الأحد، 16 يونيو 2013

العطال و البطال



بسم الله والحمد لله

العطال والبـطـال

أسأل نفسي ما الفرق بين العطال  والبطال .. والكثير من إتجاهات المعاني تتشابك أمام عيناي .. لينعدم أين الطريق الصحيح المتيقن من أنه الإجابة الصحيحة لسؤالي .. فالأولى يعود مصدرها إلى عطل .. أي عطب أصاب شئ ما .. خسرنا جزء ما وليس بفقدانه .. بل بتوقفه عن العمل ولجزء يسير او طويل من الحاجز الزمني المتوقف عقب العطب .. ولنفترض لهذا الشئ سيارة .. بإعتبار أنه أقرب الأمثلة للذهن .. أما الكلمة الثانية .. البطال .. فيعود مصدرها إلى بطل او فقدان الشئ وإلى الأبد .. وبطلان الشئ أي إنه صار غير صحيح .. كما فى ديننا الحنيف .. وهناك معنى آخر يتتبع الكلمة الثانية .. كلمة البطال ..  ألا وهو لفظ البطلان .. ومعروف هذا اللفظ بأنه الفعل المضاد او رد الفعل لكلمة الحق (قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً ) .. أي عرف عن البطلان بزهوقه عند ظهور الحق .. والزهق خروج الروح من الجسد .. زهق يزهق زهقاً فهو مزهوق فهو زاهق .. بمعنى دخول البطلان والبطال تحت عباءة الزهوق او الفناء ...
ولنأتي لمعنا الكلمتين فى مجتمعنا .. وأنا شخصياً عانيت جداً من أثار هاتين الكلمتين .. فأنا تخرجت من الجامعة ولكنى عاطل باطل .. وهناك معنى آخر لباطل وهو الشخص الذي يأتي بأفعال لا تمت لدنيا المروءة والوفاء والكرم والرجولة بصلة .. وعوداً على بدء .. فتعطلي وتبطلي ليس قصداً أنتهجه او شئ كيدياً أقصده .. بل هو شئ وجدت نفسي مجبراً على تحمله .. وليس هذا حالي فقط .. بل هو حال آلاف وسيغدون بالملايين فى قادم السنوات من الكوادر الشبابية الضائعة تحت أقدام الوساطات والسلطات المتملكة والروح المتأصلة فى جذور القبلية والتعصب الأعمى ...
وبمناسبة السلطات المتملكة فقد سمعت همساً فى المدينة وإن جال بخاطري غدوه جهراً .. فقد سمعت همساً وحالنا سيصبح أكثر وأعلى صرخاً منه ولو أصبح الهمس صراخاً .. فقد سمعت أن الوزارات صارت بالقبائل .. فالمالية والضرائب للدناقلة .. ومجلس الوزراء والطاقة للشايقية .. والدواوين الفلانية للجعلين وهلم جرا .. وفى إحدى القفشات الضاحكة أن رباطابى أتعب أصحاب إحدى الوزارات بطلبه لوظيفة فى كل يوم .. وكانوا يردونه بعدم وجود وظائف شاغرة .. وفى يوم سمع بوفاة المدير العام للوزارة فأتى الرباطابى أصحاب الوزارة .. وهو يذكرهم بخلو وظيفة المدير .. فسألوه بتهكم : أها الرباطابى داير تبقى المدير ولا كيف .. فقال لهم : إتارروا .. وكلمة (إتارروا) هى كلمة دارجية سودانية بمعنى إنتقل من المكان .. وهى فى الأصل (ترا) .. وقفشه أخرى ولكنها بطعم الحنظل .. حيث يقال أن أحد (بتاعين) الهدف (رجال الامن) كان يسأل المقدمين لوظيفة فى أحد البنوك عن قبائلهم .. فقط كانت التوصيات له بإدخال الشايقية بأوراقهم فى حين يستلم أوراق القبائل الأخرى تمهيداً لتسلك درب عربة القمامة التى تدور فى الديم .. وسائقها يتتبع قهاوى الحبش ...
فالكثير من الكوادر والطاقات الشبابية المهدرة تعطلوا وتبطلوا عن العمل .. ليس برغبتهم بكل تأكيد .. بل برغبة الملل والطوائف الحاكمة .. فتعطلت طاقاتهم الحيوية وذهبت هباءاً منثوراً .. وما تبقى من طاقاتهم التي لم تتعطل بعد يتم إستخدامها فى أعمال تهدر الصحة ولا تنتمي لجنس شهادة المتخرج .. او تهدر الطاقات فى أوراق اللعب والضمنيدو .. إضافة إلى تفتح المسالك بعد ذلك .. مما يؤدى إلى تقصى درب الخمور والأفيون والحشيش .. وبالتالي يصلون مرحلة الإجادة التامة فى التمييز بين الذي زيد بالماء وبين ذاك السيوبر الأصلي الذي لا يصل إلى الأرض عند دلقه من الكأس .. كأعلى درجة تصلها شهاداتهم ...
أما كونهم تبطلوا عن العمل .. فهم فى الأصل وحقيقة الأمر .. كانوا مهيئين قبل تخرجهم من جامعاتهم لواقع الأرض من حولهم .. وهكذا تخرجوا وتبطلوا .. أي زهقت أرواحهم .. وأخرجت من الأجساد قبل أن يزورهم ملك الموت .. فهم أصبحوا كالسيارة التى كنا أخذنا كمثال فى صدر هذا المقال .. فلو تعطلت فسيحتاج إصلاحها جهداً وزمناً .. أى سنخسر الكثير من المال والجهد .. ولو تبطلت فأيضاً سنخسر ولكن بصورة أكبر من خسارة التعطل .. لأنها ستكون فى زمرة الهالكين والمزهوقي الأرواح ..  ولكن هنالك الميكانيكية (التفتيحة) .. فعلاجها ماكينة هايلوكس .. والماكينة بعمر كامل عندنا .. ولكن كيف لنا بماكينة هايلوكس او غيره لنشغل تبطل وزهوق الخرجين ...
وأحد الحلول للعاطلين والمتبطلين هو السفر فى أرض الله الواسعة .. وبعد أن ينجح فى الخروج للغربة يعود بعد سنتان او ثلاثة للزواج ثم يتغرب مرة أخرى تاركاً خلفه زوجته .. والتي حتماً ستخرج لتروى ذاك الزرع الذي تركه الزوج وقد تبطل وتعطل عنه الماء .. فتخيلوا معي منظر الأبناء وهم كبار وكانت أمهم تفعل ما تفعل .. فما رأيكم سادتي فى معاني كلمتي العطال والبطال ... 

والحمد لله على ما أراد الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق