الثلاثاء، 1 نوفمبر 2016

الحلال و الحرام .. بين الاسلام واليهودية



بسم الله و الحمد لله

الحــــــلال و الحــــــرام
بين الإسلام و اليهودية
·       مقال للكاتب اللبناني (فرج الديب) صحيفة السفير.. 17 يناير 2003
ب رغم ملامح الانتشار والنشوء العربي لليهودية وللمسيحية، فقد حاول فقهاء المسلمين طمسها، بأن وسعوا عباءة الوثنية قبل الإسلام ووسموا العرب جميعا بها، تماما كما وسم معظم المستشرقين العرب، لأي معتقد انتموا، بأنهم كانوا يئدون البنات، وكأنما مواليد العرب في حينه كانت من بطون الصخور. لكن الآيات القرآنية قد سفّهت كل الجهال والذين تجاهلوا وجهّلوا المؤمنين بحقائق مجتمعات العرب وأديانها. فعدة مئات من الآيات تناولت اليهودية، وغيرها تناول المسيحية، لأن هذه الآيات كانت تخاطب كل العرب حيثما تدينوا بدعوة للانضمام تحت مظلة التوحيد الإلهي. “فاليهودية” دونما كتاب كانت منتشرة في اليمن والجزيرة وبلاد الشام، والمسيحية المحلية المستقلة عن الكهنوت وسلطة الرومان كانت منتشرة في اليمن والحجاز الى جانب بلاد الشام، وقد هزت بانتشارها ملوك اليمن “المتهودة”، التي صحَت على دين مسيحي جديد يقوض ناموسها، فلجأت الى الإبادة حيثما استطاعت، مما استدعى تدخل الحبشة عبر حملة أبرهة المسيحي نحو اليمن والحجاز. فإضافة للمعروف تاريخيا عن انتشار اليهودية، فإن الملامح المشتركة للحلال والحرام بين اليهودية والإسلام تقدم دلالات هامة على المنبع المشترك، حيث تصح تماما عبارة “فردريك انجلز”، “إن الإسلام دعوة الى التوحيد أمام يهودية ومسيحية مفسدتين في جزيرة العرب، وإيقاظ للشعور القومي العربي أمام غزو الفرس لليمن ولبلاد الشام”. ومن هذه الملامح المشتركة:
الضب والجراد والخنزير والخمر
الضب حيوان زاحف يشبه التمساح يعيش في جزيرة العرب، حيث تتفاوت المناطق التي تحرّم أكله أو تتقوت منه. فالجوهري في “قاموس الصحاح” (1) يورد “ان الضب دويبة. وفي المثل: “لا أفعله حتى يرد الضب” أي لا أفعل هذا الشيء حتى يشرب الضب من الماء. وبما أنه لا يشرب أبدا، فإن هذا الفعل مستحيل. وفي سِفر اللاويين، إصحاح 11/29: “وهذا هو النجس لكم من الدبيب الذي يدب على الأرض، ابن عرس والفأر والضب على أجناسه...”. وفي الأحاديث النبوية لم يحرم النبي محمد أكل الضب وإن كان لم يأكل منه (2).

أما الجراد، فإنه حشرة طائرة تقتات من النبات حتى الإفناء، ولها علاقة جدلية مع الصحراء، حيث يتكاثر تناسلها في الصحراء والحر، وهي تحيل الأرض الى صحراء في الوقت نفسه. وقبل الإسلام وبعده كانت تباع بمكاييل الصاع والمد (20 كلغ)، وحتى خمسينيات القرن الماضي ظل الجراد يؤكل باتساع في مدن الجزيرة العربية، وهو محلل في التوراة أيضا. ففي سِفر اللاويين، إصحاح 11/21: “ما له كرعان فوق رجليه يثب بهما على الأرض، هذا منه تأكلون. الجراد على أجناسه والدِّبا على أجناسه والحرجوان على أجناسه والجندب على أجناسه”.

أما الخنزير الذي ينسج حوله من يحرّمه أساطير عن عدم نقاوة لحمه، وأنه مليء بالجراثيم، فإن جسد الإنسان والحيوانات الأخرى المأكولة مثل البقر والغنم، مليئة أيضا بالجراثيم، وتحتاج لدرجة حرارة عالية في الطهو لتسلم منها. لكن تحريم أكله نصادفه في النقوش المصرية، حيث كان ينبذ من يربيه، ويحرم أكله عند الفئة العليا من الملوك الآلهة، فيما قنوات وسواقي النيل صالحة لتربيته لحظة كان ثور البقر رمزا للطاقة الجنسية. وفي التوراة حُرّم أكل الخنزير “لأنه يشق ظلفا ويقسمه ظلفين لكنه لا يجتر. فهو نجس لكم. من لحمها لا تأكلوا وجثتها لا تلمسوا. إنها نجسة لكم” (3).

وفي القرآن أيضا جاء التحريم في “سورة البقرة، الآية 173”: “إنما حُرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أُهلّ لغير الله، فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه، إن الله غفور رحيم”، وكذلك في “سورة المائدة، الآية 3”، فيما الآية الخامسة من السورة نفسها فتقول: “اليوم أُحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم...”. أما السبب الرئيسي لتحريم لحم الخنزير فأنه كان يُستخدم دهنه في طلاء خشب الزوارق، فهو يعود ليس الى نوع لحمه، بل الى سلوكه، إذ من المعلوم أنه في المجتمعات الرعوية ولأن ممارسة الجنس عملية مكشوفة بين الماشية، فإن الرعاة كثيرا ما يحاولون ممارسة الجنس مع مواشيهم، وهذا مصدر أمراض تناسلية عند الإنسان. ويُعتبر الخنزير من الحيوانات المطواعة في ذلك، بل يشار الى أن الخنزيرة تلف ذيلها على عضو الناكح. وعلى هذه الخلفية نجد في الثقافة الشعبية عبارة: “فلان خنزير”، وهي تطلق على الرجل الذي يسهّل لزوجته الدعارة عن طواعية.

وبرغم أن ديونيسيوس (الإله أنيس) مولود في نيسا اليمنية على شواطئ البحر الأحمر، وكان إلها للخمر عند اليونانيين والرومان، وبرغم أن اليمن كانت تنتج حوالى 70 صنفا من الأعناب، فإن الزجليات التوراتية تلعن الخمر. وقد ورد في سِفر عاموس، إصحاح 6/4 6 قذفا للمنحرفين المخالفين الشرائع: “المضطجعون على أسرّة من العاج، والمتمددون على فرشهم، الآكلون خرافا من الغنم وعجولا من وسط الصيرة. الهاذرون مع صوت الرباب، المخترعون لأنفسهم آلات الغناء كداوود. الشاربون من كؤوس الخمر والذين يدهنون بأفضل الأدهان، ولا يغتمّون على انسحاق يوسف”. أما عند الفقهاء من المسلمين الذين يفسرون الاجتناب على أنه أقوى من التحريم، وبرغم أن الخمر موعودة للمؤمن في الجنة، فإن الآيات تدرجت في مسألة ذكر الخمر كما يلي:

سورة النساء، الآية 43: “يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون...”.

سورة البقرة، الآية 219: “يسألونك عن الخمر والميسر، قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس، وإثمهما أكبر من نفعهما...”.

سورة المائدة، الآية 90: “يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون. إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة، فهل أنتم منتهون”.
الوضوء والصلاة... والطلاق

في خلفية المشهد عبادة للشمس وللقمر، وسجود للملوك. فعبادة الشمس حسب مواقيتها: صبحا، ظهرا، عصرا، غروبا. وفي صلاة اليهود في الكنيس المحور عن “القليس” اليمنية وراء الحاخام (الحكام الحكماء)، أورد “البلخي” صاحب كتاب “البدء والتاريخ” بعض طقوس اليهود العرب ومنها:

الوضوء: “وأما وضوؤهم واغتسالهم فمثل طهارة المسلمين سواء. غير أنه ليس فيه مسح للرأس. ويبدأون بالرجل اليسرى، واختلفوا في شيء منه. ولا يتوضأون بماء قد تغير لونه أو طعمه أو ريحه. ولا يجيزون الطهارة من غدير ما لم يكن عشرة أذرع في عشرة. والنوم قاعدا لا ينقض الوضوء ما لم يضع جنبه”.

الصلاة: “ولا يجوز للرجل الصلاة في أقل من ثلاثة أثواب: قميص وسراويل وملاءة يتردى بها. ولا تجوز الصلاة للمرأة في أقل من أربعة أثواب. والصلاة فرض عليهم في اليوم والليلة، ثلاث صلوات إحداهن عند الصبح والثانية بعد الزوال الى غروب الشمس، والثالثة الى وقت العتمة الى أن يمضي من الليل ثلثه”.

السجود: “ويسجدون في دبر كل صلاة سجدة طويلة، ويزيدون يوم السبت وأيام الأعياد خمس صلوات سوى ما كانوا يصلونها”.

الحج: “وكان واجبا عليهم الحج في كل سنة ثلاث مرات حين كان الهيكل عامرا والمذبح قائما...”.

الصوم: “وأما الصوم فيجب عليهم...” وهو صوم متقطع منه صيام عاشوراء، وصيام أستير... إلخ. “ويغسلون الموتى ولا يصلون عليهم...”.

الزكاة: “وأما الزكاة فالواجب عليهم أن يخرج العشر من أموالهم كائنا ما كان من السوائم والناض”.

الزواج والطلاق: “ونكاحهم لا يصح إلا بولي وخطبة وثلاثة شهود ومهر. وإذا زفت وكّل أبو المرأة رجلا وامرأة بباب البيت الذي يفتضها فيه الزوج وفرشوا لها ثيابا بيضا. فإذا نظر الزوج الى الثياب، وشهدا بما رأيا افتضها، فإن لم يجدها بكرا رجمت. ولا يجوز لهم التمتع بالإماء إلا أن يعتقوهن وينكحوهن. وأما طلاقهم وخلعهم فإنه لا يجوز لهم ذلك، إلا أن يقفوا منهم على زنى أو سحر أو رفض دين. ومن أراد أن يطلق يحضر الشهود وكتاب الطلاق ويقُل لها: أنت طالق مني مئة مرة ومختلعة مني وفي سعة أن تتزوجي من شئت. ولا يقع الطلاق على الحامل”.

الحدود: “والحدود عندهم على خمسة أوجه: الحرق على من زنى بأم امرأته أو بربيبته أو بامرأة ابنه. والقتل على من قتل. والرجم على المحصن إذا زنى أو لاط، وعلى المرأة إذا مكنت البهيمة من نفسها، والتعزير على من قذف، والتغريم على من سرق، والبينة على المدعي واليمين على من أنكر (4).

وبعد، هذا ما لخصه البلخي في كتابه، الذي لا يحتاج منا الى مقارنة أو تعليق قياسا للطقوس والحدود في الشريعة الإسلامية، والذي نخاله “غير مجهول” من الفقهاء، آمين.
الصوم
الصوم درءاً لنفاد الزاد في الرحال، وتعبداً بعد نجاح، وقصاصا بعد هزيمة، أو صياماً لذكرى. وهكذا قننت التواراة وبعدها كتاب التلمود فروض ومواعيد الصيام على عشائر اليهود وقبلها على المؤمنين بالناموس كشريعة لموسى. فقد جاء في سِفر زكريا، الاصحاح 8/19: “هكذا قال رب الجنود. إن صوم الشهر الرابع وصوم الخامس وصوم السابع وصوم العاشر يكون لبيت يهوذا ابتهاجاً وفرحاً وأعياداً طيبة”. وفي الاصحاح 7/5: “قل لجميع شعب الأرض وللكهنة، قائلاً: لم صمتم ونحتم في الشهر الخامس والشهر السابع وكذلك هذه السبعين سنة، فهل صمتم صوماً لي أنا”. وفي سِفر يونان، الاصحاح 3/5: “فآمن أهل نينوى بالله ونادوا بصوم ولبسوا مسوحاً”. وهكذا فالصيام وارد في التوارة، ومقنن في التلمود، ومنه: صيام الرابع من شهر تشري (تشرين أول) الذي تبدأ فيه السنة العبرية، وصوم (جداليا) التي قُتلت على يد الملك البابلي، وصوم الغفران (كيبور الكفارة) في العاشر من تشري ولمدة 72 ساعة، وصوم العاشر من تموز، والتاسع من آب. ويرد هذا الصيام تحت باب “تحينوث” في التلمود. وهي الكلمة العربية عينها من جذر حنث وهي نفسها كلمة تحنّف، لجواز ابدال الثاء والفاء: (فحم تحم، فم نم). ويورد جواد علي نقلاً عن البلاذري، ان عبد المطلب جد النبي الذي لم يسلم، “كان أول من تحنث في غار حراء. وكان اذا أهل هلال رمضان دخل بحراء، فلم يخرج حتى ينسلخ الشهر، فيطعم المساكين ويكثر الطواف بالبيت(5).

ويورد الجوهري في الصحاح (6) ان “تحنث، أي تعبّد واعتزل الأصنام، مثل تحنف. وفي الحديث انه كان يأتي غار حراء فيتحنث فيه”.

كما يورد الطبري في تاريخه، ان النبي حين “قدم المدينة رأى يهوداً يصومون يوم عاشوراء، فسألهم فأخبروه انه اليوم الذي غرّق الله فيه آل فرعون، ونجّى موسى ومن معه منهم. فقال: نحن أحق بموسى منهم، فصام، فأمر الناس بصومه، فلما فُرض صوم شهر رمضان، لم يأمرهم بصوم يوم عاشوراء ولم ينههم عنه(7). هذا وقد قنن الصيام وحدوده في “سورة البقرة، الآية 183”: “يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون”. وكذلك في الآيات 184، 185، 187 من السورة نفسها. والذين كانوا قبلاً، هم المسيحيون واليهود.
التقويم القمري والنسئ
بعض العرب تخطّى استخدام الأشهر القمرية، الى أشهر الدورة الشمسية في 365 يوماً وربع اليوم، والتي كانت واضحة عند البابليين والسريان. وهؤلاء السريان من عشائر سبأ اليمنية ولسانهم لسان ملوك حمير اليمنيين الذين كانوا من حفظة الناموس الموسوي، في حين أن البعض الآخر من العرب ظل على التقويم القمري. وبمناسبة ذكر العرب، فان الخطأ الأكبر الذي وقع فيه الاستشراق ومن تبعه، هو اقتصار العرب على الإسلام، فيما العرب كانوا يهوداً ومسيحيين قبل الإسلام، وكانت السريانية والعبرية والعربية متفاوتة الانتشار بينهم. فالمسعودي مثلاً يشير الى ان اسماعيل بن ابراهيم تكلم مثل عشيرة جرهم، وكان سرياني اللسان على لغة أبيه خليل الرحمن حين اسكنه هو وأمه هاجر بمكة(8)، فيما الطبري يؤكد سريانية آدم وشيت ونوح وادريس(9).

إذاً، كان لسان اسماعيل سريانياً على لهجة سبأ وعشائرها ذوي الأبجدية الواحدة مع العبرية والعربية (أبجد هوز)، لكن الأشهر السنوية الشمسية كانت الأشهر المستخدمة اليوم في بلاد الشام ولدى المؤرخين اليمنيين وهي (كانون ثان، شباط... إلخ)، وكانت هي الأشهر نفسها عند عشائر اليهود فيما عدا أربعة فقط وهي: تشري، حشوان، كلو، طبيت، شباط، آذار... إلخ).

وكان التقويم القمري الذي ارتبط بعبادة الأم الأولى وعبادة القمر المنسجم مع الدورة الشهرية للطمث عند المرأة، التقويمَ السائد عند العرب يهوداً وغير يهود في الجزيرة.

وبما أن الأشهر القمرية تظل بمجموعها أقل من 365 يوماً، ولكي تبقى هذه الأشهر في مواعيدها، كان العرب يلجأون الى النسئ، أي الى اضافة ثلاثة عشر يوماً على الشهر الأخير، ليعاودوا احتساب الأشهر مع دورة القمر، حيث يظل الحج في مواقيته وكذلك رحلات التجارة والمواسم. لكن هذا النسئ يحتاج الى سلطة محددة لإعلانه خاصة ان الأشهر القمرية تتراوح بين 29 و30 يوماً، لذلك يقول المسعوي: “كانت النساءة في بني مالك بن كفافة، وآخرهم كان أبا تمامة، وذلك ان العرب كانت اذا فرغت من الحج (الحج الى مكة قبل الإسلام) اجتمعت اليه، فيقوم فيهم فيقول: اللهم اني قد احللت أحد الصفرين، الصفر الأول، وانسأت الآخر (أي أخرت) الى العام المقبل”(10). وكان اليهود العرب يتبعون هذا النسئ، وقد ظلوا عليه خاصة بعدما جاءت “سورة التوبة” لتعيد الأشهر القمرية الى عدم ثباتها، وقد جاء في الآية 36: “ان عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم...”، وفي الآية 37: “انما النسئ زيادة في الكفر، يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً ليواطئوا عدة ما حرم الله...”. هذا وما زال التقويم القمري سائداً في الدولة الصهيونية حتى الآن...
الختان
في مجتمعات تسودها الحرب الأهلية دونما سلطة، كان الوشم (أو الوسم) وأحياناً كان الجرح في الوجه أيضاً، دلالة انتماء الى هذه العشيرة أو تلك، تماماً كوسم الماشية للدلالة على مالكها. وعند عشائر العبران كان الختان دلالة انتماء، لأن أية علامة أخرى كانت محرمة. ففي سَفر اللاويين، الاصحاح 27، جاء: “لا تقصّروا رؤوسكم مستديراً، ولا تفسد عارضيك، ولا تجرحوا أجسادكم لميت، وكتابة وسم لا تجعلوا فيكم”. إذاً، الوسم أو الوشم محرم على عكس العشائر الأخرى التي كانت تسم ظاهر الكف، أو الذقن برسوم محددة لكل عشيرة.

وهذا الختان يتكرر ذكره في سور التوراة، حيث خاطب الله ابراهيم في سِفر التكوين، الإصحاح 17، فقرة 11 14: “هذا هو عهدي الذي تحفظونه بيني وبينكم وبين نسلك من بعدك. يُختن منكم كل ذكر. فتختنون في لحم غرلتكم، فيكون علامة عهد بيني وبينكم. ابن ثمانية أيام يختن منكم كل ذكر في أجيالكم. وليد البيت والمبتاع بغضة من كل ابن غريب ليس من نسلك. فيكون عهدي في لحمكم عهداً أبدياً. وأما الذكر الأغلف الذي لا يختن في لحم غرلته، فتقطع تلك النفس من شعبها انه قد نكث عهدي”. وهكذا في سِفر يشوع ومجمل الأسفار. وبناء عليه، فإن الختان انتقل الى العشائر غير العبرانية والتي كانت تدين بشريعة الناموس (ناموس موسى)، والى العشائر اليهودية سواء تحت حكم امبراطوريات اليمن “اليهودية” أو خارجها. كما نجد عادة الختان عند الفينيقيين الذين قدموا في البدء من شواطئ اليمن الى شواطئ الشام وكانوا يمارسون الختان(11). كما انها عادة عند آلهة بلاد القبط (مصر اليوم) ترجع الى الألف الثالثة قبل الميلاد، خاصة ختان الكهان بعد عمادتهم بالماء (12).

وهذا الختان كان سائداً في مكة وبين “يهود” يثرب، وتحول الى سُنة شائعة لدى المسلمين، لذلك قال الطبري: “قد ابتلي ابراهيم بعشرة أشياء هي في الإسلام سُنة: المضمضة والاستنشاق وقص الشارب والسواك ونتف الإبط وتقليم الأظافر وغسل البراجم والختان(13). والختام اليوم فرض شرعي في الدولة الصهيونية، أثار تطبيقه سخط “يهود” الفلاشا الذين استُقدموا من الحبشة، والذين كان عليهم ان “يطهروا يختنوا” ليحوزوا شروط الانتماء الي المواطنة الاسرائيلية، فيما كلمة الفلاشا هي نفسها كلمة فلشئيم بالعبرية، أي الفلسطينيين.
الرجم
استُعمل الحجر في المجتمع الرعوي للمقلاع، وللتراشق قتالاً بالترافق مع العصاة. وكذلك كان للرجم عند عشائر العبران المتنقلة، وقد تردد في التوراة، في سِفر اللاويين، الإصحاح 20/27، عندما عوقب الذي شتم بالرجم، وفي سِفر العدد 14/10 وكذلك الذي لم يسبت نهار السبت، كما يتكرر في سفر التثنية ويشوع وصموئيل الثاني ويطال جريمة الزنى بالتساوي مع الخارج عن الشريعة. اضافة للجلد اربعين جلدة عقاباً لذنب يقره القضاة. وظل الرجم سائداً في جزيرة العرب ومورس مرة واحدة أيام النبي على امرأة تسمى “المعمرية”، ومن بعدها حددت بشروط دقيقة وشهادة شهود مسألة الاتهام بالزنى، حيث نصت “سورة النور” على الجلد مئة جلدة، في حين ان الرجم ظل سُنّة متبعة عند البعض من عشائر العرب. أما المسيح فقد خالف التوراة واطلق صيحته المدوية: “من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها أولاً بحجر”.


1 الجوهري، قاموس الصحاح، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار، دار العلم، بيروت ط 2 1979 في 1 ص 167.
2 كمال الصليبي، التوراة جاءت من جزيرة العرب، ترجمة عفيف الرزاز، المؤسسة العربية ط اولى 1985، هامش ص 67.
3 الكتاب المقدس، التوراة، سفر اللاويين 11/7 8.
4 المقدسي، البدء والتاريخ، ج4، باريس 1907، طبعة كليمان لوار ص 36 39.
5 جواد علي، تاريخ العرب في الإسلام، 1981، ص 129.
6 الجوهري، ج 1، ص 280.
7 الطبري، تاريخ الأمم والملوك، طبعة خياط 1968، قسم أول، ج3، ص 1281.
8 المسعودي، مروج الذهب ومعادن الجوهر، مجلد 1، الأندلس، بيروت 1978، ج 2، ص 45.
9 الطبري، قسم أول، ص 174.
10 المسعودي، ج 2، ص 30.
11 أحمد سوسة، العرب واليهود في التاريخ، دمشق 1972، ص 218.
12 سيرج سيزون، كهان مصر القديمة، ترجمة زينب الكردي، الهيئة المصرية 1975، ص 42.
13 الطبري، مرجع سابق، ج1، ص 312

(منقـــــــــــول)
 

اللهم أرحم شهيدي الجريف شرق ... شهيدي الأرض و العرض ... شهيدي الدم و الرحم ...
في رحاب الله الشهيد أخي (محمد عبيد) والشهيدة أمي (منى النخلي) ... اللهم أجعلهما في ركاب الشهداء و الصديقين و الصالحين ...  رحمهما الله رحمة واسعة وأسكنهم فسيح جناته وسقاهما من كوثر المصطفي صل الله عليه وسلم شربة لا يظمآن بعدها أبدا ...

وأعود اذكر بقول جدي الراحل (مصطفي علي عوض الكريم) الشهير بـ (الغول) عليه رحمة الله ... (مهما قالوا مهما كتبوا .. فالجريف من رحم واحد) ...

محمد باعـــــــــــــــــــــو
01/11/2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق