السبت، 27 سبتمبر 2014

كيف تدخل الغابة (20) ... عربدة الابناء



بسم الله و الحمد لله

كيف تدخل الغابة

الوطن الذي لا وجيع له

عربدة الأبناء



كيف وصلنا إلى هذا الدرك ... القاع الممتلئ خراب .. وزير بقامة عالية و قدوة لمجتمع معروف عالميا سودنته .. نراه وأمام أعيننا يتحدث سكيرا عربيدا .. ويهاتي بفجوره بفتيات الختمية وبيت المال وغيرهم .. كم هو سحيق هذا القاع الذي وصلته يا وطني .. كم هو سحيق ومميت ...
وأعود أسأل وأنا أدرك الإجابة .. كيف سحقنا بهذا القاع بعد أن وصلناه .. والإجابة تأتي بينة كشمس الظهيرة بين أحضان يوم بلدي .. أنها الفئة الأعلى .. الفئة الحاكمة .. او  الحاكم وبطانته المتشبعة بكل سوء .. (ألا ساء ما يحكمون) ...
هي أقدار الله ومشيئته لا ريب .. أن يحكمنا ظالم .. او بطانته أسوأ ظلم منه .. ولكن يعود بي الأمر ردا على التساؤل .. فهناك عدة أسباب منطقية .. نتاجها الحاكم الظالم .. ولكن السبب الأول ولا ريب .. وبصدق حديث المصطفي صل الله عليه وسلم ..
( فعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: أقبل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا معشر المهاجرين، خمسٌ إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قطُّ حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولم يُنقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوًّا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم) رواه ابن ماجه في سننه) ...
الآن قد تكونوا أدركتم السبب الأول .. الذي يجعل الحاكم يتسلط ظلما على الرعية .. (ولم يُنقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم ) .. لقد تسلطت علينا الحاكم وفئته و السبب أن هنا من ينقص الكيل و الميزان  .. ولكن ليس معني هذا أن كل من ينقص الكيل من الرعية او من العامة .. لا .. فهناك الكثير ممن ينقصون الكيل بالميزان .. (يكيلون للشعب و الرعية باللكمات .. ويكيلون للحاكم وفئته بالانحناء ومنح المفاسد و الملذات ) .. أي قاع وصلنا .. ( يا وطني لقد مات وجيعك وأبكت الأيام ضنكا شريفة تاهت فسقا في ظلال الحاكم وبطانته ) ...
و السبب الثاني واضحا وضوح الشمس .. أوضح من الأول بألف مرة .. السبب هو نحن .. كيف .. كثيرون يتحججون بقلة الرزق وضنك المعيشة .. والبعض يقول أن الغلاء الفاحش سبب للعزوف عن الاجتهاد في العمل .. ولندرك الحقيقة جيدا ولنعي ما يحدث .. حاكمنا مسلط علينا بفعل نقص الكيل و الميزان .. و الغلاء يستفحش .. و الشريف لص غدا و الحرة امة للزنا .. وما يزال الأمر يسوء أكثر .. السبب الثاني سادتي يجب أن نتحرك مهما كان الأمر ومهما كلفنا .. سيموت الكثيرون .. وسيحيا بعد عدة أجيال حياة الضنك و الألم .. ولكن ستشرق الشمس لأجيال قادمات .. السبب الثاني سادتي هو عدم استخدام مواردنا .. وقد يقول قائل وهل لنا موارد .. وأقول له نعم .. أنها الموارد التي من اجلها تزرع الدول الغربية و الجيران و الأهل .. تزرع ويزرعون فينا الفتن و الحروب .. لا بترول ولا ذهب ولا غيره .. في الوقت الحالي ولألف سنة قادمة .. وبالمعلومات و البحوث من علماء أجلاء وعلماء مرسلون من دولهم بغرض البحث و التجسس و التعلم .. نحن سادتي لدينا المورد الأقوى ولألف سنة قادمة .. مورد لا ينضب .. ويسعي الكثيرون للنيل منا بسببه ..
وقد يضحك البعض من كلماتي .. ولكنها الحقيقة و الحقيقة المذهلة .. لدينا أرض صالحة للزراعة .. وحسب ما هو مقدر أن أنتاج سنة لو زرعت ثلثا الأراضي الزراعية في السودان .. لو زرعت فقط ولمدة عام فتكتفي أفريقيا و شرق أسيا وأوربا من أي حوجة لغذاء .. ولما سمعنا أن هناك من جاع في أفريقيا ...
نحتاج للنهوض بأنفسنا .. ولنق ونعترف في أنفسنا أن الحاكم وبطانته السيئة سلطوا علينا بسبب أن هناك من ينقص الكيل و الميزان .. ولنقر في أنفسنا أن بعضهم من العامة وبعضهم موالي للسلطة .. وبعضهم صديق لذلك الوالي السكران الذي تحدث بأعراض الناس وفتيات الختمية وبيت المال .. في مشهد يبكيك ألف مرة على ما صار إليه حال الحاكم وبطانته ..
يجب أن نقر في أنفسنا بكل تلك الأخطاء .. وانه من الممكن أن يكون القادم أسوا مما فات .. ولكن علينا أن ننهض .. نحن في قاع مظلم .. وبعد ظلامه .. سحقت عظامنا .. حتى ليبكي الرجال مثل النساء ..
فالحل واحد سادتي .. يجب أن نستغل موردنا .. وعلينا أن نقر ونضع في أنفسنا .. أن ما نزرعه اليوم من غرس .. يجب أن نعلم تمام انه لا يمكن وبأي حال من الأحوال أن يأتي ناتجة إلينا حاليا و الآن .. بل ناتجه مستقبليا وبعد عدة أجيال ..
الأمر صعب سادتي بكل المقاييس .. ولكن هذا هو ما وصلنا إليه .. لن ينقذنا لا حكومة إنقاذ ولا أي حكومة في العالم .. نحن فقط من سينقذ أنفسنا .. ولنضع في عقلنا أن الحكومة ما هي إلا موفرة للأمن وحارسة رغم أن هناك الكثير من الخروقات التي تنبئ عن انفلات امني .. و الحمد لله ..
ولنعمل سادتي من أجل أنفسنا .. من اجل من سيأتي بعدنا .. يجب أن نجتهد في ما نملكه من عمل .. وعلينا تطوير أفكارنا ونحن نسير نحو استغلال موردنا الوحيد .. الأرض المعطاة و الحبلى بالخيرات .. ولتمتلئ أنفسنا ثقة بأن الله سيساعدنا  - رغم رغم رغم - من ما تمتلئ نفوسنا من ذنوب .. ولنتذكر أن ذنبنا ومن معنا هو من جلب لنا وزير سكران يتهاتى لسانه بعروض الناس .. وسيأتي اليوم .. سيأتي يوم الحساب .. كل ما في الأمر علينا أن نضع ثقتنا في الله سبحانه وتعالى .. ولن يخذلنا إن شاء الله .


( ولنا عودة )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق