الخميس، 10 أغسطس 2017

كيف تدخل الغابة (77) .. عجوبة الخربت سوبا (4) .. بدايات الجريف شرق وحكاية عجوبة



بسم الله و الحمد لله

كيف تدخل الغابة (77)
الوطن الذي لا وجيع له
عجوبة الخربت سوبا (4)
الجريف شرق
وعلاقتها بمملكة سوبا و الممالك القديمة
 (بدايات الجريف وحكاية عجوبة)





( نذكر بأننا كتبنا من قبل في المقالات [55 و56 و57] عن العلاقة التاريخية للجريف شرق بفتح الخرطوم على يد القائد الجليل [محمد احمد المهدي] .. بزمن المهدية .. و قد كتبنا المقال الاول [73] في هذا الشأن عن مملكة سوبا .. لدخول أرض الجريف شرق في حدود مملكة سوبا وحدود مملكة علوة قبلها .. ولأستيطانها بقبائل العنج قبل تلك الأزمنة  .. وكذلك لا  الأحفوريات التي استخرجتها البعثة الفرنسية و جامعة الخرطوم و التي تعود الى ما قبل اربعة الف سنة ) ...
[ملاحظة مهمة]  .. قبل الخوض في التاريخ .. وهي أن تحالف (عبد الله جماع) و (عمارة دنقس) او ما يسمى بدولة الفونج انتصرت على بقايا مملكة سوبا او المملكة الفاصلة بين مملكة سوبا ومملكة الفونج .. والقليل جدا لم يدر بخلده عن ماهية (العنج) وهل هم قبائل نيلية جنوبية .. ام هم قبائل البجا و الأمرار و الحلنقا .. ام هم قبائل كنعانية هاجرت بعد فترة السبي لليهود من الباليين خلال حكم نبؤخذ نصر .. وحسب المتناقل .. أن العنج هم قبائل اشتهروا بالطول .. و التي يتجاوز استيطانها للمنطقة الشرقية للنيل بدأ من شمال سنار الى بدايات الشرق عند عطبرة وانحناء النيل وشمال كردفان وحتي شمال كوستي .. و الملاحظة المعتمة .. سؤال مطروح .. ( هل قام العنج بأرسال المرأة [عجوبة] وابنتها لتخرب مملكة سوبا ) .. حقائق مذهلة ستتوضح من خلال هذه المقالات ..
المقال الثاني  [74] به بعض التأرخة لملامح العنج .. وبتوسع أكتر ..  والمقال منقول من الاخ ( عمار شريف ) بصفحة الصور التاريخية بالفيس بوك .. جزاءه الله خيرا
وفي المقال الثالث  [76] أستعرضنا بحثا مقدما من الدكتور ( أحمد ألياس حسين) ويسرد بتوسع أكثر عن تأرخة الممالك القديمة ووصف لمناطقها و أهلها .. جزاءه الله خيرا
وفي هذا المقال نستعيض ببعض الملامح و الفهارس من المؤرخون لرسم ملامح شبه كاملة عن تلكم الحقبة
-------------------

في الأول ...  لابد أن نذكر تلك الضجة الكبرى التي ثارت حول ما كتبه عميد الأدب العربي (طه حسين) ويشبه إلى حد كبير م اذهب إليه "فلهلم رودلف" حيث يقول :
( للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل ، وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضا ، ولكن ورود هذين الإسميين في التوراة والقرآن لا يكفى لإثبات وجودهما التاريخي ، فضلا عن إثبات هذه القصة التي تحدثنا بهجرة إسماعيل بن إبراهيم إلى مكة ونشأة العرب المستعربة فيها . ونحن مضطرون إلى أن نرى في هذه القصة نوعا من الحيلة في إثبات الصلة بين اليهود والعرب من جهة ، وبين الإسلام واليهودية والقرآن والتوراة من جهة أخرى ).
هذه المقولة نحتاج إليها لنتعامل مع فترة غامضة من التاريخ السوداني .. أضعفه كثيرا عدم التوثيق والحفظ وتوفير المراجع المادية والمراجع المكتوبة للفترات الغامضة من التاريخ السوداني .. حتى نستطيع أن نرسم مشهد شبه متكامل عما حدث في تلكم الأزمنة الغابرة ...
وقبل أن ندلف الى السرد عن حكايات ( عجوبة  ) لابد أن نمر على بعض الأرشفات لتوضيح شكل وهيئة السكان و المدن و القرى بذلك الزمان ...
وقد شيد الملك ناستاسن معبداً في علوة مما يؤكد أهميتها كأحد أقاليم أو مدن مملكته. كما ورد ذكر علوة أيضاً في نقش عيزانا في القرن الرابع الميلادي أنه أخذ "أسرى عند إلتقاء نهري تكازى وسيدا، وفي اليوم التالي أرسلت الجيش للإغارة على القطر والمدن المشيدة بالطوب والقصب، المدن المشيدة بالطوب هي مدن علوة وDaro."     ( بحث الدكتور احمد الياس حسن )

تناولت المصادر العربية – وبخاصة مؤلفي ابن سليم وابن حوقل – وصف بلاد علوة وضحت أنهارها ومواردها ومدنها وسكانها. واتضح أن مملكة علوة تمتعت بثروات متنوعة من أراضي زراعية خصبة وواسعة وثروات حيوانية ومعدنية وأنشطة تجارية. وبينت المصادر العربية قوة مملكة علوة وثرائها بالمقارنة إلى مملكة مقُرة. فوصف ابن حوقل (في مصطفى مسعد ص 73) بلاد علوة بأنها أعمر بلاد النوبة وذكر أنها "ناحية لها منقطعة قرى متصلة وعمارات متصلة حتى أن السائر ليجتاز في المرحلة الواحدة بقرى عدة غير الحدود، ذوات مياه متصلة بسواق من النيل."
ووضح ابن سليم (في مسعد ص 107) أن بلاد علوة "أخصب وأوسع من مقرة، والنخل والكرم عندهم يسير وأكثر حبوبهم الذرة البيضاء التي مثل الأرز منها، خبزهم ومزرهم واللحم عندهم كثير لكثرة المواشي، والمروج الواسعة العظيمة السعة، حتى أنه لا يوصل إلى الجبل إلا في أيام، وعندهم خيل عتاق، وجمال صهب عراب." وذكر الادريسي (في مسعد، ص 129) أن أهل علوة "يزرعون الشعير والذرة وسائر بقولهم من السلم والبصل والفجل والقثاء والبطيخ"       ( مؤلفات ابن سليم وابن حوقل )

ووصف الادريسي (نفس المكان السابق) بأن "حال علوة في هيأتها ومبانيها ومراتب أهلها وتجاراتهم مثل ما هي عليه حالات مدينة دنقلا ، وأهل علوة يسافرون إلى بلاد مصر وبين علوة وبلاق عشرة أيام في البر وفي النيل أقل من ذلك انحداراً ... وأكثر وكذلك أهل علوة ودنقلا يسافرون في النيل بالمراكب وينزلون أيضاً إلى مدينة بلاق في النيل
"      ( الادريسي – مصطفى مسعد )

من هذه الاوصاف علينا ان ندلف الى مملكة سوبا التي خربتها ( عجوبة )  .. وقبل أن ننزل بأرض سوبا .. نهبط على أرض الجريف شرق ولنرى الوصف المنقول لنا من المؤرخين عن هئية  السكان والمدن و القرى ،، وكما وصف (نقش عيزانا) ،، المدن المشيدة بالطوب و القصب .. وحتى أوصاف عيزانا مازالت تؤرخ لمعرفة أهل السودان للطوب .. وكما جاء ذكره في القرآن أيضا    (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ) سورة القصص آية  (38)  ..  وكذلك  الآية  (40) من سورة غافر (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ  ) .. على لسان فرعون وهو يأمر هامان ليبني له صرح ليبلغ أله موسى عليه السلام  .. مما يجعلنا نتساءل عن صلة فرعون وسيدنا موسى و الطوب الموقد على النار و العنج .. وينطرح سؤال أكثر أهمية (هل كانت أحداث سيدنا موسى عليه السلام بارض النيلين حاليا .. وأن الاسرائيليين يتجاهلون ذلك ) .. وسنعود لاحقا في مدونة أخرى  لقصة سيدنا موسى عليه السلام واجتيازه اليم ...
و عودا على بدء .. فبحسب وصف المؤرخون و المأرخة  ..  ( "ناحية لها منقطعة قرى متصلة وعمارات متصلة حتى أن السائر ليجتاز في المرحلة الواحدة بقرى عدة غير الحدود، ذوات مياه متصلة بسواق من النيل." ) .. بمعني ان القرى المشيدة من الطوب الموقد على النار وبعض الابنية المشيدة من القش متصلة ببعضها ومتلاحقة .. أي أنك لن تقطع مسافة طويلة حتى تبلغ قرية أخرى .. وبحسب الوصف و السفر لمسافات طويلة لهؤلاء المؤرخون ... فإن قياس المسافة بين قرية وأخرى مسير يوم او أقل بحسب طول أسفارهم .. و المساحات التي بين القرى هي مزارع تسقى بنظام الساقية الدائرية .. التي يتم تحريكها بواسطة البقر او الجمال في بعض الأحيان .. وكذلك تحتوي المزارع على  حظائر للأنعام ...
ولنطبق هذا الأمر على أرض الجريف شرق .. قرى متصلة .. ونسير من بدء التكوين .. وحديث لأهالي راحلون رحمهم الله ... يتحدثون أولا عن طرد قبائل وأجناس أسمها العنج كانت تقطن في منطقة الجريف شرق .. و هذا التاريخ قد يعود بحسب الأحاديث المتواترة و المتناقلة الى القرن الحادي عشر الميلادي ( العام 1100 ميلادية) .. قبل قيام مملكة الفونج وبعد الأنهيار التدريجي الغامض لمملكة سوبا او المقرة .. وكذلك من الأحاديث المتواترة أيضا عن أهلنا استخدامهم للزراعة المطرية  لحدود تصل بدايات منطقة البطانة شرق  (شرق مدينة الحاج يوسف حاليا) .. وكذلك عدم وجود مدينة الحاج يوسف وحلة كوكو وأم دوم .. باعتبارها مدن حديثة التكوين فيما بعد تكوين دولة الفونج ..
وبحسب المسميات العوائل و ( الحيشان ) أولاد باعو .. حوش الضوء .. قهوة العشاي  .. جريف قمر .. سرحان .. كركوج  .. هذه نواة الجريف شرق .. وفي حديث موغل للقدم لم يثبت عند البعض بحسب تناقله .. فأن اول الهجرات الجعلية التي اشتبكت مع مجموعات العنج او أيا كان من الذين استوطنوا منطقة  الجريف شرق في ذلك التاريخ .. كانت اول الهجرات من الجعليين .. وقيل أنها نزلت بالمنطقة الحالية بمسجد حاج علي .. وقول لاحق يؤكد أنها المنطقة بين اولاد باعو وقهوة العشاي .. كل هذه الأقوال تصب في خانة المتناقل تأريخيا .. وللأسف حتى الأحاديث المتناقلة تاريخيا لم تجد حظها من التوثيق ...
ولكن الثابت والذي أطلعت عليه في كتاب طبقات ود ضيف الله وكاتب الشونة .. أن الجعليين كانوا أول الهجرات وقامت بطرد العنج في الحادي عشر الميلادي ( العام 1100 ميلادية ) او ما قبل ذلك بقليل .. ولم يكن بذلك الزمان قد أتي الشيخ سرحان  (طبقات ود ضيف الله) .. حيث كان استقرار الشيخ سرحان ما بين القرنين الخامس عشر و السادس عشر ( 1500 ميلادية الى 1600 ميلادية ) (طبقات ود ضيف الله ) كما هاجر في ذلك الحين بعض الاسرة المحسية المنتسبة للنوبة واستقرت وسط الاسر الجعلية  المهاجرة الأولى .. وبحسب المتناقل من الأهالي فالبعض يشير الى دخول المحس و النوبة من جهة البطانة و الشمال واستقروا بعدة جهات منها الجريف شرق و العيلفون و كترانج  .. و البعض يقول من ان الاسر النوبية المحسية توافدت من غرب النيل ومنطقة توتي و المقرن وذلك قبل استقرار الشيخ سرحان بقليل .. وكذلك  يوجد بعض المتناقل عن وجود خلاف عائلي - (وكان واضحا في طبقات ود ضيف الله ) - مما أضطر  بعض العائلات النوبية المحسية للهجرة من غرب النيل  لشرقه  .. من توتي و المقرن وبري  الى الجريف شرق ...
 وبحسب ذلك الزمان  ( القرن الحادي عشر الميلادي  العام 1100 ميلادية )  .. ابتعد الجعليين مسافة كبيرة من مملكة سوبا او مدينة سوبا .. نسبة لوجود بعض الهجمات من أهالي مدينة سوبا في ذلك الزمان ... نسبة لضعف وانهيار مملكة المقرة أساسا ولم يعد الأمن موفرا .. فأبتعدت الاسر الجعلية المهاجرة .. حيث كانت المنطقة من شمال مدينة سوبا ... منطقة ود طراف حاليا وحتى المنطقة المشيد فيها مسجد علي .. هي منطقة خالية تقريبا .. وفيما بعد بدأت الأسرة بالتوسع في المناطق الزراعية شمالا و جنوبا .. لتنشأ بعدها مناطق وحيشان الأسر بعد القرن الثاني عشر للميلاد ( العام 1200 ميلادية ) ... ومن ثم توافدت الاسرة النوبية المحسية  .. و الشيخ سرحان .. ولكن بعد ذلك بقليل وبعد القرن الأول لتكوين مملكة الفونج  ( القرن الخامس عشر 1500 ميلادية ) .. ومن المهم الاشارة الى ان مملكة سوبا او دولة المقرة .. كانت في اللحظات الاخيرة من الأنهيار  او كانت قد إنهارت أساسا ولم يتبقى ما يمكن ان تصد به أي هجوم عليها .. او حتى الهجوم الاول للقواسمة و العبدلاب لتكوين دولة الفونج .. .
وكذلك كانت هنالك معركة كركوج والتي جرت بين جيشين كانا يتبعان لمملكة الفونج او مملكة سنار في العام 1607 ميلادية (القرن السادس عشر للميلاد) ... وقصتها تعود الى التالي :
 ((المانجلك)، قال: هو الشيخ عجيب أحد أبناء الأمير عبد الله جماع من نسل قبيلة (العبدلاب) التي سُمِّيت تيمنًا بوالده، وكان من أعظم الزعماء في ذلك الوقت ومن مناصري الشريعة والدين وكان سلطانًا على سنار وزَّع إخوانه وأولاده أمراء بين القبائل لفضّ النزاعات وجمع الخراج مع مراعاة عدم الخروج عن طاعة الدولة، اختلف (المانجلك) مع ملك (الفونج) حول (عوائد) دينيَّة أدت إلى الحرب بينهما فأعدَّ كلٌّ منهما جيشًا فعسكر جيش الأول في منطقة (الحلفايا) بينما استقرَّ جيش الثاني في منطقة (العيلفون)، وتقدم الجيشان حتى اشتبكا في معركة (ود أبو عمارة) (كركوج) حاليًا، وذلك في سنة (1607) ميلادية ، فغدر به أحد (الهمج) وقتله فاستشهد الشيخ عجيب (المانجلك) ودُفن في (قرى) شمال بحري، وبقي جزء من أحفاده حتى الآن بالجريف شرق محطة (8)، أما أبو عمارة فكان من شيوخ المنطقة وصاحب (بنية) قوية وهو من أصل (الدروراب) أولاد (درار) المقيمين حتى الوقت الحالي بالمنطقة. )    (الاستاذ: ابوالقاسم
عثمان)

ها هو وصفنا الاولي لبدايات الجريف شرق وبأعتبارها أحد اول نوايات تكوين مدينة الخرطوم حاليا .. واذا شدينا الرحال الى تلكم الفترة ما بعد القرن الحادي عشر للميلاد ( العام 1100 ميلادية ) .. لوجود بيوتا صغيرة من الطين المؤقد على النار وبيوتا من طي غير مؤقد على النار وبيوتا من قش تحسب على أصابع اليد .. ومتفرقة .. والتي تقع على الشريط النيلي السكاني .. او بما يسمى بـ ( حلة ورا ) .. ويقع على أعيننا كذلك مشاهد المزارع المفتوحة التي تتخللها الأشجار الشوكية العملاقة  لإقليم السافنا .. وتتناثر وسط المزارع بيوت القش او ما يسمى بالرواكيب حاليا .. وفي حكاية لأحد الراحلين عليهم رحمة الله .. أنهم توارثوا من الآباء الزراعة بالسواقي و الزراعة المطرية .. كانوا يرمون البذور للزراعة المطرية حتى بدايات اقليم البطانة شرق الحاج يوسف حاليا .. وحيث أنه لم توجد بعد الحاج يوسف وحلة كوكو وام دوم ودار السلام المغاربة و المايقوما ... كل تلكم المناطق كانت عبارة عن اراضي زراعية او اراضي رعوية فيما قبل القرن السابع عشر للميلاد ( 1700 ميلادية )  ، فقد نشأت مدينة أمدوم وحلة كوكو من نزوح بعض الاسر بالجريف شرق إليها .. وكان هذا بعهد استقرار الشيخ سرحان بالجريف شرق القرن السابع عشر للميلاد ( العام 1700 ميلادية ) .. وظلت الحاج يوسف وبعض مدن البطانة  اراضي رعوية  حتى بدايات العهد التركي ...
كما كان يحكي رحمه الله معاصرتهم لحيوانات فرس النهر او ما يسمى بـ (القرنتية)  .. والتي كانت تصل حتى الشلال الأول في عهود ماضية بعيدة ...

ولكن في العهد الحديث وفي الأربعينيات من القرن السابق وأثناء الأستعمار الأنجليزي  .. فقد بدأ أهلي الجريف الشرق في البناء شرق ظلط النص حاليا .. وللأسف لا يوجد توثيق لهذه المراحل منذ بدء النواة الأولى للجريف شرق في القرن الحادي عشر للميلاد ( العام 1100 ميلادية ) .. ولكن ظل المتناقل  والمتوارث من الأحاديث عبر الأجيال هو كل ما لدينا لتوثيق تاريخ الجريف شرق ...
وعودة على بدء .. ورجوعا للقصة الأساسية .. ( عجوبة ) الخربت سوبا .. فقد تناقلت الأقوال وظل بعضها وبعضها أندثر .. ولم يتم التسجيل او التوثيق لتلكم الحضارة الجليلة الا بعد وقت متأخر جدا في نهايات القرن العشرون للميلاد ( العام 1900 ميلادية )  .. فمدينة سوبا عاصمة مملكة المقرة ( سوبا شرق حاليا) و التي كانت على الضفة الشرقية للنيل .. وكانت مدينة ضخمة وعمرانها جميل .. وبيوتها مبنية من الطين الموقد على النار وبيوتا من طين لم يؤقد على النار  .. وجزء من الرعايا يتخذون بيوتا من طين أؤقد على النار  وبيوتا من طين لم يؤقد على النار بيوتا من القش .. وقد كان منتشرا جدا بناء القش المسمى بالقطية حاليا .. لأن حوجة انسان سوبا في ذلك الزمان لتلكم البيوت لاتقاء الأمطار .. وانتشار للمزارع و تجارة الحبوب و الاسماك ...

و المثير في الأمر لخراب مملكة المقرة او سوبا هو تناقل لثلاثة اقوال ... قول بأن ( عجوبة ) لم تكن إمرأة بل كان جيش الفونج (عبد الله جماع ) او ( عمارة دنقس ) وقول ثاني بأن ( عجوبة ) إمرأة وقد تلاعبت بسكان سوبا بسبب أبنتها الجميلة .. وقول ثالث أن عجوبة نفسها كانت تتلاعب بسكان سوبا لجمالها الفائق الفاتن .. و الذي رده البعض الى انتمائها الى قبائل العنج ... والقول الثالث قد يكون الأصوب لقوته وقوة دلالته .. فالزواج اقوى في اشتعال الحرب والإقتتالات الداخلية  من الخطبة او الحديث عن فكرة الزواج بفتاة ما ...

فاذا وردنا الى القول الأول .. وهو أن عجوبة هو تسمية لجيش الفونج (عبد الله جماع وعمارة دنقس ) .. فلم يثبت التاريخ معارك ضخمة في انشاء مملكة الفونج .. وبالذات في منطقة سوبا .. وكذلك أن انشاء دولة الفونج كان في مدينة سنار .. وهذا معناها ان نزوح الاسر وقوة ترابطها بالإسلام أدى لإنشاء دولة الفونج .. وان كانت هنالك معارك نشبت .. فهذه المعارك ستكون بين جيوش الفونج والقبائل النيلية الجنوبية التي ترحل من الجنوب للشمال .. او قد تكون مع بعض قبائل العنج الذين استوطنوا حول ملتقى النيلين وضفافهما الشرقية و الغربية .. و الذين نحن لازلنا في اثبات تواجدهم وهويتهم ومن أين جاءوا ...

وكذلك من الأسباب أن دولة المقرة كانت أقوى شمال العاصمة التاريخية سوبا .. وان حدودها جنوب سوبا كانت مساحاتها قليلة وضعيفة .. أذن اذا كانت هناك معارك للفونج فستكون الى الشمال من سوبا وليس في سوبا نفسها .. ولكن السائد تاريخيا .. أن مملكة المقرة كانت منهارة و الدليل نزوح الاسر من السلالات العربية المختلطة بالزنجية الأفريقية الى جهة الجنوب .. او بالقرب الشديد من سوبا .. حيث أن تكون مدينة الخرطوم الحديثة كان في القرن الحادي عشر للميلاد ( 1100  ميلادية ) وذلك بعدد 10 نقاط للتوالد السكاني .. الكدرو و الحلفاية وحلة حمد وخوجلي وتوتي و المقرن وبري و الجريف شرق وسوبا و العيلفون و كترانج .. وكانت معظم سمات الاسر المتواجدة تجمع ما بين النوبيين المحس و العرب المتناسلة مع القبائل الافريقية و التي منها النوبية ايضا ...

ولكن تاريخيا ظلت سوبا أقدم آثارا حتى العام 1983 م .. حيث تم اكتشاف آثار بالجريف شرق و أحفوريات تعود الى اربعة الف عام قبل الميلاد .. وكانت عبارة عن جثث عظمية وأواني فخارية وأدوات صيد وأدوات أخرى .. وموقعها شمال غرب حي هب النسيم أولاد باعو بحوالي 250 متر او اكثر قليلا  .. هذا الاكتشاف عدل في أقدمية سوبا عاصمة مملكة المقرة حيث نشأت في القرون الميلادية الأولى القرن الخامس للميلاد ( العام 500 ميلادية ) .. وقد لا يوازيه أكتشاف آخر في الخرطوم عامة وفي ملتقى النيلين .. وقد يعود شيوع استخدام الطين غير المؤقد على النار في البناء إلى أندثار ما يشير الى الحضارات التي مرت بملتقى النيلين .. وكذلك من الأقدميات التي سنعود لها لاحقا ( قصة ألتقاء سيدنا موسي و النبي الخضر عليهما السلام ) ...

وعودا على بدء .. فأحتمال أن تكون مقولة  (عجوبة) هي نفسها جيوش القواسمة و العبدلاب فذلك ما تم دحضه أعلاه .. وأذا رجعنا الى المقولتين التاليتين .. مقولة أن تكون (عجوبة وأبنتها) سبب خراب سوبا ..  او مقولة  (عجوبة ) نفسها سبب خراب سوبا .. و المقولة الثانية مرجحة .. ولكن الغموض يلتف بمن هي (عجوبة  ) نفسها .. هل كانت نوبية من جنس ملوك دولة المقرة او كانت من العنج الطوال القامة او كانت من جنس الاسر العربية المهاجرة ...

و الثابت أن ( عجوبة ) أشتهرت بالجمال .. ولكن أذا أردنا أن نستكشف ملامح تلك العصور .. وبعد الرجوع الى المؤرخون و المأرخة .. فليس لدينا سوى أن نرجع الى أقدم كلام على وجه الخليقة .. أن نرجع الى القرآن .. لوصف فعل فرعون بأهل الأرض بذلك الزمان .. ونتساءل لما نرجع الى آيات الذكر الحكيم .. ونقول لأنها أقدم الأثباتات ولنتحايل على غموض تلك الحقبة .. وسنأتي لاحقا لأثبات أن فرعون كان بالأراضي السودانية حاليا وكذلك أن ألتقاء سيدنا موسى بسيدنا الخضر عليه السلام في مقرن النيلين ...
وبرجوعنا الى قول الله سبحانه وتعالي
(  إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ) الآية (4) من سورة القصص .. سنكتشف لما باْت أرض النيلين بالأنقسامات و القبلية .. حيث أن فرعون جعل أهل الأرض شيعا و فرقا .. وأضافة إلى ذلك وصول بعض الإسرائيليين الذين كانوا في منفي الملك البابلي ( نبؤخذ نصر ) .. و بعد مائة عام من العزلة و الأهانة من البابليين .. وصلوا ليجدوا فرعون يجعل أهل النيلين فرقا وشيعا فأضافوا العنصرية البغيضة و التي أمتلأت نفوسهم بهم الى الشيع التي أنتجها فرعون بجبروته وتكبره ...

من هذه التغيرات و الأحداث الهائلة .. أنتجت أحدى الأرحام جميلة أسمها (عجوبة ) .. لتستغل هي مبدأ فرعون ومبدأ اليهود .. وتقوم بأنشاب الفتنة .. وقد تكون شكل زواج من رجل بأحدي الفرق و الشيع التي أنتجها فرعون .. ومن ثم قامت بالزواج بآخر من شيعة وفرقة أخرى .. وعليها ستكون هذه أحدى الفتن التي نشبت .. وقامت حروب وأقتتالات بين الشيعتين .. ويبدو من الأمر أن الفرقتين من الفرق العليا بالقوم بذلك الزمان .. مما أدي الى دخول بعض الفرق و الشيع المحالفة للشيعتين المقتتلتين على ( عجوبة ) المرأة الفاتنة .. التي دكت حصون سوبا وأضعفت دولة المقرة وغدت بعدها ضعيفة جدا .. وتوزعت بعدها الى فرق وشيع وقرى تناثرت على النيل ...

وحتى الآن لازال السؤال مطروحا .. هل كانت (عجوبة ) الجميلة من النوبة ملوك المقرة ام كانت من العنج ام كانت من الأسر العربية المهاجرة و المرتحلة آنذاك ...

ولنا عودة ،،،،،،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القبض علي مدير النزع و التسويات(علاء الدين) واحتجازه بقسم حلة كوكو في قضايا تلاعب وفساد ب أراضي الجريف شرق    ...  
( نحنا مرقنا ضد السرقوا أرضنا ) ..
--------------------------------------
التحية للمناضلين بدر الحاج ... السر الجزولي
المناضلين عن الحق و العرض والأهل  ...
--------------------------
اللهم أرحم شهيدي الجريف شرق ... شهيدي الأرض و العرض ... شهيدي الدم و الرحم  ...
في رحاب الله الشهيد أخي (أحمد عبيد) والشهيدة أمي (منى النخلي) ... اللهم أجعلهم في ركاب الشهداء و الصديقين و الصالحين ...  رحمهما الله رحمة واسعة وأسكنهم فسيح جناته وسقاهما من كوثر المصطفي صل الله عليه وسلم شربة لا يظمآن بعدها أبدا   ...
-------------------------
وأعود اذكر بقول جدي الراحل (مصطفي علي عوض الكريم) الشهير بـ ( الغول ) عليه رحمة الله ... (مهما قالوا مهما كتبوا .. فالجريف من رحم واحد  .... (

محمد باعـــــــــــــــــــــو
10/08/2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق