الخميس، 22 سبتمبر 2016

كيف تدخل الغابة (57) .. الجريف شرق وفتح الخرطوم (23)


بسم الله و الحمد لله

كيف تدخل الغابة (57)
الوطن الذي لا وجيع له
الارض المحتلة ... ضد الجريف (23)
(الجريف شرق .. وفتح الخرطوم  )

هاهي الأرض تغطت بالتعب ...
والبحار أتخذت شكل الفراغ ...
وأنا مقياس رسم للتواصل و الرحيل ...
أنا الآن الترقب ...
وإنتظار المستحيل ...
أنجبتني مريم الأخرى قطارا وحقيبة ...
ضيعتني مريم الأخرى قوافي ...
ثم أهدتني المنافي ...
هكذا خبروني ثم قالوا لي ترجل ...
ثم أنت يا كل المحاور ...
و الدوائر .. ويا حكايات الصبا ...
------------------------------------------


مقدمة المقال السابق (كيف تدخل الغابة 55 – التاريخ ينسي الجريف شرق 21):
---------------------------------------
السلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته ، وكل عام وانتم بالف خير ، لقد قمت بنقل مقالين للدكتور / محمد المصطفى موسى  والأستاذ الصحفي / الصادق محمد سالم ، يتسنى لنا رؤية الجريف شرق وقدمها وأرثها ، وكيف أنها شاركت في حملة المهدي للخرطوم ولكن لم يتم ذكرها الا لماما ، مع انه كان لها الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في مد جيوش المهدي المحاصرة من جهة الغرب تحت أمرة الشيخ العباس ابن الشيخ عبيد ود بدر ، كان لها الفضل في تكفية هذا الجيش من كل مؤونة ، بالإضافة إلى الرجال الذين شاركوا في المعركة ، ولكن كتاب التاريخ أنسونا حظنا وحظ الجريف شرق من التاريخ ..
----------------------------------------

أعيد اليوم عليكم موضوع (فتح الخرطوم) بواسطة القائد السوداني (محمد احمد المهدي) رحمه الله ..  بعد رصد لبعض المقاطع في مقالي الدكتور (محمد المصطفى موسى) والأستاذ الصحفي (الصادق محمد سالم) .. حيث كنت قد أوردت المقالين في مدونة ( كيف تدخل الغابة - 55) (التاريخ ينسي الجريف شرق -21) .. وإليكم المقطعين الأساسيات للنقاش :
 
من (مقال : د. محمد المصطفي موسي)
بعنوان (حصار وسقوط الـخرطوم 26 يناير 1885م
(

( وفي الوقت الذي اصدر فيه المهدي توجيهاته للأمراء الشيخ العبيد ود بدر والأمير الشيخ حمد النيل احمد الشيخ يوسف أبو شرا ( صاحب الضريح الشهير بأمد رمان ) والأمير علي الشريف محمد الأمين الهندي ..بتوحيد الجهود لحصار الخرطوم .. انضم الشيخ عبد القادر ود أم مريوم حفيد الشيخ حمد ود أم مريوم   لركب الثورة المهدية مبايعا للمهدي ومحاصرا للخرطوم من جهة الكلاكلة .. كما قام الأمير الشيخ احمد المصطفي الأمين ود أم حقين بتشديد الحصار من جهة السروراب .. وأرسل المهدي الأمير محمد عثمان أبو قرجة بقوات مقاتلة وعهد إليه مهمة حصار الخرطوم إلي حين تحركه هو بباقي الجيش من جهات كردفان نحوها .. وتوافد أمراء الرزيقات بقيادة الأمير موسي مادبو وكوكبة من فرسان الزغاوة بقيادة الأمير طاهر إسحاق الزغاوي وصحبهم أمراء المسيرية بقيادة الأمير علي الجلة   و معهم عدد من فرسان المساليت وتوافد الفلاتة بخيلهم بقيادة الفكي الداداري .. وتقاطر فرسان الحلاويين من الجزيرة تحت إمرة الأمير ود البصير والأمير عبد الرحمن القرشي ود الزين   وثلة من فرسان الشكرية بقيادة الشيخ عبد الله عوض الكريم أبوسن .. و وفرسان العركيين بقيادة الأمير إدريس ود الشيخ مصطفي العركي وقوات من قبيلة الكواهلة بقيادة الأمير جاد الله ود بليلو.. كما تنادي فرسان كنانة ودغيم والحسنات والعمارنة ودويح بقيادة الأمير بابكر ود عامر وود مدرع والفقيه سعيد الدويحي من النيل الأبيض .. ثم عُين أمير الأمراء الأمير عبد الرحمن النجومي قائدا عاما لحصار الخرطوم .. فأحاطوا بالمدينة إحاطة السوار بمعصم اليد )
( ويقول نيكول إن الإمام المهدي قد وجه الأمير محمد الخير بتجميع قوات من قبائل الجعليين والدناقلة والبشاريين والعبابدة تحت قيادة الأمير عبد الماجد محمد لمواجهة الغزاة في أبو طليح .. كما اقتطع قوات مقدرة من فرسان دغيم وكنانة من جيشه المحاصر لمدينة الخرطوم وأرسلهم كتعزيزات لهذه القوات بقيادة الأمير موسي ود حلو شقيق الخليفة علي ود حلو علي رأس فرسان الراية الخضراء وأمراء آخرين .. علي أن تبقي البقية الباقية من الراية الخضراء تحت إمرة الخليفة علي ود حلو لحصار الخرطوم .. ويتوافق كلام فيرغس نيكول مع منشور المهدي بخط يده للخليفة عبد الله بتاريخ ١١ يناير ١٨٨٥: ” حبيبي ، إن أمر جيش الانجليز مهم ، كون تعزيز الجيش فيه فوائد كثيرة وتثبيت للقلوب ، واطمئنان لأهل البلد وتشجيع لهم .. فليكن تجهيز إخوان صناديد كنحو حسن حسين وجماعته وبيرق ابن التويم المادح وبيرق أخي محمد العريق وبيرق علي بن الهاشمي وتشهيلهم بما يلزم من آلة وجباخين وليصير التنبيه علي جماعة الصديق بتشهيلهم ولا يكون في هذا الأمر تأني والسلام ” .. ( أبو سليم ، مصدر سابق ، ص ٢٠٦) .
----------------------------------------------

من  (مقال للأستاذ الصحفي : الصادق محمد سالم)
(حصار وسقوط الـخرطوم 26 يناير 1885م)
(أخر لحظة )
(رأي: الصادق محمد سالم)

المرحلة الثانية:
عزل مدينة الخرطوم عن المناطق المجاورة باحتلال أم ضوبان
والجريف شرق والجزيرة إسلانج شمالاً و الكلاكلة وأبو سعد جنوباً.

المرحلة الثالثة:
الاستيلاء على المدينة أما باستسلامها أو دخولها قسراً.


المرحلة الرابعة:
عزل المناطق المجاورة للخرطوم حيث تولى «الشيخ العبيد» حصار
الخرطوم من جهة الحلفايا شمال أم درمان من الضفة الشرقية
للنيل و«العباس بن الشيخ العبيد» حصار الجريف غرب بعد عبوره
للنيل الأزرق والشيخ «ود أم حقين» من خور شمبات غرب النيل
شمال أم درمان والشيخ «أبو ضفيرة» من أبو سعد جنوب أم درمان
والشيخ «البصير» من الحلاويين مع الشكرية تحت قيادة الشيخ
«
عبد الله عوض الكريم أبوسن» لحصار الخرطوم جنوباً وعزلها على
الجزيرة، كما عين المهدي «أبو قرجة» قائداً لجيش الحصار ومنسقاً
عاماً بين القوات وبدأ بالعدائيات من الجريف.

------------------------------------------

من قراءتنا لمقال الدكتور مصطفى موسى نستنتج التالي :
قبيل تحرك المهدي رحمه الله من مدينة الأبيض .. كان قد تلقي من قبل البيعة من الشيوخ القاطنين في الخرطوم وما حولها ... وأصدر توجيهاته ببدء حصار الخرطوم .. مما يعني منطقيا أن المناطق الطرفية للخرطوم لم تكن ضمن حماية الحامية الانجليزية .. او من الممكن القول أنها ضعفت ... وتوجيهات المهدي رحمه الله كانت رئيسية للشيوخ العبيد ود بدر رحمهم الله (مشيخة أم ضوابان) و الشيخ حمد النيل يوسف أب شرا رحمهم الله (مشيخة أمدرمان) و الشريف على الأمين الهندي رحمهم الله (مشيخة بري) .. ثم بعد ذلك تلاهم مشائخ الجهة الجنوبية من الخرطوم  ... والسؤال المطروح : لما تمت توجيهات المهدي رحمه الله لهؤلاء الثلاثة ؟
إذا رجعنا لبدايات دخول العرب وما تلاها من هجرة الشيوخ الصوفية من شمال أفريقيا والجزيرة العربية ... نجد أن السودانيين تمسكوا بمبدأ الصوفية ... وحتى إنها عادت جزءا من حياتهم اليومية ... وتفكير المهدي رحمه الله كان صائبا ... إذ أنه اصدر توجيهات للشيوخ حتى يضمن الولاء ... و الشيوخ كانوا بمثابة الملوك في بواطن الصوفية السودانيين .. ولضعف سلطة الحامية الانجليزية وتركزها حول ملتقى النيلين .. من منطقة المقرن وحتى خط السكة حديد جنوبا ... وتمركزها حول المنطقة شمال المرسى النهري ببحري و الوابورات وما حولها ... وتمركزها في منطقة بانت وما حولها بأم درمان ... فتمركز الحامية الانجليزية في هذه المناطق فقط وضعفها وقوة سلطة الشيوخ الدينية ... هي ما جعلت المهدي رحمه الله يصدر توجيهات للشيوخ الذين تلقى منهم البيعة من قبل ... حتى يضمن ولاء قاطني الخرطوم ما حولها .. وتم له ما أراد ...
وبنظرة لما يجري في ذلك الزمان ... نستشف الآتي :
أن الأوامر الصادرة للشيخ العبيد ود بدر رحمهم الله ... كانت تقتضي حصار الخرطوم من الجهة الشرقية للخرطوم بدء من الجريف شرق جنوبا وحتى حلفاية الملوك شمالا ... ولماذا هذه المناطق بالذات ... لان ما يقابلها بالضفة الغربية للنيل هو الحامية الانجليزية ... أما بالنسبة لحلفاية الملوك بالضفة الشرقية و السروراب بالضفة الجنوبية لنهر النيل فقد كان بمثابة تأمين لبوابة الخرطوم الشمالية ...
وكان واضحا محاولة الكاتب الدكتور مصطفى موسى عدم إظهار كل المشاركين وحاول تمجيد أمراء الرزيقات و الزغاوة و الحلاويين و الشكرية ونسي الجعليين و المحس و المغاربة القاطنين بمناطق حلفاية الملوك و شمبات و الشيخ حمد و خوجلي و الجريف شرق و سوبا و العيلفون ... و الذين بدأت بهم نواة الخرطوم ..
وبرجوعنا لمقال الكاتب الصحفي الصادق سالم في المرحلة الرابعة ... ورسم خطة المهدي لحصار الخرطوم ... نجد (ملاحظة غريبة) ... نجد أن الضفة الشرقية للنيل الأزرق ونهر النيل ومن حلفاية الملوك شمالا وحتى العيلفون جنوبا ... نجدها تحت أمرة الشيخ العبيد ود بدر رحمهم الله ... ورغم وجود الشيخ العباس ابن الشيخ العبيد ود بدر رحمهم الله وهو يقود الجيوش من ناحية الجريف غرب ... (وهذه الملاحظة الثانية وسنعود لها )  ...
فسيطرة الشيخ العبيد ود بدر وأبنه العباس رحمهم الله هذا يدل على أن جيش المهدي في تلك المناطق كان قوامه من ساكنيها ... من رجالات أم ضوابان و كترانج و العيلفون و سوبا و الجريف شرق والشيخ حمد و خوجلي رحمهم الله و شمبات و حلفاية الملوك و الكدرو القديمة ... هؤلاء هم قوام الجيش الرابض بالضفة الشرقية لنهر النيل و النيل الأزرق ... وحسبما ذكر الدكتور مصطفى موسي فأن الحصار قد بدأ وقوات المهدي كانت لم تصل بعد من كردفان ...
وعلى حسب جغرافية المنطقة وطبيعة الحصار ... فقد تولى الشيخ العبيد ود بدر رحمهم الله قيادة الجيش من حلفاية الملوك شمالا وحتى منطقة كوبر حاليا جنوبا ... و التي لم تكن مأهولة بالسكان في ذاك الزمان ... مع الابتعاد عن الحامية الانجليزية و التي كانت أقوى في منطقة الوابورات ببحري وما حولها ... مع استمرار المراقبة وقطع الإمدادات عنها ...
وتولي الشيخ العباس ابن الشيخ العبيد ود بدر رحمهم الله ... تولى قيادة الجيوش المحاصرة من منطقة كوبر شمالا وحتى الغابة الفاصلة بين الجريف شرق و أم دوم حاليا ... و التي كانت في السابق ممتدة حتى سوبا شرق ... مع قطع الإمدادات التي كانت تأتي للخرطوم من جهة الجريف شرق ...
وإذا عدنا للملاحظة الثانية للصحفي الصادق سالم ... وهو يتحدث عن الحصار ويقول ( من جهة الجريف غرب) ... حقيقة نحن نعتز بصلاة الرحم بيننا وبين الجريف غرب وبري والبقية ... ولكن هذا إجحافا لحق الجريف شرق ... ففي ذلك الزمان الجريف شرق أقدم وجودا من الجريف غرب .. وتمركز الهجرات كان في بري ... حول منطقة قبة الهندي حاليا ... أقلاها كان من المفترض أن يكتب من (جهة الجريف شرق) ...
وحيث إن أول دخول لجيوش المهدي لمثلث الخرطوم ... كان قد تم عن طريق الجريف شرق .. وذلك عبر المنطقة الفاصلة بين بري و الجريف غرب حاليا ... و أكثر دقة ... (منطقة مبني سجن الإصلاحية بالمنشية) ... حيث تشير جغرافية النيل الأزرق أن هذه المنطقة هي اقصر طريق لدخول الخرطوم لتقارب الضفتين ووجود جزيرة بين الضفتين ... جزيرة صغيرة ممتدة على مرتين بوسط النيل الأزرق ... وهذا ما يجعل هذه المنطقة أسهل عبورا للخرطوم ...
إذا منطقيا ... وما حدث ... حيث أن الجريف شرق هي البوابة الفعلية التي بدأ منها دخول جيوش محمد احمد المهدي ... الجيوش التي كان قوامها رجال الجريف شرق و سوبا شرق و العيلفون و كترانج ... وفعليا تمت عبور تلكم الجيوش عبر منفذ مبني سجن الإصلاحية حاليا ... وفي ذلك الوقت لم تدخل بعد جيوش الشيوخ و الحلاويين القادمين من الجزيرة و الكلاكلة ... كما نشير حسب المواقع الجغرافية لسكن القبائل ... أن رجال البطاحين و الشكرية الذين ذكرهم الدكتور مصطفى موسى ..  كانوا تحت أمرة الشيخ العبيد ود بدر وأبنه العباس رحمهم الله ...
وإذا عدنا لموقعة الحصار ... سنجد أن تمركز الجيش الذي بقيادة العباس رحمه الله ... كانت مؤونته الرئيسية تأتي من أرض الجريف شرق ... فبعد المسافة لسوبا شرق و العيلفون وخلو المنطقة بين الجريف شرق جنوبا وحتى الوابورات بحري شمالا ... كل هذا يجعل ارض الجريف شرق ومنتجاتها الزراعية هي الأشد دعما للجنود المحاصرين للخرطوم من الضفة الشرقية للنيل الأزرق ... وكما ذكرنا سابقا من هم قوام تلكم الجيوش ... هم أبناء ورجال الجريف شرق وسوبا شرق و العيلفون و أم ضوابان وأبناء البطاحين و الشكرية بأرض البطانة .. و الذين جاءوا مؤيدين لنصرة المهدي رحمه ورحمه الله جميعا ...
كما نلاحظ أيضا في مقال الصحفي الصادق سالم .. نهاية مقطع المرحلة الرابعة ... (أنه بدأ بالعدائيات بمنطقة الجريف ) وللإجحاف الظاهر ضد الجريف شرق ... فلم يكمل العبارة ... و التي من المفترض أن تكون ( وبدأ بالعدائيات من الجريف شرق) ...
للأسف ... مازالت كتب التاريخ وكتابه ومقالاته يتجاهلون عمدا دور أهل شرق النيل الأزرق الفاعل في فتح الخرطوم ... يتجاهلون الرجال و المؤونة التي قدمت لجيوش المهدي من أرض الجريف شرق وسوبا و العيلفون و أم ضوابان ... ونرجو أن لا يتجاهل كتاب التاريخ تلكم الحقائق التي يحاولون تجاهلها وتغيبها عن النشر والإفصاح والإيضاح لأهل السودان حتى يعرفوا تاريخهم أقلاها ...

ولنا عودة

اللهم أرحم شهيدي الجريف شرق ... شهيدي الأرض و العرض ... شهيدي الدم و الرحم ...
في رحاب الله الشهيد أخي (محمد عبيد) والشهيدة أمي (منى النخلي) ... اللهم أجعلهم في ركاب الشهداء و الصديقين و الصالحين ...  رحمهما الله رحمة واسعة وأسكنهم فسيح جناته وسقاهما من كوثر المصطفي صل الله عليه وسلم شربة لا يظمآن بعدها أبدا ...

وأعود اذكر بقول جدي الراحل (مصطفي علي عوض الكريم) الشهير بـ (الغول) عليه رحمة الله ... (مهما قالوا مهما كتبوا .. فالجريف من رحم واحد) ...

محمد باعـــــــــــــــــــــو
22/9/2016





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق