما هو يمكن أن نطلق عليه : (ذا أهمية ) .. وإن كان فى رأى هو ليس بذا أهمية فقط .. بل هو يفقد كل ما يمكن أن يكون بجانبه .. النظرة المهمة .. هذا فى ثياق وضعنا كل المواضيع فى نقطة واحدة ...
ولكن ما سبب ذكرى للنظرية الفيزيائية وما إرتباطها بالموضوع الذى سأناقشه آنفاً .. فقد كان النقاش بزمان ما وبمكان ما قريبين بما يكفى لعصرنا الحاضر .. فقد دار النقاش فى تلك الجلسة المعنية حول موضوع دور الأب والأم فى الأسرة .. وبداية إنطلقت الكرة بمهل تقبل شفاه الحاضرين بنطقهم الجميل فى ميدان دور الأب والأم .. ولكن لسوء حظ تلك الجلسة فقد تحول النقاش برمته حول المساواة بين الرجل والمرأة وظهرت نظرية الفعل ورد الفعل واضحا تماماً فالفعل رجل ورد الفعل إمرأة .. ولحسن حظنا فقد أوضح تباين الأراء عن مدى الخطأ الكبير فى الذين يميلون برأئهم لمساواة الرجل بالمرأة ..
وأجمل ما ذكر فى ذاك النقاش مقولة رئيسة الوزراء الهندية أنديرا غاندى .. عندما سألوها عن كيفية عيشها بين حياة الوزارة والحياة الزوجية .. فردت :
عندما تطفأ الأنوار فالرجل رجل والمرأة مرأة !!
وسنعود لبعض المقارنة و المناقشة عن قول الرائعة أنديرا غاندى عن الحياة الزوجية ...
وحقيقة لاأريد أن أتحدث عن دور الرجل فى المجتمع .. فالرسول صلى الله عليه وسلم ذكر فى حديثه : كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته .. وهذا الحديث يكفى تماماً لفهم واجبات الرجل او الزوج فى عائلته .. وباللغة التخلفية القديمة حسب رؤية المرأة .. فهو الآمر الناهى بدون شك .. المتابع والمراقب لتصرفات جميع أفراد عائلته بما فيهم زوجته ...
ولكن المرأة لا تجد ذلك مستثاقاً لها .. بل هو بطعم العلقم او الحنظل فى حلقها .. وأنمأت شجيرة كيدها الشيطانية مبدأ المساواة مع الرجل .. وياللعجب فالمسلمات يتحدثن وبالفم المليان عن هذا الأمر والذى فيه خلاف صريح وواضح لأوامر الله عز وجل ...
وبدءاً عن دور المرأة فى الأسرة فهو تنفيذ تام لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وأولها : القائل بأن حق الرجل على المرأة .. إذا نظر إليها سرته .. وإذا غاب عنها حفظته .. وإذا أمرها أطاعته .. والحديث القائل : لو أمرت أحداً بالسجود لغير الله لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها .. وكلام عز وجل الآية : ( .. وقرن فى بيتوكن .. ) .. والكثير من الدلالات والقرائن الدالة على أن المرأة ما هى واحد من رعايا الرجل .. إن كانت زوجته او من محارمه ...
ولكن لنأتى لتفنيد أحد الحديثين .. فالأول نصه ( إذا نظر إليها سرته .. وإذا غاب عنها حفظته .. وإذا أمرها أطاعته ) .. الحديث واضحاً وبدون شك .. ولكن ماذا تفعل الأم المربية فى زمن العولمة او حاضر بنت السعداوى المجحفة فى حق الله .. والتى أهدر دمها من بعض المتعصبين وفى رواية كفرت وثبت ردها كما هى حال نصوص الملل الخارجة او المتشددة .. فإذا نظر الزوج إلى زوجته فستمحى جميع الإبتسامات زيادة على صدق ظن الرجل بأن زوجته على وشك بدء إطلاق صاروخ مستكشف لفضاء جيب الرجل .. هذا إن وجدت إبتسامة .. وزيادة على ذلك فالتجهم يرتسم على وجه الزوجة كبداية نكدية صباحية .. ثم نأتى للمبدأ الثانى .. إذا غاب عنها حفظته .. ويا لسرية الأقدار من معاشر الرجال .. فبعض النساء يفهمن ذلك الجزء بأنه حفظ أسرار الرجل فقط .. ولسوء التربية الآتية من مقالعها .. ففى إعتقادها أن جسدها ليس تابعا لمبدأ الحفظ .. ولتفهم المرأة حتى وإن كانت تكيد كما قول الله ( إنه من كيكدن وإن كيدكن لعظيم ) .. فالحفظ هو حفظ  أنواع الجوارح فى المرأة بدءاً من عيونها وإنتهاء بشهواتها الداخلية .. أى شئ من حق الرجل فالمرأة أولى بحفظه .. ولا يجب أن تكشف أسراره حتى ولو كان لأمها .. فلتعلم المرأة إنه ما إستشارت إمرأة إمرأة أخرى إلا وطبقت آية الكيد حرفيا كما دل القرآن ...
أما الأمر الثالث فقد غاب إلى الأبد والمرأة تصير الناهى الآمر .. لا تسمع حديث زوجها وعلى إستعداد تام لتبدأ المعركة مع زوجها ليشاهد الأطفال أفلام حية عن مصارعة الديوك التى إنتشرت بكثرة فى الآونة الآخيرة .. فبدلاً من مشاهدة مناقرة الديوك أنصحك بمشاهدة مناقرة الزوجين فى عشهما الذى سيكون بالتأكيد فى تلك اللحظات قد خرب تماماً ...
حقيقة أنا لست ضد المرأة بكل تأكيد .. وكأى رجل فأنا محتاج لنصفى الآخر .. فإذا لم يكن الرجل كذلك فهذا معناه إنه مصاب او مريض بداء ما عفانا الله وإياكم من الأمراض .. ولكن حال المرأة لا يسر .. فالمرأة حتى عهود ليست بالبعيدة كانت تلبس ساتراً يقيها الشرور الذئبية .. أما اليوم فحدث ولا حرج .. فبعضهن يرتدى ما يمكن أن يسمى ملابس داخلية لتوهم خلق الله بأن هذه موضة العصر الحديث .. او عولمة زماننا .. والرسول صلى الله عليه وسلم أشار فى حديث له إلى أن معظم أهل النار من النساء .. فهل تفتكرون سادى أن نساءنا لن يكن بين تلك الزمر ...
وهذا الأمر يذكرنى أحاديث الجنوبيين فى وفاة جون قرن .. فالكل يتحدث عنه بعظمة وإفتخار .. ولكن كل مسلم وكل مؤمن يعلم تمام العلم أن جون قرن مصيره النار .. ليس شهيداً بكل تأكيد .. وتطبيقى لفهمى حول هذا الأمر فقد تردى المرأة على أقلاها ملابس ضيقة تظهر مفاتنها لعيون الرجال .. فهل تفتكرون سادتى أنها ستعشش فى الجنة هنية رضية ...
وإن كان الإيجاب نعم لظنكم خيراً رحمة الله فهذا لا أسميه سوى إستخفاف بالله عز وجل .. وأعوذ بالله أن اكون من الجاهلين ...
وكذلك لنسأل أنفسنا .. لما بعث الله مترفينا ليفسقوا فينا .. لدرجة أن تصل الحرة مرحلة الزنا .. وكثير منا للأسف يتحسر .. وإن لم تعلموا معشر النساء مع إن ما سأذكره يجيش بالنظرة العنصرية .. فمعظم الشباب او المترفين الذين يقودون دواب الله يتحسرون بلسانهم عن فتاة ما واقفة فى شارع عبيد ختم بقولهم : هذه بنت عرب .. وياللأسف فدواخله لا تفرق بين بنت عرب او بنت حمير .. فالمهم هو أن يفرغوا شهواتهم .. ولم يدروا بعد او لم يعوا القول : الزانى يزنى ولو فى جدار بيته ...
وعوداً على بدء .. فلنسأل أنفسنا لما تفشى الزنا بهذه الفظاعة .. وكل الفتيات اللائى فى شارع الله او فى وظيفة او حتى فى دارها لن تكون مضمونة كما يقول الشباب .. ووصل الأمر لدرجة الإستهزاء بأن يقول بعض الشباب يكفى أن تجد واحدة تعرضت فقط للقبل والهمس واللمس .. ولم تزنى ...
هذه أفعالنا سادتى .. بأيدينا فعلنا ذلك .. بأيدينا أعطينا الحرية التامة للمرأة فظهرالزنا .. ما إيتلت أمة بالزنا إلا  وكانت فى غضب الله دون شك ..
لم ننفذ أمر الله ( قرن فى بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) .. فحق أمر الله فينا .. حقت لعنة الله علينا ( إذا أراد الله بأهل قرية سوء ...) .. ولنسأل انفسنا لما يرد الله بنا السوء ونحن أفضل الأمم .. ولكن لنعلم أن هذا عقاب فالأول وإمتحان فى الجزء الثانى ...
وليس لنا أن نقول سوى حسبنا الله ونعم الوكيل ...
حسبنا الله ونعم الوكيل ...
هذا سادتى ما فعلته المرأة بنا .. طبقت نظرية رد الفعل الموازية والمضادة والمساوية فى القوة للفعل نفسه .. للرجل الذى أمره الله بأن يكون راعياً فى أسرته ليغدو حال الرجل مرعياً من جهة الراعى الجديد .. إذن فلنجهز أنفسنا أيها الخراف لمسايرة الراعى الجديد .. عله يحضر لنا علف من الجنة الوهماء .. والتى دوماً ما نتحسر عليها بأن حواء هى من أخرجتنا من ذاك النعيم ..
هذا سادتى رد الفعل .. فالله سبحانه وتعالى لم يجعل المرأة رد فعل للرجل .. بل خلقها من ضلع فيه وليس من أضلع جسده كلها ..

حسبى الله ونعم الوكيل

الحالة التاسعة ... الرجل بعنق الدياسة

بسم الله و الحمد لله
الحالة التاسعة
الرجل بعنق الدياسة

حدوث هذا الأمر أعزوه لشيئين الصدفة او الأقدار .. والآخيرة دوماً ما تحمل لى أشياء تجعلنى فى حالة غضب دائم على المرأة عموماً ...
وجدته بحالة يرسى لها .. لا أعرفه لا من قريب ولا من بعيد .. صادفته بمنضدة على أحد مطاعم الخرطوم الشعبية بقرب منضدتى .. ويبدو عليه أنه ينتظر أحدهم ليأتى بصحن الفطور .. وظنى يتدرج تجاه رجل آخر صديقه او أخاه ذاك الذى سيأتى بالفطور .. ولكن ما أثارنى فى ذلك الرجل الجالس منتظراً هو ذلك الإستياء المتبدي على وجهه وهو يطالع إحدى الصحف السيارة .. فلم يكن الإستياء بسبب الجريدة او بسبب خبر منقول يثير كثير من الحزن فى باطن وطننا الذى غدا لا وجيع له ...
وفجأة وأنا أتناول وجبتنا الشعبية .. التى لا يتناولها سوى ثلاثة .. السودانيين والمصريين والخيول .. وأنا أكل .. ولإمتلاء المطعم بالرواد جاء شاب يحمل طبقه الممتلئ بالفول الشهى .. ولم يجد سوى تلك المنضدة الجالس عليها الرجل المستاء المنتظر لزميله ليأتى بطبق الفول .. وجلس الشاب وإن لم أضع له فى البداية أى إهتمام .. لأن الرجل المستاء أخذ كل إهتمامى .. ومن ثم سمعت إسمى ينطق من المنضدة لأجد الشاب ينادينى به .. صديق قديم إلتقيت به فى أحد مراحل حياتى .. وصلتى به كانت جميلة أيام تلك المرحلة .. ولكن الخوالى أصرت أن تباعد بيننا .. ورغم ذلك كنا نلتقى بين حين وآخر ليحكى كل منا للآخر ما يجول فى حرمه من معارك ضارية للحياة .. واخذنا نتناول بعض الأحاديث بين الفينة والأخرى ونحن نتناول إفطارنا .. وفجأة جاءت إمرأة تبدو فى العقد الثالث من العمر .. تحمل جمال خفى يثير كوامن الرجال .. وعيناها تدعوانك بشدة للتعرف بصاحبتهما لإغراء بادى الملامح عليهما .. وكانت تحمل هى الأخرى طبق من الفول .. وعرفت لحظتها من ينتظر الرجل المستاء .. ثم وضعت الطبق والصمت بينها وبين الرجل المستاء .. فسألها : أين الملح ؟ .. فلم ترد عليه السيدة سوى بجلب إناء الملح وتضعه بجانبه .. وبدآ يأكلان ...
ولكن تلك الإبتسامة الصفراء التى إرتسمت على وجه صديقى جعلتنى أتنبأ بشئ لا أدرى ما كننه .. فقد كانت نظراته تتطلع إلى تلك السيدة بطريقة لم تعجبنى قط .. وإرتسمت إبتسامة غامضة او مترددة على وجه السيدة تعلن فيها تجاوبها مع صديقى .. والرجل المستاء وضع كل باله على طبق الفول .. ثم هالنى  أكثر ما رأيته بطرف عينى والسيدة تغمز بعينها لصديقى وكأنما تخبره او ترجوه الصمت وهى تشير بعينيها للرجل ...
وبعد ان خلصت إفطارى وإتجهت للمغسلة لأزيل بقايا نعمة ربى بيدى غادياً بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( النظافة من الإيمان ) .. وأنا حامداً ربى ودعواتى أن يديم نعمته على والحمد لله .. عدت بعدها لمنضدة صديقى وجررت كرسى وجلست بجواره وهو يدعونى أن أزود معه .. وكلمات الشكر ينطقها لسانى له يتبعه حمدى لربى بأننى قد شبعت والحمد لله ...
وفى تلك اللحظات نهض الرجل المستاء معلناً إنتهاء فطوره متجهاً نحو المغسلة .. وما أن غادر بمسافة غير بعيدة .. حتى نطق صديقى بإسم السيدة ونطقت هى كذلك بإسم صديقى .. وبينهما إبتسامات وكلمات تنبئ عن لحظات ممتعة جرت بينهما .. ثم أخبرته السيدة بأن ذلك الرجل المستاء هو زوجها المغترب فى إحدى دول الخليج العربى منذ سنين .. دعته ليلتقيها قريباً بعد أن أخذت رقم هاتفه .. وفى تلك اللحظات عاد الرجل المستاء ليتحول صديقى للحديث إلى .. ومن ثم نهضت المرأة لتغسل يديها وبعد لحظات تبعها صديقى .. ولا تفتأ نظرات الرجل المستاء أن تغادر صحيفته .. ولكن ما أن نهض الإثنان حتى تبع الرجل بنظراته زوجته .. ولشدة الهول فقد كانت نظراته تنتطق إستياء عارماً .. ثم تحول الرجل بنظراته إلى ودونما سبب قال لى : هل إلتقينا من قبل ؟ فرددت له بالنفى ولكننى سألته من أى المناطق أنت .. وتفاجأت لإكتشفنا أنا وهو أن لنا مصاهرة ولكن بالقربى البعيدة .. ثم أعلمته بأننى قد كنت فى منزلهم يوم زواج فلان وفلانة .. وبذلك الوقت كان هو مقيماً بالدولة الخليجية ...
وأحسست بأن زوجته وصديقى قد أطالا الزمن فى المغسلة .. التى لم تكن تبين للأعين من منضدتنا .. وعندما عادا وجدونى أتناول الحديث مع الرجل المستاء وكأنما نتعارف منذ زمن بعيد .. فبدر من الرجل سؤال لزوجته عن سبب التأخير .. فردت بان المغسلة كانت مزدحمة .. ثم عرفنى الرجل على زوجته وبدورى عرفته على صديقى .. ثم تناولنا البارد أربعتنا والحديث بيننا عن السودان والغربة والبعد القاسى عن الأهل .. وعيناى بين الحين والآخر تحاول أن تكتشف تلك السيدة الخائنة ...
ثم أخذت من الرجل المستاء رقم هاتفه فى السودان وفى الدولة الخليجية .. وأخبرنى عن نيته فى الرجوع قريباً للدولة الخليجية .. ومن ثم نهضنا وانا اعده بالإتصال به قبل سفره او حتى زيارته .. وعينا صديقى تلتمع مكرأ وعلى آذانه يبدو أن كلمة الزيارة ترددت كثيراً ...
ثم إختلينا أنا وصديقى ليرمى لى سر معرفته بتلك السيدة .. لقد كان يعاشرها جنسياً .. أى بمعنى أنها خائنة .. وكم تحسرت لذلك الأمر .. ومكانة صديقى قد تدنت كثيراً فى دواخلى .. وكذلك حملت بعض الغضب او جزءاً كثيراً منه تجاه تلك السيدة ..  وقد جرى إتصال بينى وبين الرجل المستاء .. وحدثته عن نيتى فى الإغتراب .. ولحظتها حذرنى الرجل وبشدة من الإغتراب .. وخاصة إذا كنت متزوجاً .. ثم رمى لى بما لا يجب أن يقوله لى .. وتحول الحديث نحو أولاده .. فشكا لى من قلة تحصيلهم .. ثم إنتقل بشكواه تدرج نحو زوجته .. وعن أحداث كثيرة جرت من تحت جسره وهو لا يعلم عنها شيئاً .. حيث تمر بعض المصاعب عليه فى عمله ولا يستطيع حينها إرسال مصاريف لأسرته .. ولكن زوجته يجدها قد تصرفت بشكل ما لا يدريه .. وعند زيارته السنوية للسودان .. كان يأتى بعض الرجال بيته وهو لا يعرفهم وزوجته تتزرع بأنهم أقاربها فى تلك الولاية البعيدة النائية عن الخرطوم .. وأنه خاصمها ذات مرة فطلبت الطلاق وكان هو لايملك شئ من المال .. فإضطر للإذعان لمصالحتها خوفاً على أولاده من التشرد .. ورضى بعدها بما تفعله زوجته وهو صامت متألم .. وأنه منذ عودته للسودان فى هذه الزيارة لم يقترب من فراشها وذلك منذ شهران وأكثر .. وانه كثير من الليل تحمله عيونه دون نوم وهو يتقلب بمضجع ألمه لتصرفات زوجته .. وتواصل الحديث بعدها عن أشياء أخرى ...
لقد دخل الرجل المستاء مرحلة الدياسة .. ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( لا يدخل الجنة ديوس ) .. والديوس كما تعلمون هو الرجل الذى لا يخاف ولا يهتم لعرضه او شرفه .. ويجعل نسائه وإخواته يهدرن أشرافهن على مسمع ومراى منه دون أن يحرك ساكناً ...
فالرجل المستاء يتقلب على نار .. أشد حرارة من أى نار فى العالم .. أن تدرك أن شرفك يباع .. وأن زوجتك تعاشر رجال من خلفك .. فما أنت لها سوى حبر على ورق فى مسمى رسمى يسمى الزواج .. ولكن حق الزيجة والمعاشرة يتمتع به رجال آخرون ...
ولكن حالة تلك الرجل حالة رهيبة من الألم كما حدثنى عنها .. كان يتحدث ولسانه يتقطر حنظلاً على نفسه وما آلت إليه بسبب إغترابه .. فالأفضل دائما والأحسن أن تكون بين إثنين .. فلا أعراف هنا فى هذه المشكلة .. ومنطقة الأعراف الموجودة تمتلئ بالألم الرهيب الذى لا يغادر مكمنه أبداً فى جسد المصاب به .. فإما أن تكون غيوراً او تكون ديوساً ..فالرجل غدا فى عنق زجاجة الدياسة .. فإما أن يتجه نحو قاعها .. او يخرج منها بحالتان .. جنون او غيرة شديدة ...
ولشد ما ألمنى حال ذاك الرجل .. وانا أرى زوجته وأم أولاده تخونه .. وهو يعلم تمام العلم ذلك .. ولشد ما آلمنى أكثر حديث صديقى عن زوجته وعن أنها ممتعة لدرجة بعيدة .. إنها تحب المعاشرة بشدة .. وإن كنت أظن أنها على بدايات مرحلة الشبق .. او قريبة منه لكثرة معاشرتها الرجال ...
ولكن سادتى من السبب .. الرجل ام المرأة .. قد يكون الظرف الإقتصادى هو سبب مباشر فى هجرة الرجال لجلب المال .. ولكن هل تتحمل المرأة أن تبقى صابرة .. وبعد تساؤلى هذا أرجع يقيناً بأن أرض الله لو إتبعت طاعته فسوف ترتاح فيها مهما كان .. وفى نهاية لا أرجع ذلك سوى إلى الإثنين .. الزوج المستاء والزوجة الخائنة .. فأنا أدرك تماماً أنه لو كنت سليماً مع الله فلن يحدث لك شئ سئ .. وحتى إن حدث فذلك إبتلاء من رب العالمين وسيسهل الله لك العلاج ...
ويجب سادتى أن لا ننسى تلك الدعوة الرائعة (اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا يا أرحم الراحمين ) .. حيث ترينا تلك الدعوة أن هناك من يتسلط علينا سوى ضيق المعيشة او رجالا من خلفنا او نساء يفعلون ما لا ترضاه .. وذلك بسبب ذنوبنا ...
أللهم أغفر لنا إسرافنا وجهلنا فى أمرنا آمين ...
والحمد لله على ما أراد الله ...

الثلاثاء، 18 يونيو 2013

آل قريش (2) - أهلنا بالجريف شرق



بسم الله والحمد لله

آل قريش (2)
أهلنا بالجريف شرق


الكل يتبجح ويرمى شرره على الجريف شرق .. مدعياً أنها لا تعج سوى بالرعاع .. والراعى المقطع والذى كان يبيع اجداده حتى زمن قريب (السعدة) .. بمنطقة العزبة شمال كوبر .. ولمن لا يعرفون ( السعده ) فهى صنف او نوع من أنواع الحشائش تأكله البهائم وينبت على ضفاف الأنهار وبقايا رحمة السماء ...
وآخر قام المرحوم الريس الأسبق عبود بنقله إلى بوادى قفراء تعتليها شعاث  أشجار ( العشر ) .. وإن كانت كذلك ولكن الرئيس الاسبق (عبود) عليه رحمة الله أراهم المطر والسحاب والرعد والبرق .. فحلفا القديمة لا تحتوى على أى مسلك للأمطار على أسطح البيوت .. لم يريهم سوى ما هو رحمة لهم .. ورغم ذلك مازالوا حاقدين عليه .. نقلهم من الصحراء إلى الإيناع الذى نصنعه بأيدينا .. ورغم ذلك تموج صدورهم غل تجاه المرحوم عبود .. وحسن فعل بتركهم على عشش أشجار ( العشر ) التى تبهت بقلة الكلوروفيل ...
وآخر يأتى ويقول أهل الجريف العرب القادمون من ضواحى الجزيرة .. من بوادى أهل العرب .. وكل أهل الجريف شرق يفتخرون بنسبهم الذى ينتهى عند العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم .. وما يغيظنى أن الميرغنى يحتفى دوما بنسبه لآل البيت .. وكأنما أهل الجريف والجعليين عموماً ليسوا من أهل البيت ...
وأهل الجريف شرق ينحدرون أصلاً من نسب الجعليين القاطن بـ (المحمية) شمال (المتمة) .. وأشهر ما يعرفه الجعليين عن أجدادهم تلك المحطة الو المنطقة المشهورة فى أبو حمد والتى تسمى بـ ( أبو الديس ) .. وحتى هذا اللقب ( الديس ) منتشر فى ربوع الجريف شرق .. وإن هو إلا تعبيراً عن إمتنان أهل الجريف شرق لأجدادهم .. وأقام أهل الجريف شرق بتلك المنطقة منذ قديم الزمان .. أى بعد ضعف مملكة الفونج و السلطنة الزرقاء .. وحتى الأتراك العثمانيون كانت لهم صلات بتلك المنطقة ولكنها لم تؤرخ او لم تجد من يهتم بها ..
وكذلك لمن لا يعرف فأحد قواد المهدى وإن لم تجود الذاكرة متكرمة بأسمه .. فقد مر بمنطقة الجريف شرق .. وكان من ضمن العون الذى قدم له بعض الرجال الشجعان الذين وهبوا أنفسهم لفتح الخرطوم .. وحتى تلك لم تجد من يؤرخ لها ...
قد يكون الزمان قد جار علينا او بعض أهلنا او حتى من ليس له صلة بالجريف شرق .. ولكن مازال أهل الجريف شرق ممتنين لعاداتهم وتقاليدهم .. وحتى القاطن بينهم يسمى غريباً .. وليس لأنه غريباً بل لأنه يتصنع الغربة وهو يمتنع عن مداخلة أهل الجريف .. سواء كانت غيرة او حسداً او حتى نظرة إلى العؤلمة تجعل نظره إلى عادات أهل الجريف شرق نظرة دونية .. لذا يصنع حوله سور وجدار وهمى وعندها يطلق عليه أهل الجريف شرق بأنه غريب .. وكثيرون من الغرباء أصبحوا أهل بالنسب والسكن ...
وهنالك الكثير الذين أتوا الجريف شرق بأفكار نشأت من سواد أقوال آخرين .. فهو يسمع أنهم عرب مقطعين ومتخلفين .. وللعلم ولمن لا يعلم فقبل المدرسة المشهورة للمعلم الطيب بابكر بدرى رحمه الله .. والتى يظن الكثير أن مدارسه للمرأة هى أول المدارس لتعليم المرأة فى السودان .. فهذا وهم او كذبة قصد بها تغطية جهود وأهرام آخرين .. او قد يكون لنقص الإعلام عن تلك المدرسة .. فأهلى فى الجريف شرق متواضعون بطبعهم .. طيبون من حيث أتى أصلهم ..فمن أوائل المدارس لتعليم النساء مدرسة أنشات بواسطة جدنا المرحوم (الأمين باعو) بالجريف شرق فى الخرطوم عامة .. حيث وهب صالونه لتعليم النساء مطلقاً عليه خلوة النساء .. وهذا الأمر معروف للكثير من اهل الجريف شرق .. وماتزال هذه الخلوة موجودة حتى تواصل فيها دروس النساء ...
ولمن لا يعلم عن المغفور له المرحوم حاج الأمين باعو .. نقول للراعى المقطع الطيب مصطفى وذلك الحلفاوى الظان بنفسه الكبر وذلك الآتى من بيادر الغرب .. أقول لهم أن حاج الأمين باعو أوقفه المستعمر الإنجليزى فى العشرينات من القرن الفائت من شراء وبيع الأراضى داخل الخرطوم .. تخيلوا معى أن يمنعك الحاكم السودانى الإنجليزى من شراء الأراضى او البناء عليها .. هذا هو حاج الأمين باعو عليه رضوان الله ومغفرته ورحمته .. من صلب أبو الديس والمك نمر والمانجلك وآل البيت عليهم رضوان الله .. ومن صلب بعانخى وترهاقا وكل سودانى أصيل قدم لوطنه .. هؤلاء هم أهل الجريف شرق .. هؤلاء هم من بنى بصناعتهم للطوب بوابة عبد القيوم .. هؤلاء هم من بنى حاكم عام السودان بطوبهم القصر الجمهورى .. 89% من مبانى الخرطوم بنيت بطوب الجريف شرق .. ومع هذا يأتى راعى مقطع يبيع أجداده السعده ببطون الخرطوم بحرى وأسواقها لتأكل البهائم منها .. وحتى منزله .. أى منزل الطيب مصطفى الراعى المقطع .. منزله  وأرضه هما ملكان لأهل الجريف شرق .. وهو يدرك تماماً  مثل غيره أن تلك الأراضى ما هى إلا ملك لأهل الجريف شرق ونزعتها الحكومات المتعاقبة على السودان منهم .. وللعلم أن تلك الأرض التى يقوم عليها الفحص الآلى للسيارات بالجريف شرق .. هى أرض وملك حر للمرحوم الأمين باعو .. إنتزعتها الحكومة فى غفلة عين وباعتها للمغتربين والغرباء ليصفوا أهل الجريف بالرعاع وهم يأكلون من خير الجريف شرق ومن أكتاف أهلها الطيبين ...
أى سوء هذا وأى ظلم يقع على أهل الجريف شرق .. أهل الرحمة والطيبة .. أهل وأنسال آل البيت .. إنهم آل قريش سادتى .. هم سادة الأرض منذ القدم وحتى الآن .. هم أحفاد بنى العباس .. أولاد عمومة بنى أمية .. أولاد عمومة بنى الأندلس .. وأولاد عمومة كل الملوك الإسلامية التى قامت فى وسط وشمال وغرب الجزيرة العربية .. احفاد بعانخى وترهاقا .. هؤلاء هم أهل الجريف شرق .. تاريخ لا يحتاج لإدعاء .. ولم يزل من ياتى بعد واصف أهلها بالتخلف .. وإن كان كل من سمعته يتحدث بسوء عن الجريف شرق .. وبحثت فى ماضيه لتجده الأجدب أهلاً ومالاً وقوة .. لا يمتلك سوى لسان طويل ملئ بالقذارات .. تترفع عنها سيرة أهل الجريف شرق .. سيرة آل قريش ..
ولنا عودة ...
والحمد لله على ما أراد الله ...
 

آل قريش (1) - اهلنا بالجريف شرق


بسم الله والحمد لله

آل قــــريش   (1)
 أهلنا بالجريف شرق


لا أدرى ما قصدهم عن أهل الجريف شرق .. كلما سمعت لفظ الجريف شرق عند أحدهم تجرأ لسانه وهو يطلق صفة التخلف .. ومع تمام علمى بوجود الدكتور والجراح والمعلم والمربى والضابط والمسئول .. وكل ما يمكن أن أن تكون قد أنجبتهم بطن الجريف شرق كنافعين ومسئولين يخدمون وطنهم وأهاليهم …
ولكن ما بال هؤلاء يزدرون الجريف شرق .. وقديماً قبل عشرة أعوام او أكثر حينما كانت قطوعات الكهرباء ترسلها الحكومة والمسئولون يتشبثون بلعنة قلة التيار الكهربائى .. وكذلك لعنة إنغلاق خزان الروصيرص بفعل الأخشاب .. والآخير فى ظن الكثيرين أنه الأخشاب التى تجرفها مياه فصل الدميرة النيلى .. ولكن للأسف هى الأخشاب التى يقطعها تجار الأخشاب والفحم من جنة بلادنا الحبيبة .. من فيافى الجنوب .. ليصنعوا الفحم والأثاث .. فى نظرة ربحية لتوفير مال النقل .. ولا أريد أن أدخل فى أيهما أكثر أهمية من الأول .. الكهرباء ام الأثاث والفحم …
المهم ؛ فقبل عشرة أعوام كانت الكهرباء تقطع فى الجريف شرق كثيراً .. والسبب كان فى الأصل سببان .. الأول : أنه أحد مهندسى الكهرباء والذى يعمل فى الكنترول كان مؤجراً لأحد منازل سكان الجريف شرق .. ثم بدأ فى تأخير الإيجار إلى أن وصل لحد عدم دفعه .. كأنما منتظراً هذا المتخلف الجرافى كما يظن المهندس .. ينتظر هذا المالك أن يبتسم له ويترجاه أن يطيل جلوسه فى المنزل .. والمهندس ليس من الجريف شرق .. ونظرته لأهل المنطقة بأنهم إناس رعاع كما ذكر ( الراعى المقطع ) الطيب مصطفى الآتى من ضواحى شندى عندما منع من عبور الكبرى بسبب حادث مقتل إمرأة وفقدان عقل إمرأة أخرى .. هذا كما جاءئ فى ذكرى لمدونة (كيف تقتل طفلاً ) …
فالمهندس الكهربائى وبسبب نظرته التخلفية تجاه أهل الجريف شرق رأى انه لا ضير فى أن يتعب هذا الراعى المقطع ويمنع عنه المال .. لأنه متخلف لا يفهم …
فما كان من صاحب المنزل إلا وأن لجأ للمحكمة لأخذ حقه ... ولكن ما كان رد فعل المهندس الكهربائى .. فقد أصبح يعلق بدلته كلما هم بخلعها على مفتاح تيار أهل الجريف شرق …
والسبب الثانى : والسبب الثانى هو نظرة إدارة الكهرباء نفسها لأهل منطقة الجريف شرق .. فهى كنظرة وزارة التربية والتعليم فى إمتحانات الشهادة لما بما يسمى الولايات الأقل نمواً .. وكان الأحرى من وزارة التربية إنشاء جامعة بأساتذة ومعلمين أكفاء فى تلك الولايات .. ولو فعلت ذلك لكانت أشهر الجامعات فى العالم .. وإحتمال بنسبة مائة فى المائة أن تكتسح تلك الجامعات جامعة الخرطوم التى مازالت وهمنا الكبير كنيل المريخ لكأس مانديلا منذ عشرين عاماً .. ومازال المريخاب يغيظون الهلالاب بأنهم لم يأتوا بكأس .. ولكننى أعلم تمام العلم أن لو تفتح عمل الشيطان …
وعوداً على بدء ؛ فإن إدارة الكهرباء تنظر للجريف شرق على أنهم متخلفين .. وفى بعض الأحيان قد يصل فهمهم إلى درجة إعتقاد التخلف حقيقة وانه من الممكن للجرافى أن يؤقد مصباح الكيروسين .. فلا حاجة له للكهرباء …
كما أسمع كلمة دائماً تخبرنى عن تخلف ناطقها تأكيداً .. يقولون أن الجرافة عرب .. وكم هى حبيبة هذه الكلمة إلى قلبى لوصفى بالعرب .. ولكنهم لا يقصدون عرباً بمعنى الكلمة .. بل يقصدون عرب متخلفين .. رعاع من آخر العالم .. مع إن أصل الجرافة وإنتهاء قبائلهم يعود إلى الجعليين والمحس .. فقط …
وليعلم هؤلاء الناطقون لتلك الكلمة .. فلا أصل عربى سوى ببعض قبائل الشرق .. قبائل الرشائدة ذات الأصل اليمنى .. هؤلاء هم العرب الأصليين .. أما بقية جميع القبائل السودانية غير الحامية النيلية .. فهى مختلطة بالعرق الزنجى .. فكل البشرية تنتمى لثلاث بطون .. حامية وسامية وأصفر .. وفى إعتقادى هؤلاء جميعا جاء ذكرهم فى سورة الكهف عندما بدأ (ذا القرنين ) رحلته فى نشر تعاليم الله عز وجل .. ففى االثلاث إتجاهات التى ذهبها وجد السامية ومن ثم الحامية (لم نجعل لهم من دونها سترا) عندما قاده الإلهام الإلهى مشرق الشمس .. ومن ثم الجنس الأصفر (ياجوج وماجوج) …
بمعنى نفتخر أننا عرب .. ولكن من وصفك بما ليس فيك فقد ذمك .. ولكنهم القادمون من ضواحى المدن البعيدة الفقيرة .. الممتطون دابة الله فى الأرض .. ينسون من أين أتى أصلهم .. من رعاة او زراع .. كما هو حال (الراعى المقطع ) وتجراؤه على التطاول فى البينان كواحدة من علامات الساعة ...
وكذلك ينسون أن الجريف شرق من أوائل المناطق المستطونة .. حيث بدأ تاريخها الحديث من قبل المهدية .. كما هو حال برى وتوتى و شمبات والكدرو .. أما تاريخها القديم فحدث وبالفم المليان .. فيعود لأكثر من ثمانية آلاف سنة .. أى من المحتمل أن تكون فرس (ذا القرنين) قد ركضت بديارنا وذلك قبل عهود سحيقة .. والدليل على ذلك تلك الآثار المكتشفة بالجريف شرق والتى تعرض بمتحف الخرطوم ومعظمها نهب ويعرض فى معارض لندن وبرلين ...
فنحن عرب ولكن إختلط بدمائنا الدماء الزنجية .. كما ذكرت سابقاً عن أصل كل القبائل السودانية سوى الحامية النيلية .. ولكننا لسنا متخلفون بالتأكيد .. فقط لأننا أهل فسيشعر كل قادم بأنه غريب .. وبأن أهل الجريف لا يهتمون به كثيراً مثل إهتمامهم ببقية أفراد وأهل المنطقة الأصليين .. ولمن لا يعلم فليرى أسرة تعيش فى منطقة واحدة .. وليرى كيف هى عاداتها وتقاليدها ...
فأى أسرة فى الدنيا تتحيز لأفرادها وهذا من الطبع الغريزى النفسى الذى وهبه الله للحفاظ على ترابط العائلة وأصحاب الدم الواحد .. وهكذا هو حال الجريف شرق .. فهى أسرة واحدة .. لا تضيع فى دواخلها الصلات الأسرية وصلات ذات القربى .. بمعنى أن أى جرافى يحس بأن الجريف هى عائلته سواء كان فى أولها او فى آخرها ...

ولنا عودة

والحمد لله على ما أراد الله