الأربعاء، 26 يونيو 2013

الحالة التاسعة ... الرجل بعنق الدياسة

بسم الله و الحمد لله
الحالة التاسعة
الرجل بعنق الدياسة

حدوث هذا الأمر أعزوه لشيئين الصدفة او الأقدار .. والآخيرة دوماً ما تحمل لى أشياء تجعلنى فى حالة غضب دائم على المرأة عموماً ...
وجدته بحالة يرسى لها .. لا أعرفه لا من قريب ولا من بعيد .. صادفته بمنضدة على أحد مطاعم الخرطوم الشعبية بقرب منضدتى .. ويبدو عليه أنه ينتظر أحدهم ليأتى بصحن الفطور .. وظنى يتدرج تجاه رجل آخر صديقه او أخاه ذاك الذى سيأتى بالفطور .. ولكن ما أثارنى فى ذلك الرجل الجالس منتظراً هو ذلك الإستياء المتبدي على وجهه وهو يطالع إحدى الصحف السيارة .. فلم يكن الإستياء بسبب الجريدة او بسبب خبر منقول يثير كثير من الحزن فى باطن وطننا الذى غدا لا وجيع له ...
وفجأة وأنا أتناول وجبتنا الشعبية .. التى لا يتناولها سوى ثلاثة .. السودانيين والمصريين والخيول .. وأنا أكل .. ولإمتلاء المطعم بالرواد جاء شاب يحمل طبقه الممتلئ بالفول الشهى .. ولم يجد سوى تلك المنضدة الجالس عليها الرجل المستاء المنتظر لزميله ليأتى بطبق الفول .. وجلس الشاب وإن لم أضع له فى البداية أى إهتمام .. لأن الرجل المستاء أخذ كل إهتمامى .. ومن ثم سمعت إسمى ينطق من المنضدة لأجد الشاب ينادينى به .. صديق قديم إلتقيت به فى أحد مراحل حياتى .. وصلتى به كانت جميلة أيام تلك المرحلة .. ولكن الخوالى أصرت أن تباعد بيننا .. ورغم ذلك كنا نلتقى بين حين وآخر ليحكى كل منا للآخر ما يجول فى حرمه من معارك ضارية للحياة .. واخذنا نتناول بعض الأحاديث بين الفينة والأخرى ونحن نتناول إفطارنا .. وفجأة جاءت إمرأة تبدو فى العقد الثالث من العمر .. تحمل جمال خفى يثير كوامن الرجال .. وعيناها تدعوانك بشدة للتعرف بصاحبتهما لإغراء بادى الملامح عليهما .. وكانت تحمل هى الأخرى طبق من الفول .. وعرفت لحظتها من ينتظر الرجل المستاء .. ثم وضعت الطبق والصمت بينها وبين الرجل المستاء .. فسألها : أين الملح ؟ .. فلم ترد عليه السيدة سوى بجلب إناء الملح وتضعه بجانبه .. وبدآ يأكلان ...
ولكن تلك الإبتسامة الصفراء التى إرتسمت على وجه صديقى جعلتنى أتنبأ بشئ لا أدرى ما كننه .. فقد كانت نظراته تتطلع إلى تلك السيدة بطريقة لم تعجبنى قط .. وإرتسمت إبتسامة غامضة او مترددة على وجه السيدة تعلن فيها تجاوبها مع صديقى .. والرجل المستاء وضع كل باله على طبق الفول .. ثم هالنى  أكثر ما رأيته بطرف عينى والسيدة تغمز بعينها لصديقى وكأنما تخبره او ترجوه الصمت وهى تشير بعينيها للرجل ...
وبعد ان خلصت إفطارى وإتجهت للمغسلة لأزيل بقايا نعمة ربى بيدى غادياً بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( النظافة من الإيمان ) .. وأنا حامداً ربى ودعواتى أن يديم نعمته على والحمد لله .. عدت بعدها لمنضدة صديقى وجررت كرسى وجلست بجواره وهو يدعونى أن أزود معه .. وكلمات الشكر ينطقها لسانى له يتبعه حمدى لربى بأننى قد شبعت والحمد لله ...
وفى تلك اللحظات نهض الرجل المستاء معلناً إنتهاء فطوره متجهاً نحو المغسلة .. وما أن غادر بمسافة غير بعيدة .. حتى نطق صديقى بإسم السيدة ونطقت هى كذلك بإسم صديقى .. وبينهما إبتسامات وكلمات تنبئ عن لحظات ممتعة جرت بينهما .. ثم أخبرته السيدة بأن ذلك الرجل المستاء هو زوجها المغترب فى إحدى دول الخليج العربى منذ سنين .. دعته ليلتقيها قريباً بعد أن أخذت رقم هاتفه .. وفى تلك اللحظات عاد الرجل المستاء ليتحول صديقى للحديث إلى .. ومن ثم نهضت المرأة لتغسل يديها وبعد لحظات تبعها صديقى .. ولا تفتأ نظرات الرجل المستاء أن تغادر صحيفته .. ولكن ما أن نهض الإثنان حتى تبع الرجل بنظراته زوجته .. ولشدة الهول فقد كانت نظراته تنتطق إستياء عارماً .. ثم تحول الرجل بنظراته إلى ودونما سبب قال لى : هل إلتقينا من قبل ؟ فرددت له بالنفى ولكننى سألته من أى المناطق أنت .. وتفاجأت لإكتشفنا أنا وهو أن لنا مصاهرة ولكن بالقربى البعيدة .. ثم أعلمته بأننى قد كنت فى منزلهم يوم زواج فلان وفلانة .. وبذلك الوقت كان هو مقيماً بالدولة الخليجية ...
وأحسست بأن زوجته وصديقى قد أطالا الزمن فى المغسلة .. التى لم تكن تبين للأعين من منضدتنا .. وعندما عادا وجدونى أتناول الحديث مع الرجل المستاء وكأنما نتعارف منذ زمن بعيد .. فبدر من الرجل سؤال لزوجته عن سبب التأخير .. فردت بان المغسلة كانت مزدحمة .. ثم عرفنى الرجل على زوجته وبدورى عرفته على صديقى .. ثم تناولنا البارد أربعتنا والحديث بيننا عن السودان والغربة والبعد القاسى عن الأهل .. وعيناى بين الحين والآخر تحاول أن تكتشف تلك السيدة الخائنة ...
ثم أخذت من الرجل المستاء رقم هاتفه فى السودان وفى الدولة الخليجية .. وأخبرنى عن نيته فى الرجوع قريباً للدولة الخليجية .. ومن ثم نهضنا وانا اعده بالإتصال به قبل سفره او حتى زيارته .. وعينا صديقى تلتمع مكرأ وعلى آذانه يبدو أن كلمة الزيارة ترددت كثيراً ...
ثم إختلينا أنا وصديقى ليرمى لى سر معرفته بتلك السيدة .. لقد كان يعاشرها جنسياً .. أى بمعنى أنها خائنة .. وكم تحسرت لذلك الأمر .. ومكانة صديقى قد تدنت كثيراً فى دواخلى .. وكذلك حملت بعض الغضب او جزءاً كثيراً منه تجاه تلك السيدة ..  وقد جرى إتصال بينى وبين الرجل المستاء .. وحدثته عن نيتى فى الإغتراب .. ولحظتها حذرنى الرجل وبشدة من الإغتراب .. وخاصة إذا كنت متزوجاً .. ثم رمى لى بما لا يجب أن يقوله لى .. وتحول الحديث نحو أولاده .. فشكا لى من قلة تحصيلهم .. ثم إنتقل بشكواه تدرج نحو زوجته .. وعن أحداث كثيرة جرت من تحت جسره وهو لا يعلم عنها شيئاً .. حيث تمر بعض المصاعب عليه فى عمله ولا يستطيع حينها إرسال مصاريف لأسرته .. ولكن زوجته يجدها قد تصرفت بشكل ما لا يدريه .. وعند زيارته السنوية للسودان .. كان يأتى بعض الرجال بيته وهو لا يعرفهم وزوجته تتزرع بأنهم أقاربها فى تلك الولاية البعيدة النائية عن الخرطوم .. وأنه خاصمها ذات مرة فطلبت الطلاق وكان هو لايملك شئ من المال .. فإضطر للإذعان لمصالحتها خوفاً على أولاده من التشرد .. ورضى بعدها بما تفعله زوجته وهو صامت متألم .. وأنه منذ عودته للسودان فى هذه الزيارة لم يقترب من فراشها وذلك منذ شهران وأكثر .. وانه كثير من الليل تحمله عيونه دون نوم وهو يتقلب بمضجع ألمه لتصرفات زوجته .. وتواصل الحديث بعدها عن أشياء أخرى ...
لقد دخل الرجل المستاء مرحلة الدياسة .. ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( لا يدخل الجنة ديوس ) .. والديوس كما تعلمون هو الرجل الذى لا يخاف ولا يهتم لعرضه او شرفه .. ويجعل نسائه وإخواته يهدرن أشرافهن على مسمع ومراى منه دون أن يحرك ساكناً ...
فالرجل المستاء يتقلب على نار .. أشد حرارة من أى نار فى العالم .. أن تدرك أن شرفك يباع .. وأن زوجتك تعاشر رجال من خلفك .. فما أنت لها سوى حبر على ورق فى مسمى رسمى يسمى الزواج .. ولكن حق الزيجة والمعاشرة يتمتع به رجال آخرون ...
ولكن حالة تلك الرجل حالة رهيبة من الألم كما حدثنى عنها .. كان يتحدث ولسانه يتقطر حنظلاً على نفسه وما آلت إليه بسبب إغترابه .. فالأفضل دائما والأحسن أن تكون بين إثنين .. فلا أعراف هنا فى هذه المشكلة .. ومنطقة الأعراف الموجودة تمتلئ بالألم الرهيب الذى لا يغادر مكمنه أبداً فى جسد المصاب به .. فإما أن تكون غيوراً او تكون ديوساً ..فالرجل غدا فى عنق زجاجة الدياسة .. فإما أن يتجه نحو قاعها .. او يخرج منها بحالتان .. جنون او غيرة شديدة ...
ولشد ما ألمنى حال ذاك الرجل .. وانا أرى زوجته وأم أولاده تخونه .. وهو يعلم تمام العلم ذلك .. ولشد ما آلمنى أكثر حديث صديقى عن زوجته وعن أنها ممتعة لدرجة بعيدة .. إنها تحب المعاشرة بشدة .. وإن كنت أظن أنها على بدايات مرحلة الشبق .. او قريبة منه لكثرة معاشرتها الرجال ...
ولكن سادتى من السبب .. الرجل ام المرأة .. قد يكون الظرف الإقتصادى هو سبب مباشر فى هجرة الرجال لجلب المال .. ولكن هل تتحمل المرأة أن تبقى صابرة .. وبعد تساؤلى هذا أرجع يقيناً بأن أرض الله لو إتبعت طاعته فسوف ترتاح فيها مهما كان .. وفى نهاية لا أرجع ذلك سوى إلى الإثنين .. الزوج المستاء والزوجة الخائنة .. فأنا أدرك تماماً أنه لو كنت سليماً مع الله فلن يحدث لك شئ سئ .. وحتى إن حدث فذلك إبتلاء من رب العالمين وسيسهل الله لك العلاج ...
ويجب سادتى أن لا ننسى تلك الدعوة الرائعة (اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا يا أرحم الراحمين ) .. حيث ترينا تلك الدعوة أن هناك من يتسلط علينا سوى ضيق المعيشة او رجالا من خلفنا او نساء يفعلون ما لا ترضاه .. وذلك بسبب ذنوبنا ...
أللهم أغفر لنا إسرافنا وجهلنا فى أمرنا آمين ...
والحمد لله على ما أراد الله ...

هناك تعليق واحد:

  1. لا حولة ولا قوة الا بالله ..اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا يا ارحم الراحمين.

    ردحذف