الاثنين، 29 سبتمبر 2014

لست بعربي .. ويكفيني فخرا سودانيتي


بسم الله و الحمد لله

لست بعربي

يكفيني فخرا .. سودانيتي


من قال لكم أنني عربي .. نعم لساني يتكلم العربية .. وبعض من سحنتي وملامحي يميل للعربية .. ولكنني لست عربيا .. وحتى الذين يقال لهم عربا فليسوا بعرب .. فقد اندثرت العرب العاربة وحلت محلها العرب المستعربة .. المختلطة بقبائل الهجرات الجنوبية عبر بحر العرب واختلاط الأنساب برحلات الشتاء و الصيف مع أحفاد بابل و الكنعانيين و الهجرات القادمة من جهة الشرق الأقصى للجنس الأصفر او الموالي كما يطلقون عليهم .. وكذلك هجرات الفراعنة المكونين للقبائل الأوربية و للفينيقيين و للإغريق .. وقد يحكي التاريخ كثيرا .. ولكن الجنس الأوربي عموما أصله هجرات سكان النيل الشمالي .. أي الفراعنة ...
لا نريد أن نتوغل كثيرا .. ولنعد إلى مدركنا الأول .. فسيأتي يوما ونعود به على كل ما عرجنا عليه في صدر المقال .. ولكن لأريكم الحقيقة .. الحقيقة الكاملة الواضحة .. أنا سوداني أبا عن جد .. الأنتماء الحقيقي لي هو أرض النيل الجنوبية .. أنا حفيد مملكة (كوش) النوبية قبل اكثر من الفين عام قبل الميلاد .. أنا حفيد ملك ملوك (مروي ) المملكة النوبية السكان   .. حفيد (بعانخي) و الذي احتل مصر الفراعنة لمدة عشرين عاما .. بسبب أنهم أهملوا الأحصنة و الخيل .. وللعلم جدي (بعانخي) نوبي اسود .. وأفتخر أنه جدي .. و الذي سكن النيل حيث أطلقت أم (موسي ) عليه السلام ابنها و أهدته للنيل حتى لا يجده فرعون مصر الطاغي (رمسيس الثاني) .. فقد أطلقت أبنها من داخل حدود السودان حاليا .. وحيث كانت بدايات المملكة الفرعونية بـ (أبو سنبل ) جنوب مدينة (أسوان) حاليا .. أي أنني حفيد لليهود .. وبعض من عائلاتهم موجود حاليا بالسودان .. قبل أن يهاجروا ..
ولكن يطوف بعقلي تساؤل عن مولد سيدنا (شعيب ) عليه السلام ومولد سيدنا (لقمان) عليه السلام .. و البعض يقول أن سيدنا (لقمان) عليه السلام .. هو من الأحباش .. والمؤرخين القدامى أشاروا إلى أن سيدنا (لقمان) عليه السلام جد لأسر ممالك السودان النوبية التي قامت على النيل متدينة بديانة سيدنا (عيسي) عليه السلام .. المسيحية .. وذلك قبل بناء الأهرام ..
لقد أخذنا الحديث منحني آخر .. خرجنا من كبد المقال (أنا سوداني وافتخر جدا جدا بسودانيتي) .. ولكن لنعرج على مسألة الأهرام السودانية .. ولماذا تم إهمالها بهذا الشكل .. مع أن أقدم منظمة في الكون .. المنظمة المأسونية المولودة من الخيالة الذين يظنون أنهم عثروا على كنز سيدنا (سليمان ) عليه السلام .. هذه المنظمة المحاطة حاليا بالأعضاء و اللوبي الصهيوني .. شعارها (هرم) و على رأسه (عين) .. وهذا الهرم سودانيا مائة بالمائة ولكن لقد نبش العين بأعلى الهرم .. ولو عدتم للصور حاليا لوجدتم أن بعض رؤوس الأهرام السودانية قد دمرت .. وذلك بسبب عالم الآثار الايطالي (جيوزبي فيرلني) .. و الذي دخل مع قوات (إسماعيل باشا) الغازية للسودان في العام 1820 .. و لكن هذه نقطة النقاش .. فالسؤال هنا لما قام عالم الآثار الايطالي هذا بنبش قمم الأهرام .. وكل المؤرخون يدركون بأن المدافن تتم تحت الأهرام سواء كانت في السودان او مصر او المكسيك .. لقد قام عالم الآثار الايطالي بنبش رؤوس الأهرام لإنتمائه للمنظمة المأسونية .. ولأن سر العين مازال موجودا بأحد رؤوس الأهرام السودانية .. ولكن ما الذي يجعل المنظمة المأسونية  والأقدم في العالم أن تتخذ من هرم السودان شعارا لها .. دون أهرام مصر ودون أهرام المايا في المكسيك .. وهل الكتابات الهيروغليفية المظهرة للهرم و العين الواحدة في أهرام مصر .. هل هي في الأصل تشير إلى أهرام السودان .. وأن المنظمة المأسونية أدركت هذه الحقيقة ولكنها لم تعثر بعد على كنز العين الموجودة على أعلى الهرم السوداني .. وهل هذه الأسئلة كلها دلالة على نشوء الحضارة الإنسانية من نهر النيل (سليل الفراديس) ...
( هل رأيتم لماذا أصر على أنني سوداني ولست عربيا ) .. وإذا لم تفهموا بعد إليكم الحقيقة المنكرة .. و التي يعرفها كل المؤرخون والأثريون .. ولكن لندخل إلى بعد آخر .. وهو تزامن حضارة المايا المكسيكيين مع حضارة المصريين .. وحيث أنه لم يتم أي تواصل بين الحضارتين .. ويكفي أن نرمي وراء ظهورنا خزعبلات سكان الفضاء .. الذين لو كانوا موجودون لأخبرنا الله عنهم ( وما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون) .. فقط الجن و الإنس هما الجنسان الموجودان لا وجود لجنس ثالث ...
وعودا على بدء .. يطرح السؤال نفسه كيف انتقل المايا إلى المكسيك حاليا .. ولم توجد سفن و ولا عابرات قارات .. و الإجابة بسيطة بعد الطوفان و بعد أن رسا طود سيدنا (نوح) عليه السلام وبدء التناسل البشري من جديد .. بدت الهجرات من جديد أيضا .. ولكن كيف هاجر المايا مع الجليد الذي كان يصل بعد سنين الطوفان حتى التبت في أسيا .. ومعظم أوربا و المحيط المتجمد الشمالي حتى منتصف المحيط الأطلنطي .. مغطاة بالجليد .. ولكن ما حدث كالآتي .. فمع نزول الشتاء وقلة الموارد كان بعض البشر يرحلون في صيد الحيوانات التي تعيش في أدغال الجليد .. ورويدا رويدا ارتحلت عدة مجموعات خلف صيد الجليد .. ووصل بهم الأمر إلى حدود الأمريكيتين من جهة المحيط المتجمد الشمالي و جزء من شمال المحيط الأطلنطي .. والأمر يطول شرحه .. ولكن هكذا كانت بداية حضارة المايا بعد عهد سيدنا (نوح) عليه السلام  ..
ولكن سردي لهذا تأريخ لم يكن إلا  لإيضاح كيف بدأت حضارة المايا التي لم يكن لها أي إتصال بالحضارة المصرية القديمة .. والسؤال الذي يطرح نفسه .. ( من أين أتت فكرة أهرام المايا و الذين لم يروا أهرام مصر .. هل من الممكن أن يكون هناك إيحاءات أخرى لفكرة الهرم .. هل من الممكن أنهم شاهدوا الأهرام السودانية ) ..
الأسئلة كثيرة وسنعود لاحقا لمسالة الأهرامات .. ولكن بحسب ما ذكرت وما اطلعت عليه من كتب المؤرخون .. فهناك إشارات إلى إن الأهرام السودانية هي الأول بناء .. وهنا يطوف السؤال .. هل السودان ونهر النيل حاليا هو مهبط وهجرات للبشر بعد الطوفان .. وهل النفس البشرية تاقت إلى مهبط أباءها الأول سيدنا (ادم) عليه السلام عقب نزوله على جبل (عرفات) حيث يجتمع الحجيج ..
لهذا كله ولكل ما فأتني ذكره وما سأذكره فيما بعد فأنا أعتز بأنني سوداني .. لا لست عربيا كما يتوهم هؤلاء الجهلة الموجودون حاليا .. أنا أفريقي .. وما ذكرته أعلاه يعني لكم ماذا يكون الأفريقي الذي تسخرون منه .. أول من بني الأهرامات .. ارض النيل أول ارض توجه إليها سيدنا (ادم) بعد هبوطه على جبل عرفات .. افتخر جدا أنني من الأرض التي كانت بها أم سيدنا (موسي) عليه السلام .. افتخر جدا أنني من الأرض التي أنجبت سيدنا (شعيب) عليه السلام وسيدنا (لقمان) عليه السلام  وأنبياء آخرون لم يخبرنا الله عنهم ..
عليه .. أعيد مرة أخرى أنا سوداني أصيل من نبع النيل .. وخلقني الله على السجية .. وسحنتي سمراء .. ولست بعربي .. وليقف هؤلاء الأميون موقف صدق وليرجعوا لما كتب التاريخ والمؤرخون وليعرف أين كان مهد الحضارات وبدايتها .. هذا هو السودان الحقيقي الذي تصفون ...


ولنا عودة 

محمد باعــــــو

الأحد، 28 سبتمبر 2014

كيف تدخل الغابة (21) - الحكومة ذات الملامح اليهودية



بسم الله و الحمد لله

كيف تدخل الغابة (21)
الوطن الذي لا وجيع له
الحكومة ذات الملامح اليهودية

قبل أربعة سنوات تقريبا .. وفي العام 2010 كنت اعمل في احدي الشركات .. وكنت متابعا لأخبار السوق والاقتصاد .. وكنت منحاز جدا لكلمات الحاكم وبطانته السيئة – وقتذاك و الآن – وكنت أستمع لكلماتهم وهي تصف مخربي الاقتصاد .. الذين يتاجرون في العملات الأجنبية ويشتغلون بالتهريب .. كانت النفس تنوء بذلك الغضب على هؤلاء الفئة التي تحاول أن تثري وتستفحش من حبل المواطن المغلوب على أمره .. وفي بعض الأحيان يساورني التفكير .. كيف يمكن لهؤلاء العيش .. أي الفئة المعدمة .. ورزقهم يوم موجود ويوم على الكسرة و الماء .. ثم أعود لصوابي بعد سرح طويل في متاعب لهم .. من بين واقع مر بهم ومن بين خيال إلى ما سيؤول إليه حالهم .. فأعود إلى صوابي ذاكرا الخالق الرازق .. وتعود ذاكرتي لحكايا عزرائيل .. عندما حكي – حسب تناقل الأثر – انه ذات مرة بكى .. وكان الله قد أمره أن يأخذ روح أم رؤوم تقطع نهر هائج وبين يديها طفل رضيع .. وبعد عدة سنون أمره الله بالذهاب إلى احدي الممالك ليقول له أن حاكم هذه المملكة هو ذاك الطفل الرضيع الذي بكيت من اجله .. فيعود صوابي ذاكرا أن الله سبحانه وتعالى لن ينساهم ...
وعودا على بدء .. فقد كنت أعمل في احدي الشركات وكان أمام مكتبي رجل مصريا يعمل مندوبا في احدي الشركات .. حيث كان من المفترض أن يقوم بتسليمي مبلغ من المال نظير إحدى الخدمات المقدمة له من قبل شركتنا .. وجرى النقاش بيننا حول العمل وما يتطلبه من مجهود في انتظار توقيع مدير احدي المؤسسات التابعة لهم .. على أساس أن السائق قد ذهب ليحضر الورقة الموقع عليها .. حتى يستطيع الموظف المصري أن يكمل معاملته معنا ...
ثم تطور الحديث إلى  ما يقوم به بنك السودان من إجراءات تجاه تحويل العملات خارج السودان .. وكيف أن الأجانب يعانون في الإرسال .. ثم تفاجأت جدا بما قاله .. مسقطا كل النظريات و الدوافع التي تجعلني مواليا للحكومة حتى و لو بالرأي .. وبدأ لي أن الأمر كله عبارة عن خدعة كبرى .. فقد قال لي بالحرف الواحد .. أنهم  - أي موظفي الشركة التي تتعامل معنا – لا يتعبون مطلقا في هذا الأمر .. وان كل الأجانب في شركتهم لا يتعبون .. فلما سألته عن السبب .. قال لي أنه يتوفر لهم النقد الأجنبي بواسطة الحكومة .. وعندما تبحرنا قليلا في النقاش وكيف أن الحكومة توفر لموظفين أجانب في شركة لا علاقة لها بالحكومة .. اظهر لي أن عندهم تعاملات خاصة في المواد الغذائية مع الأمن السوداني وشركاته ..
حقيقة وفي ذاك الوقت .. اسودت الدنيا في وجهي .. هذه التي كنت أصدقها وأميل لها .. وكنت أظن أنها تحميني  .. وفي مبدأ التجارة الآن ( المستهلك و الزبون هما يجب أن أغريه ومن ثم إستنفره – مبدأ التاجر ذو الملامح اليهودية) .. فالحكومة تراني الآن زبون ومستهلك وليس مواطنا .. أنها نظرية طاعنة في العذاب ...
وعودا على بدء .. فقد اخبرني الموظف المصري أنهم يتحصلون على الدولار من الأمن .. واعدت عليه سؤالي .. (من الأمن شخصيا ) .. وكأنني أعيد المقولة المشهورة التي قيلت في المرحوم إبراهيم شمس الدين .. ألف رحمة ونور عليه .. فالمقولة المشهورة ( إبراهيم شخص الدين شمسيا ) .. كررت السؤال عدة مرات ( من الأمن شخصيا) .. وللأسف أكد بنعم وبأنهم يحصلون عليها من ضباط بجهاز الأمن ( يا للهول) ...
كل تلك الأكاذيب عن أنهم قبضوا على تاجر العملة هذا وسجنوا هذا .. وللأسف هم اكبر تاجر عملة .. للأسف سادتي .. كل تلك الصرافات المنتشرة ما هي إلا واجهات وإدارتها من جهاز الأمن .. كل أولئك المسافرون عبر المطارات و المواني يحملون في جيوبهم ومخابئهم ما هم إلا تجار عملة (أمنجية) كما هو المصطلح .. وان لم تجده ضم صفوف الأمن .. فتجده أن كل التساهيل أتته بواسطة معرفة او قريب له في الأمن ..
ونفس الأمر يدور في رحى الجمارك .. يزيدون عدد الضباط وبالتالي يزيدون الجمارك و الضرائب .. ألا تعلم الحكومة أن الجمارك و الضرائب من المكوس .. و المكوس محرمة شرعا في الإسلام ..
لقد صدمني في بادئ الأمر .. ولكن تعودت عليه فيما بعد .. ولكن وليعلم الجميع أن الأسعار مرتفعة بسبب العملة الأجنبية .. و العملة الأجنبية تجارها أمنجية .. وفي نهاية الأمر .. يسير بنا الطريق نحو الهاوية .. نحن نسير نحو الاندثار و التفرتق و التشرذم .. فهذا هو واحد من أسباب الفناء لوطني المغلوب على أمره .. وطني الذي ضاع وجيعه بين واجهات الصرافات الدولارية .. وكلنا يعرف وكلنا ساكتون عندما نسأل ( ما سبب زيادة السعر في هذه السلعة ) .. ونسكت ونسكت ونسكت .. ومن سلطهم الله علينا بفعل أفعالنا يتمادون  .. تزيد أسعار النقد الأجنبي .. وتأتي لبائع الخضار (الخضرجي) رافع أسعاره .. فيقول ل كان السبب هو زيادة الدولار .. ومع العلم انه سيكون احضر خضاره فجرا من شمال امدرمان .. حيث لم يعرف المزارعية بعد بزيادة الدولار .. و ياللكوارث التي تحل بنا ...
لقد وصلت قناعتي تمام .. أن الحكومة ستتمادي وتتمادي .. وسيزيد بطانة السوء .. وستزيد صرافات الامنجية .. وسيكبر سرطان مباني التأمينات الاجتماعية  .. وسيزيد عدد الوزراء السكارى .. وستزداد معاناة الشعب .. وسيزيد عدد الممنوحون أوسمة الجمهورية وهم يريدون أكل أموال الناس بالباطل و .. و .. و .. (حتى يقول الرسول و الذين امنوا معه متى نصر الله ) .. ولكنني مؤقن تمام أن الأمر لن يتغير او تغيره الحكومة .. لما  .. لان الشعب المغلوب على أمره غدا في نظر الحكومة اليهودية الملامح .. غدا في نظرها مستهلك .. فيجب إغراءه وثم إستنزافه ) .. الحكومة تنظر إلينا بجشع .. لذا فلن يأتي من خير أبدا .. وحتى الخير وان أتي فتأكد انه ما هو إلا إغراء .. لكي تستنزف حتى الموت .. فمتى يصحو ولي الأمر وبطانته .. فقد ضاق الأمر كثيرا .. وليس لنا إلا قول سيدنا موسي عليه السلام ( وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد ) ...
ولنا عودة


السبت، 27 سبتمبر 2014

كيف تدخل الغابة (20) ... عربدة الابناء



بسم الله و الحمد لله

كيف تدخل الغابة

الوطن الذي لا وجيع له

عربدة الأبناء



كيف وصلنا إلى هذا الدرك ... القاع الممتلئ خراب .. وزير بقامة عالية و قدوة لمجتمع معروف عالميا سودنته .. نراه وأمام أعيننا يتحدث سكيرا عربيدا .. ويهاتي بفجوره بفتيات الختمية وبيت المال وغيرهم .. كم هو سحيق هذا القاع الذي وصلته يا وطني .. كم هو سحيق ومميت ...
وأعود أسأل وأنا أدرك الإجابة .. كيف سحقنا بهذا القاع بعد أن وصلناه .. والإجابة تأتي بينة كشمس الظهيرة بين أحضان يوم بلدي .. أنها الفئة الأعلى .. الفئة الحاكمة .. او  الحاكم وبطانته المتشبعة بكل سوء .. (ألا ساء ما يحكمون) ...
هي أقدار الله ومشيئته لا ريب .. أن يحكمنا ظالم .. او بطانته أسوأ ظلم منه .. ولكن يعود بي الأمر ردا على التساؤل .. فهناك عدة أسباب منطقية .. نتاجها الحاكم الظالم .. ولكن السبب الأول ولا ريب .. وبصدق حديث المصطفي صل الله عليه وسلم ..
( فعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: أقبل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا معشر المهاجرين، خمسٌ إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قطُّ حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولم يُنقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوًّا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم) رواه ابن ماجه في سننه) ...
الآن قد تكونوا أدركتم السبب الأول .. الذي يجعل الحاكم يتسلط ظلما على الرعية .. (ولم يُنقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم ) .. لقد تسلطت علينا الحاكم وفئته و السبب أن هنا من ينقص الكيل و الميزان  .. ولكن ليس معني هذا أن كل من ينقص الكيل من الرعية او من العامة .. لا .. فهناك الكثير ممن ينقصون الكيل بالميزان .. (يكيلون للشعب و الرعية باللكمات .. ويكيلون للحاكم وفئته بالانحناء ومنح المفاسد و الملذات ) .. أي قاع وصلنا .. ( يا وطني لقد مات وجيعك وأبكت الأيام ضنكا شريفة تاهت فسقا في ظلال الحاكم وبطانته ) ...
و السبب الثاني واضحا وضوح الشمس .. أوضح من الأول بألف مرة .. السبب هو نحن .. كيف .. كثيرون يتحججون بقلة الرزق وضنك المعيشة .. والبعض يقول أن الغلاء الفاحش سبب للعزوف عن الاجتهاد في العمل .. ولندرك الحقيقة جيدا ولنعي ما يحدث .. حاكمنا مسلط علينا بفعل نقص الكيل و الميزان .. و الغلاء يستفحش .. و الشريف لص غدا و الحرة امة للزنا .. وما يزال الأمر يسوء أكثر .. السبب الثاني سادتي يجب أن نتحرك مهما كان الأمر ومهما كلفنا .. سيموت الكثيرون .. وسيحيا بعد عدة أجيال حياة الضنك و الألم .. ولكن ستشرق الشمس لأجيال قادمات .. السبب الثاني سادتي هو عدم استخدام مواردنا .. وقد يقول قائل وهل لنا موارد .. وأقول له نعم .. أنها الموارد التي من اجلها تزرع الدول الغربية و الجيران و الأهل .. تزرع ويزرعون فينا الفتن و الحروب .. لا بترول ولا ذهب ولا غيره .. في الوقت الحالي ولألف سنة قادمة .. وبالمعلومات و البحوث من علماء أجلاء وعلماء مرسلون من دولهم بغرض البحث و التجسس و التعلم .. نحن سادتي لدينا المورد الأقوى ولألف سنة قادمة .. مورد لا ينضب .. ويسعي الكثيرون للنيل منا بسببه ..
وقد يضحك البعض من كلماتي .. ولكنها الحقيقة و الحقيقة المذهلة .. لدينا أرض صالحة للزراعة .. وحسب ما هو مقدر أن أنتاج سنة لو زرعت ثلثا الأراضي الزراعية في السودان .. لو زرعت فقط ولمدة عام فتكتفي أفريقيا و شرق أسيا وأوربا من أي حوجة لغذاء .. ولما سمعنا أن هناك من جاع في أفريقيا ...
نحتاج للنهوض بأنفسنا .. ولنق ونعترف في أنفسنا أن الحاكم وبطانته السيئة سلطوا علينا بسبب أن هناك من ينقص الكيل و الميزان .. ولنقر في أنفسنا أن بعضهم من العامة وبعضهم موالي للسلطة .. وبعضهم صديق لذلك الوالي السكران الذي تحدث بأعراض الناس وفتيات الختمية وبيت المال .. في مشهد يبكيك ألف مرة على ما صار إليه حال الحاكم وبطانته ..
يجب أن نقر في أنفسنا بكل تلك الأخطاء .. وانه من الممكن أن يكون القادم أسوا مما فات .. ولكن علينا أن ننهض .. نحن في قاع مظلم .. وبعد ظلامه .. سحقت عظامنا .. حتى ليبكي الرجال مثل النساء ..
فالحل واحد سادتي .. يجب أن نستغل موردنا .. وعلينا أن نقر ونضع في أنفسنا .. أن ما نزرعه اليوم من غرس .. يجب أن نعلم تمام انه لا يمكن وبأي حال من الأحوال أن يأتي ناتجة إلينا حاليا و الآن .. بل ناتجه مستقبليا وبعد عدة أجيال ..
الأمر صعب سادتي بكل المقاييس .. ولكن هذا هو ما وصلنا إليه .. لن ينقذنا لا حكومة إنقاذ ولا أي حكومة في العالم .. نحن فقط من سينقذ أنفسنا .. ولنضع في عقلنا أن الحكومة ما هي إلا موفرة للأمن وحارسة رغم أن هناك الكثير من الخروقات التي تنبئ عن انفلات امني .. و الحمد لله ..
ولنعمل سادتي من أجل أنفسنا .. من اجل من سيأتي بعدنا .. يجب أن نجتهد في ما نملكه من عمل .. وعلينا تطوير أفكارنا ونحن نسير نحو استغلال موردنا الوحيد .. الأرض المعطاة و الحبلى بالخيرات .. ولتمتلئ أنفسنا ثقة بأن الله سيساعدنا  - رغم رغم رغم - من ما تمتلئ نفوسنا من ذنوب .. ولنتذكر أن ذنبنا ومن معنا هو من جلب لنا وزير سكران يتهاتى لسانه بعروض الناس .. وسيأتي اليوم .. سيأتي يوم الحساب .. كل ما في الأمر علينا أن نضع ثقتنا في الله سبحانه وتعالى .. ولن يخذلنا إن شاء الله .


( ولنا عودة )