الاثنين، 17 يونيو 2013

نمل سليمان



بسم الله والحمد لله

نمل سليمان 
حقيقة الأمر يبعث على الإستياء .. وأنا أتذكر تلك الأحداث التى جرت بيوم ما .. لقد جعلت نفسى تتساءل فى تلك الليلة .. عن ما هو المعيار المطلوب لمقياس الصداقة المتكونة أثناء المرحلة الجامعية .. وهل يجب فى عالمنا الشرقى أن نحتفظ بصداقة الفتيات لأمد طويل .. أم يجب علينا الإلتزام بمعايير إسلامنا الحنيف .. وكذلك تجول بخاطري تلكم الكليمات التي اطلقتها زميلة وأخت عزيزة علينا وهي تداعب ابنتها الصغري .. لو ذهبنا للنوم في بيوتنا افضل من انتظار شخص لا يقدرنا ...
وما جعلنى أتحدث عن هذا الموضوع بعد أن نسيته ردحاً طويلاً من الزمان .. هو سببان .. وثانيهما سأذكره بخاتمة المقال  أولهما  تذكير أحد أصدقائى لى بأنه يجب عمل جلسة أؤنس عائلية إحتفالية لأحد أصدقائنا فى الجامعة عقب زواجه .. ولكن بعدما ذكر لى ذاك الأمر .. تحدثت بمرارة عن تلك الحادثة التى جعلت أثراً لا ينمحى عن إنسانة كان يكن لها كل تقدير وأحترام ..  ولكى تعرفوا الحقيقة كاملة .. فقد كانت عبارة عن جلسة اؤنس عائلية أقمناها لزميلة وأخت لنا عقب زواجها .. وفى كثيرا من الاحيان يصبح الأمر بين خيارين .. ولك منتهى الحرية فى أن تواصل علاقتك او تقطعها بأفراد الدراسة الجامعية .. يعنى تلك الأستاذة الكريمة كان لها مطلق الحرية فى أن تقطع او تستمر علاقتها بزملاء الجامعة عقب زواجها .. وهي أختارت أن تستمر ...
والمثير للشفقة على أنفسنا فى هذا الأمر .. هو مدى طيبتنا وإندفاع حماسنا فى إخراج ليلة جميلة لا تعبر سوى عن شئ واحد .. إمتنان وقوة علاقتنا الجامعية .. ومدى تقديرنا لتلك الأستاذة الكريمة  هذا ما كان فى نفسى .. والله أعلم بما كان فى بقية الصدور .. ولكن على الأقل نصف المدعوين هن فتيات زميلاتنا وأخواتنا فى الجامعة .. لا نكن لهن سوى التقدير والأحترام .. أى حتى ولو وجد من يحمل فى نفسه شئ ما او ما يشبه الضغينة فلا أحد .. لا أحد .. وحتى الذى كان على علاقة حب بها يهتز قلبه إعزاز وإكرام لها .. وقد كتبت فى تلك العلاقة الرائعة قصيدة شعرية طويلة أسميتها  (إعتراف الحب) .. والذى كان حباً يستحق حقيقة أن نوصفه بمدى الأخلاصية الأبدية بين هذين الشخصين ولكنها صروف الدهر .. فالدهر فى صروفه عجيب وغفلة الناس عنه أعجب .. كما قال الشاعر .. فقد إفترقا عقب تقدم أحد أقربائها للزواج منها ...
ونسبة لظروف البعد الشديد من محل إقامة عرس الاستاذة الكريمة .. فلم يستطع أحد منا او إحداهن من الذهاب للمشاركة فى ذلك الزواج .. وتم فى نهاية الأمر الإتفاق على قيام جلسة عائلية أنسية أخوية بالكامل من اجل خاطر الأستاذة الكريمة .. وكل هذا كان بالتواصل هاتفيا مع الاستاذة الكريمة و زوجها .. وهذا أعجب ما في الأمر .. و يا ليت الأمر لم يقم او حتى لم نفكر فيه .. وكل الأمر أرده لطيبة قلوبنا وحسن نيتنا تجاه أشياء فى إعتقادى أنها لا تمت لحسن الظن بصلة ..
ومن ثم تتابعت الأحداث .. جاء الكل من فج عميق .. من مناطق بعيدة وقريبة داخل العاصمة .. جاءوا فقط للحفاوة ولشعور الأخوية الرائع .. الذى غلف الجميع كمخدر الكوكايين .. شعور الأخوية .. ما يقارب الأربعون شخصاً حضروا لتلك الجلسة العائلية .. من أجل خاطر تلك الأستاذة الكريمة .. لا يدفعهم سوى شئ واحد .. حبهم لتلاقى الإخوة .. وحبهم لزميلتهم الأستاذة الكريمة  وكان هذا العدد قياسا لشئ كهذا .. هو بحجم العدد الكبير .. قياساً على جلسات تتم لمجموعات أخرى فى جامعتنا .. او حتى فى جامعات أخرى .. ولكن  ألم يكن هذا الأمر يستوجب ردّ الجميل على الأقل .. او حتى إظهار الغبطة والفرح والسرور لمن يشاركها .. .. ولكن ما حدث فيما بعد كان إنكارا وإجحادا ...
فقد حدث بعد أن إجتمع الجميع ما لم يكن فى الحسبان أبداً .. او ما يمكن أن يقال عليه شديد الألم .. والمحتفى بها تأخرت فى الحضور .. وإشرأبت الأعناق الى الطريق .. والعيون اكتملت كبدرا بالقلق .. ثم تسارعت وتيرة الأحداث لترتفع إلى عنان الأثير .. و الهواتف المحمولة تحاول بكل جهدها الوصول لقلب الأستاذة الكريمة .. او حتى إيهام النفس بنسيان ذاك الموعد .. لتذكيرها بأن ثلة من (النمل) تنتظر حضور (سكرها) ... كما ذكرت أحدي زميلتنا وأخواتنا ...
الأمر سادتى ما هو إلا شئ من الألم .. والألم البغيض الذى يستعصى على النفس مغادرة أوانه .. فكونك تحضر لشئ كهذا وأنت فتئاً بالحماسة .. فهذا لا ضير فيه .. ولكن أن تجرح مشاعرك بهذا الشكل الجبان .. فهذا لا يحتمله أى شاب او فتاة .. إهانة فوق المنطق و فوق المعقول لسيادة النفس وكرامتها .. شاب كان او فتاة ممن حضروا ...
ولنحني تجاه الأمر من وجهة نظر أخرى .. زميلاتنا و أخواتنا  .. فيكفى أن بعض منهن خرجت من بيت أسرهن بخوف ووجل من تأخرها .. كما هى عادة مجتمعنا الشرقى الجميلة  .. ورغم ذلك فالأستاذة الكريمة لا تهتم بهذا ولم تهتم به منذ الأساس .. دعك عن إهتمامها لمشاعر أخواتها او زميلاتها فى الجامعة .. إهانة بكل المقاييس لن تصلح حتى لإعادة أحداثها من أجل الإتعاظ .. او البحث عن سقطات الماضى لتفادئ سقطات المستقبل ...
هكذا فعلت بنا الأستاذة الكريمة .. إجتمع الجميع والنفوس مشرئبة تهفو لقاءها أحتفاءاً وإحتفالاً بزواجها الميمون لا أكثر ولا أقل ..  لكنها الأستاذة الكريمة تأبى حتى على أن ترد على هاتفها المحمول .. لم تكلف نفسها عناء إرسال رسالة إذا كان هذا الأمر مسبباً لها كل هذا الضغط .. هذا إذا أعتبرنا أن زوجها رافض هذا الأمر .. والذى يمكن أن يثير الإستعجاب او حتى الذهول .. هو تحدثى مع زوج الأستاذة الكريمة مبدياً ترحيبه بتلك الجلسة ...  
ولكننى ألوم نفسى .. فقد إتضح فى نهاية الأمر إننى لم سوى كبش فداء لما يسمى بالصداقات والروابط الأخوية .. والأخوية الرائعة كما تطلق على تلك المجموعات فى الجامعات الغربية .. ألوم نفسى لأننى إكتشفت أنه يمكننى أن أكون كما خلقنى ربى فى نظر الكثير من الناس .. ولكن أن أكون حشرة او حتى نملة فى نظر البعض .. فهذا هو الغباء بعينه إذا استمر الفرد منا بإبداء حسن النية .. هناك الكثير ممن يحبونى ويقدرونى ويبعثون فى الدواخل أفراحاً لا حدود لها .. وهم يضعون فى دواخلهم صدقا تقديرك وإحترامك  .. ووجودها لن يقدم او يؤخر في حياتي .. فغيرها أجدر وابقي بالبقاء في دواخلي ..  
ولا أنكر أننى أول من إنحزت لمبدأ الكرامة والكبرياء وأنا أمسح رقم هاتفها المحمول من هاتفى .. لاكتشف بعد أيام أن معظم الحضور مسحوا رقمها .. ما عدا البعض والذين أشك فيهم .. أنهم كانوا على علم بإقدام الأستاذة الكريمة على فعلتها الشنعاء  .. وحقيقة فعلة لا تسر أحد .. إذا أكتشف أنه ليس سوى جرذان او نمل كما اسمتنا زميلتنا ينتظرون سكرها .. ونمل سيدنا سليمان عليه السلام أفضل منه .. عندما قال : .. حتى لا يحطمنكم سليمان وجنوده .. هذا ما قالته تلك النملة الحكيمة وسليمان يتبسم ضاحك .. وليس قياسا بسيدنا سليمان عليه السلام .. ولكنها حطمتنا وحطمت الحماسة والأخوة بداخلنا .. لأننا لم ندخل جحورنا ونخلد للنوم .. كما ذكرت زميلتنا .. عطر الله سيرتها بالخير ...  
فماذا علينا أن نقول بعد أن حطم كبرياؤنا .. وصار جميع من تدعوه لمثل هذه الجلسة العائلية لشخص ما .. يذكرك قائلاً : مثل جلسة .............. الأستاذة الكريمة سامحها الله .. ومع إننى أؤمن تماماً بالمبدأ القائل : أن الرجوع الى ما هو فات والذهاب الى ما هو آت .. يضيعان متعة ما فيه أنت الآن .. رغم عملى بهذا المبدأ ومحاولتى دائماً إستقلال وقتى بما يفيدها وينفعها .. إلا إننى كتبت فى هذا الموضوع الذى مضى  بآلامه .. لأوضح رأى لأحدهم .. عندما أباح لى بشكه فى أننى كنت على علم بعدم مقدم الأستاذة الكريمة ..


والحمد لله على ما أراد الله

هناك تعليقان (2):

  1. ازرع جميلا ولو في غير موضعه فلن يضيع الجميل اينما زرع..
    ارى انك تحاملت على نفسك كثيرا باللوم.فحقك ان تكون مرفوع الرأس انت وزملائك.
    وان تتوارئ هي خجلا وراء فعلتها هذة. قدرتموها حق تقدير لكنها لم تقدر نفسها.
    استحقت ان يكون خارج هذة الكوكبة الرائعة ..

    ردحذف
  2. ما أثار اعجابي نعتك لها بالاستاذة الكريم برغم ما قامت به.
    مما يدل على طيبة الاصل.

    ردحذف