الثلاثاء، 15 أغسطس 2017

كيف تدخل الغابة (78) .. الوطن الذي لا وجيع له ... رحيل فاطنة السمحة


بسم الله و الحمد لله

كيف تدخل الغابة (78)
الوطن الذي لا وجيع له
فخر للوطن .. رحمها الله
المناضلة
فاطمة أحمد إبراهيم
(عندي أمنية واحدة إني قبال ما أموت، ألم أطفال الشوارع )


( أنا لله وأنا أليه راجعون)
رحمها الله رحمة واسعة واحسن اليها وسقاها من كوثر المصطفى صل الله عليه وسلم شربة لا تظمأ بعدها أبدا


نقف بتقدير، واحترام، ومحبة في وداع المناضلة الجسورة، الأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم، رائدة الكفاح من أجل حقوق الانسان السوداني، والحرية والكرامة والعدالة، الثائرة بوعي وعقل وضمير إنساني، سوداني، وعالمي، في سبيل إنصاف المرأة، وانتزاع حقوقها المشروعة، في التعليم والمشاركة الاجتماعية والسياسية.
فقد السودان فاطمة، التي انتقلت إلى رحمة الله اليوم 12 أغسطس بلندن. إنها تستحق بجدارة أن يصطف أنباء وبنات السودان، من دون استثناء، ليودعوها، في مشهد جماعي، وملحمة وطنية، تعكس مدى تقدير شعبنا، لعطائها، ووفائها، وتضحياتها، ومواقفها النضالية. كانت منحازة لهموم الشعب، وتطلعاته، الإنسانية، الديمقراطية، المشروعة، خلال سنوات طويلة من العمل السياسي الشاق، في أصعب الظروف، وأشدها قسوة.
فاطمة، الرائدة، سودانياً وعربياً وإقليمياً ودولياً، وقفت بشموخ مواقف صلبة، وشجاعة في وجه الطغاة والجلادين، الذين حكموا السودان، بالحديد والنار، في فترات القمع والبطش، فدفعت ثمناً غالياً، ومريراً، بسبب مواقفها الجريئة الواضحة.
إنها امرأة نادرة المعدن، كسرت حواجز الزمان والمكان، حطمت أغلالاً، ووضعت بصماتها بقوة، على خريطة العمل الاجتماعي والسياسي في السودان، والمنطقة العربية والافريقية والعالم، في وقت كانت حواء العربية والافريقية مكبلة، مقهورة، مستكينة، خانعة، خاضعة، وغير قادرة على كسر أغلال المنع والحظر، والكبت، لكن فاطمة أطلت بوجهها السوداني، وعقلها الوطني، لتقول لا للديكتاتوريات، لا لتهميش النساء، نعم لتعليم حواء السودانية، نعم للحرية، ونعم أيضا لتقاليد الأسرة السودانية العريقة.
فاطمة أحمد إبراهيم عاشت الفترة الأخيرة من حياتها في لندن، التي احتضنتها انسانياً، وقدرت مكانتها، وخلال اقامتها ببريطانيا، ورغم ظروف المرض، لم تقطع وشائج تواصلها مع الناس، كانت – كما يقول من  عاصروها عن قرب – بنت البلد الأصيلة، السيدة الفاضلة، وصاحبة النبض الانساني الجميل، تسأل عن الناس، صغارا وكبارا، وحتى من عملوا معها في بيتها.
في تاريخ فاطمة أحمد إبراهيم الكثير من المحطات المشرقة، التي تستحق أن يتأملها جيل اليوم، الباحث عن حلول ومعالجات لأزمة وطن يئن تحت وطأة القمع، ويبحث عن سبل الخلاص، والحرية، كما يبحث عن “القدوة” في النضال، والصبر على المكاره.
من أهم سمات فاطمة، و خصالها  الإنسانية الطيبة، أنها كانت  في السودان “صاحبة البيت المفتوح” أمام السودانيين القادمين من مناطق السودان البعيدة، الممتدة، كان الناس يأتون إليها من مواقع عدة، يشكون حالهم ومواجعهم، وأحزانهم، لأنهم شعروا، وأحسوا بفطرتهم أنها قريبة من نبضهم، تحدثهم حديث القلب إلى القلب، بمحبة ، بوضوح، وبلغة  إنسانية، سودانية، بسيطة، ونابعة  من القلب والعقل، ولهذا أحبوها، كما  دخلت قلب حواء السودانية وقلوب البسطاء، ومن سمعوا  لغة خاطبها، ومضامينه السياسية والاجتماعية، الواضحة، والشجاعة.
يقول الزميل الصحافي طارق الشيخ الذي نعزيه ونعزي الأسرة كلها برحيل فاطمة أن للفقيدة “الفضل الكبير في صدور قانون الأحوال الشخصية في السودان (في السبعينات في  فترة حكم الرئيس السابق جعفر نميري) ، وأنها “استطاعت بنضالها أن تنتصر لحقوق المرأة السودانية في تاريخ قديم.
نجاحها في المجتمع السوداني، بسبب شجاعتها، ووضوح رؤاها، وقدرتها على الصبر، واحتمال المتاعب، والأذى، وهي تقارع الظالمين، باختلاف أشكالهم وأنواعهم، قابله من جهة أخرى نجاح داخل الأسرة، ويقول طارق الشيخ وهو ابن الأسرة المناضلة، أن “كلمة فاطمة كانت راجحة أيضا داخل الأسرة.
حدثنا عن اجتماع أسري عقد في السبعينات، في بيت الأسرة، التي تعرضت لضربات ونكبات عدة، من الجلادين، وتقرر في ضوء الاجتماع ألا تستمر أيام العزاء لفترة طويلة، عندما تفقد الأسرة عزيزاً أو عزيزة، حتى لا تكون أيام الأسرة أحزاناً مستمرة، وممتدة.
كانت أيام العزاء في السودان في ذلك التاريخ القديم تستمر لفترة طويلة، لكن فاطمة حسمت الموقف داخل الأسرة، وتم الاتفاق، كما يقول زميلنا طارق أن يستمر العزاء لثلاثة أيام، كما شددت على أهمية احترام التعاليم الدينية والتقاليد.
هذا يؤشر إلى أن نجاح أدوار السيدة المناضلة، رائدة حقوق المرأة، فاطمة أحمد إبراهيم في الوسط السياسي والاجتماعي في السودان، كان ينبع من أرضية نجاحها في رسم خريطة معاملات داخل الأسرة والبيت، كما نجحت بإرادتها في انتزاع حقها في التعليم، في تاريخ قديم، لم يكن عدد من الناس يشجع تعليم المرأة، بل كان هناك من يرفضه في شدة.
هذه بعض الجوانب المُضيًة في شخصية فاطمة، وخصوصاً أن السياسي الناجح، سواء كان رجلاً أو امرأة، لا يكتسب الصدقية الضرورية، وهو يرفع أعلام الدفاع عن الحرية، والعدالة، والتغيير الاجتماعي، الإيجابي، إذا لم يُطبًق ويُجسًد القيم، التي ينادي بها  على أرض الواقع، داخل الأسرة، والبيت الصغير أولاً.
هناك الكثير من الإشراقات في حياة فاطمة أحمد إبراهيم، يعرفها سودانيون مهتمون بتاريخ بلدهم، كما يعرفها عرب وأفارقه، وآخرون في العالم، وبينها كما توضح سيرتها الذاتية، أنها كانت سياسية ناجحة، و” صحافية كتبت في البداية باسم مستعار عن قضايا الوطن والمرأة، ثم تولت رئاسة تحرير “صوت المرأة ” التي أصدرها الاتحاد النسائي في العام  1955 ،  والأهم في هذا السياق أنها أول برلمانية سودانية منتخبة في العام 1965 ، أي أنها حظيت بثقة الشعب، لتمثله في برلمان منتخب.
فاطمة، التي تعرضت للملاحقة والسجن، في سنوات حكم الديكتاتورية المتعاقبة في السودان، تعرضت لتجربة أقسى بإعدام الرئيس السابق جعفر نميري زوجها النقابي الشهير الشفيع أحمد الشيخ في العام 1971.
تكاثرت عليها المحن، والمصائب، والتحديات، لكنها ظلت وفية لمبادئها، شجاعة في مواقفها، وعفيفة، هذه سمات مهمة من سمات أي سياسي ناجح أو سياسية ناجحة، خصوصاً أن النزاهة، والأمانة شرطان من شروط السياسي، الوطني، الذي يرفض أن تتلوث يده أو يدها بسرقة مال الشعب.
هكذا يدخل السياسي النزيه، ومن يتصدى لخوض غمار السياسة ساحات العمل العام، ويودعها  باليد النظيفة، فيدخل سجلًات التاريخ، بحروف من نور، كما دخلتها الأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم.
رحلت فاطمة، لكنها كانت، وستبقى رمزاً سودانياً مُشرقاً، وستظل حيًة في وجدان أنصار العدالة والمساواة، ومصدر إلهام لعشاق الحرية.
فاطمة أحمد إبراهيم هي سياسية سودانية (1932–2017) وأول سيدة تنتخب كعضو برلمان في الشرق الأوسط في مايو 1965 ومن أشهر الناشطات في مجال حقوق الإنسان والمرأة والسياسة في السودان) وكانت عضوة باللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني لعدة دورات.
ماما فاطمة
عندي أمنية واحدة إني قبال ما أموت، ألم أطفال الشوارع”، تضيف فاطمة أحمد إبراهيم ، الحائزة على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عام 1993، في مقابلة تلفزيونية والدموع تُمطر وجهها الأسمر.
ورحلت فاطمة أحمد إبراهيم المولودة في العام 1933 بوسط العاصمة السودانية الخرطوم ، واول امرأة في السودان والشرق الأوسط  وافريقيا تدخل إلى البرلمان ، في مايو 1965 ، توفيت السبت بالعاصمة البريطانية لندن ، عن نحو 85 عاماً بعد صراع طويل مع المرض .
ومنذ أن أعلن خبر رحيل إبراهيم ، والتي منحتها جامعة كاليفورنيا الاميركية الدكتوراه الفخرية عام 1996 نسبة لجهودها في قضايا النساء واستغلال الاطفال صباح أمس ، نعتها الأحزاب السودانية ، على رأسها الحزب الشيوعي السوداني الذي انتمت إليه منذ العام 1956 ،  والذي قال في بيان له ” يحي الحزب الشيوعي الدور الكبير والفعال الذي لعبته من أجل الوطن ونهضة المرأة السودانية وبناء الحزب وسط النساء السودانيات” .  وأضاف ” يهيب الحزب الشيوعي بكل أعضائه والقوى الديموقراطية والوطنية والتنظيمات السياسية والنسائية والشبابية والطلابية وجماهير الشعب السوداني عامة للمشاركة بفعالية في موكب التشييع، بما يليق بمكانة الفقيدة ودورها في الحركة الوطنية والإنسانية  السودانية والعالمية .. لها الرحمة والمغفرة والعزاء لأسرتها ولجماهير الشعب السوداني.
وسرعان ما نعاها الحزب الشيوعي المصري، وأحزاب اشتراكية وشيوعية ومنظمات أخرى حول العالم، بينها الاتحاد النسائي الديموقراطي العالمي والجمعيات الأعضاء في المركز.
وقال الحزب الشيوعي المصري ، “كانت الرفيقة الراحلة عضوة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني، ورئيسة الاتحاد النسائي السوداني، ورئيسة الاتحاد النسائي الديموقراطي العالمي سابقاً، واول نائبة برلمانية في السودان وافريقيا والشرق الأوسط، كما أسهمت المناضلة فاطمة أحمد إبراهيم بفعالية في القضايا الوطنية وتحرير البلاد من الاستعمار ومقاومة الأنظمة الديكتاتورية الغاشمة، وساهمت في قضية تحرير المرأة السودانية من الاضطهاد والجهل والنضال من أجل مساواتها في الحقوق مع الرجل، وحقها في العمل السياسي حتى نالت المرأة حق الاقتراع والترشيح والترشح، حتى تبوأت المرأة في السودان عبر النضال المثابر مكانها وحقها في شغل الوظائف العليا بالدولة وحقها في الأجر المتساوي للعمل المتساوي.
وأضاف نعي الحزب الشيوعي المصري ” الفقيدة زوجة الشهيد المناضل الرفيق الشفيع أحمد الشيخ سكرتير اتحاد عمال السودان ونائب رئيس اتحاد العمال العالمي، والحزب الشيوعي المصري إذ يتقدم بخالص العزاء والمواساة للحزب الشيوعي السوداني وللشعب السوداني وقواه الوطنية والتقدمية ولأهل الفقيدة وعائلتها .. نؤكد على أنه سيتذكر الجيل الحالي وستتذكر الأجيال القادمة مسيرة الرفيقة فاطمة احمد إبراهيم وستكون نبراساً يضئ طريق الحياة الحرة الكريمة وعدم التمييز في كل انحاء الوطن العربي.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك وتويتر، بآلاف المشاركات، التي تعدد مآثرها، ورحلتها الطويلة في انتزاع الحقوق والنضال.
وقال الدبلوماسي الإرتيري السابق، فتحي عثمان، في صفحته على الفيسبوك “اليوم فجعت البسالة بفقد الكنداكة فاطمة أحمد إبراهيم، تلك التي كانت كلمتها للظالمين: ” هووووي” وكفى.
ويروي عنها الصحفي السوداني إبراهيم علي إبراهيم المقيم بالولايات المتحدة، قصة كان حاضراً لها : “في العام 1999 حضرت اجتماعات التجمع الوطني الديموقراطي.. ونعت التجمع يومها في خطبة صاخبة حينما هاجمت قادة الطوائف .. وقالت إنهم يجرون المعارضة لمصالحة النظام .. وقد كان “.
يضيف إبراهيم: ” أخذها د. الشفيع إلى خارج القاعة لتهدئتها ولكن غضبتها كانت غير طبيعية، رأت ما لم نره، كانت رؤيتها ثاقبة حادة، لم تكن ترحم حتى حزبها الشيوعي ، كانت لا تعرف الأحاديث في الصالونات، لم تكن تعرف القطيعة … كان صوتها عالياً، وقفت ضد النميري، على طول الخط لم تفلح معها الاعتقالات والسجون.. حتى رحيله في ثورة شعبية .. تجاوزت الربيع العربي بعقود.
فاطمة احمد إبراهيم، التزام أخلاقي واحترام لقيم وتقاليد وأعراف الشعب السوداني .. إنها كتاب كبير .. همة عالية وعطاء متصل ، ومواقف ثابتة لا تتزحزح.. هذا يوم حداد وطني فقد رحلت أم السودانيين “.
إلى ذلك ، أعلنت اللجنة القومية لتشييع وتأبين الأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم والتي تكونت من التنظيمات السياسية والديموقراطية والنسوية ومن أسرة الفقيدة وأبناء حي العباسية بأم درمان عن تكفلها بنفقات ترحيل الجثمان وترتيب كافة التفاصيل  .
وتزامن ذلك مع إعلان الرئاسة السودانية، نيتها في تحضير جنازة رسمية باعتبار الراحلة فاطمة أحمد إبراهيم خدمت وطنها طيلة عقود “بإخلاص وتفانٍ.
 يذكر ، أنه بعد منتصف تسعينات القرن الماضي ، إبان العمل المسلح الذي كان يقوده التجمع الوطني الديموقراطي المعارض ، والذي كانت قيادته تتخذ من العاصمة الإرتيرية، أسمرا مقراً لها ، كانت الحكومة السودانية في الخرطوم ، تناصب إبراهيم العداء ، وتتهمها مراراً في التلفزيون والإذاعة الرسميتين ، بالخيانة والتآمر ، والخروج عن الإسلام ، وهو الأمر الذي قد يلقي بظلاله على نية الحكومة إقامة جنازة رسمية لها.
والتقت إبراهيم بالرئيس السوداني ، عمر البشير في مناسبة اجتماعية ، بمدينة القطينة جنوبي الخرطوم ، بعد عودتها للسودان بعد اتفاق السلام الشامل ، في 2005 ، بعد أن كانت غادرت البلاد منذ العام 1990 ، وأثارت تلك المقابلة الاجتماعية جدلاً كثيفاً في الصحافة السودانية وقتها ، وأتبع البشير ذلك بحديث طيب عنها ، ما قد يُعد بمثابة اعتذار لماما فاطمة حسبما يناديها سودانيون كثر بهذا اللقب .
عبقرية فاطنة السمحة
(1)
جمعت بين النقيضين، في تناغم لا يحدث إلّا عند (فاطمة أحمد إبراهيم)، فقد حافظت على المورثات السودانية، وتقاليد (بنت البلد) الأصيلة في تجلياتها، وانطلقت مع مورثاتها تلك نحو الحداثة والتحرر والمساواة والريادة في اصطفاف جميل
.

>   كانت أكثر النساء تحرراً، ومع ذلك لم تتخل عن (الثوب السوداني) حتى في شوارع موسكو المتجمدة، وهي في بواكير شبابها الصاخب، وهي في شيخوخيتها الهادئة.
>  عرفت أن تكون بأخلاقها السودانية النبيلة فاطمة (السمحة)، كما كان يطلق عنها، في الوقت الذي عرفت فيه بـ (الرائدة) فاطمة إحمد إبراهيم، وهي تحدث تلك الطفرة والنقلة لنون النسوة، ليس على نطاقنا المحلي فقط، بل على النطاق العالمي لتكون أول نائبة برلمانية في إفريقيا والشرق الأوسط.
 >  لم أر (تاء التأنيث) في حالة من الصمود والعزة كما رأيتها عندما تقترن بفاطمة أحمد إبراهيم.
>  لذلك تبقى فاطمة أحمد إبراهيم من الشخصيات النادرة ، لا أقول من النساء القليلات، ولكن أقول مطلقاً من (الشخصيات النادرة) التي عرفت أن تجمع بين النقضين دون أن تحدث في ذلك الجمع خللاً و تناقضاً.
>   ما كان ذلك منها، إلّا ليظهر الحسن بضده الحسن.
(2)
>  الشخصية السودانية عرفت فتوحات عالمية بفضل فاطمة أحمد إبراهيم، فقد قدمت فاطمة أحمد إبراهيم للمرأة (طفرة) في ستينيات القرن الماضي، مازال العالم الأول يبحث عنها لنسائه حتى وقتنا هذا.
>  مثلما نضع على مستوى العالم بابكر بدري رائداً في التعليم، ونضع الطيب صالح في مرتبة عبقري الرواية العربية، ومحمد وردي في منزلة فنان إفريقيا الأول، نضع أيضاً فاطمة أحمد إبراهيم رائدة في مجالها (النسوي) دون أن نحدد أفقها بذلك التخصيص.
>  فهي قد أحدثت تقدماً في المساواة بين الرجل والمرأة جعلنا نحسب تقدمها هذا للأمة السودانية كلها وليس للنساء وحدهن.
(3)
>   عبقرية فاطمة أحمد إبراهيم تتمثل في صمودها المشرف رغم الوجعة التي ظلت تحملها العمر كله في جوفها من جراء إعدام زوجها الشفيع أحمد الشيخ.
>   هي كانت مع ذلك (الصمود) ، و دمعتها قريبة، فقد كانت كتلة من العاطفة الجياشة للوطن وللأمومة الشاملة، والتي جسدتها في الكثير من المواقف.
>   عبقرية فاطمة أحمد إبراهيم في أنها مع شاعرية و دبلوماسية ونجومية شقيقها صلاح أحمد إبراهيم الطاغية، ومع مواقف زوجها الشفيع أحمد الشيخ السياسية القوية عرفت أن تحتفظ لنفسها بخصوصيتها وشخصيتها المستقلة ليُعرف صلاح أحمد إبراهيم والشفيع أحمد الشيخ بها في منزلة من منازل (المساواة) العادلة التي ظلت تتدعوا لها بين الرجل والمرأة.
>   فاطمة جمعت بين شاعرية صلاح احمد إبراهيم وبين إنسانيته ومواقف الشفيع أحمد الشيخ وقوته.
(4)
>  لذا يبقى من الطبيعي أن يحجز (الحزن) على كل (الصباحات) في أيامنا هذه.
>  حزننا (شبابيا) على فاطمة احمد ابراهيم التى رحلت بعد ان اكملت (85) عاما.
>  اللهم ارحمها واغفر لها وتقبلها قبولاً حسنا  وأسكنها فسيح الجنات.
>  ولا حول ولا قوة إلّا بالله.
مقتطفات من حياة فاطمة أحمد ابراهيم 
    تلقت التعليم الأولي في المدرسة الإرسالية بود مدني. ومن ثم تلقت التعليم الأوسط بمدرسة أم درمان الوسطى وتلقت التعليم الثانوي بمدرسة أم درمان الثانوية.
    من الدفعة الأولى التي قادت أول إضراب عرفته مدارس البنات في السودان.
    عملت بالتدريس بالمدارس الأهلية بعد أن رفضت مصلحة المعارف تعيينها لأسباب سياسية.
    من ابرز العاملات في الحقل النسائي ورغم أنها لم تكن من العشر الأوائل اللاتي أسسن الاتحاد النسائي الا انها عملت منذ لجنته التمهيدية الأولي بعد تأسيسه وظلت عضواً قياديا ً به وتولت رئاسته بين 1956-1957 وفي الستينات.
    أشتركت في تكوين هيئة نساء السودان أبان الحكم العسكري عام 1962 م وكان عضو في اللجنة الأولي للهيئة.
    أنشأت مجلة صوت المرأة التي اسهم في إنشائها عدد من اعضا الاتحاد النسائي وأصبحت رئيسة تحريرها.
    جعلت من صوت المرأة منبرا ً فكريا ً معاديا ً للحكم العسكري مما جعل المجلة عرضة للتعطيل أكثر من مرة.
    لعبت دورا بارزا في ثورة أكتوبر 1964م .. وكانت عضوا في جبهة الهيئات.
    أول سودانية تدخل الجهاز التشريعي بالبلاد حيث فازت في دوائر الخرجين في انتخابات عام 1956 م. وبعد ثورة 21 أكتوبر 1964 دخلت البرلمان.
    تفرغت للعمل النسائي وبذلت الكثير في سبيل المرأة السودانية في النضال السري والعلني.
    اشتركت في العديد من المؤتمرات الإقليمية والعالمية وقادت عددا منها .واختيرت رئيسة للأتحاد النسائي الديمقراطي العالمي International Democratic Women’s Union عام 1991  .. وهذه أول مرة تنتخب فيها امرأة عربية أفريقية مسلمة ومن العالم الثالث له .. وعام 1993 حصلت على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان  UN Award .
    منحت الدكتوراه الفخرية من جامعة كاليفورنيا عام 1996 م لجهودها في قضايا النساء واستغلال الاطفال.
    أرملة الشفيع احمد الشيخ أحد أبرز قيادات الحزب الشيوعي السوداني و(رئيس اتحاد عمال السودان ونائب رئيس الاتحاد العالمي لنقابات العمال) حتى إعدامه في يوليو 1971م.
السيرة الذاتية بقلم الراحلة فاطمة أحمد أبراهيم
ولدتُ بمدينة الخرطوم ، بمنزل جدي لأمي الشيخ محمد احمد فضل ، الملاصق لمدرسة أبي جنزير الأولية للبنين وسط الخرطوم ،  وهي أول مدرسة للبنين بالسودان وكان جدي ناظرا لها ، وقبل ذلك وخلال حقبة حكم المهدية ، كان نائبا للقاضي ، المرحوم محمد ابراهيم ، جدي لابي ، وبعد مجئ الاستعمار البريطاني ، سافر جدي لأمي إلى مدينة القطينة في منطقة النيل الابيض ،  واصبح اماما للمسجد لان الحكومة الاستعمارية فصلتهما من السلك القضائي ، وفيما بعد ارسل ابنه احمد – والدي – لمواصلة تعليمه في كلية غردون بالخرطوم – وفي تلك الاثناء كانت العلاقة بين الاسرتين مستمرة إلى ان توجت بزواج والدي من امي ، بعد تخرجه معلما من كلية غردون – لقد قام جدي لأمي بخطوة جريئة ، اذ ادخل امي واخواتها في مدرسة البنين التي يراسها ، لأنه لم تكن هنالك مدرسة للبنات في مدينة الخرطوم – والمدرسة الوحيدة للبنات في السودان آنذاك ، اسسها صديقه الشيخ بابكر بدري ، بمدينة رفاعه – وقد تعرض جدي لهجوم عنيف من قبل اقربائه – ومعارفه – هذا وبعد ان اكملت والدتي واخواتها المدرسة الاولية مع الاولاد ، الحقهن والدهن بمدرسة الارسالية الانجليزية الوسطى للبنات بمدينة الخرطوم – وهكذا اصبحت امي اول سودانية تتعلم اللغة الانجليزية – وطبعا تعرض والدها لهجوم شديد خاصة من الاهل – الامر الذي دفعه لإخراجها من المدرسة بعد اكمال المرحلة المتوسطة ولكن اختها الصغرى – زينب – واصلت حتى الفصل الثاني من المرحلة الثانوية – ثم عينت مدرسة في نفس المدرسة – وهكذا نشأت في اسرة متعلمة ومتدينة من الناحيتين . - كانت لي شقيقتان، نفيسة الكبرى والتومة الاصغر، واربعة أشقاء، مرتضى وصلاح والرشيد والهادي، واثنان توفيا في سن الطفولة ، كانت امي تحب القراءة ، وتواظب ووالدي على قراءة الصحف ، وبالبيت مكتبة كبيرة عامرة بكتب مختلفة ودينية ،  وكان النقاش يدور بينهما حول المسائل السياسية ، ونحن نستمع لهما، وكانت والدتي تشجعنا على القراءة ، ولا زلت اذكر صيحاتها كلما طال وقوفي امام المرآة ، بقولها :"كفاية قيمتك ما في شعرك وتجميل وجهك ، قيمتك فيما بداخل راسك – احسن تملأية بالقراءة، والمعرفة – وبعد تأسيس الاتحاد النسائي ، نظمنا دروسا في الاسعافات الاولية والتمريض المنزلي ، فأكملت دراستها ، ونلت شهادة جيدة – فعلقتها على حائط الغرفة ، وفي مرة أدخل شقيقي الأصغر رجله في جنزير الدراجة، فانغرس في رجله وتطاير الدم من الجرح – فلما رأيته اغمى علي – فجاءت واسعفته واسعفتني – ثم دخلت الغرفة وانتزعت شهادتي من الحائط وقالت لي: "اياك والاستعراض الكاذب – ما فائدة الشهادات، اذا انت عاجزة عن اسعاف شقيقك ، واصبحت انت نفسك في حاجة للإسعاف" ، وكل هذا اثر علي كثيرا – هذا وكانت تنظم لنا مطارحات شعرية اثناء تناول شاي المساء ، الامر الذي جعلنا نحرص على حفظ القصائد الشعرية ، وكان شقيقي صلاح دائما متفوق علينا – وظهرت موهبته الشعرية مبكراً – وكانت اول قصائده عن الشفيع احمد الشيخ ، القائد العمالي ، والذي تزوجني فيما بعد – هذا وفيما بعد اكتشفنا ان لأمي بعض المحاولات الشعرية ، فقد نظمت قصيدة لشقيقي الاكبر مرتضى ، وهو مهندس ، وبعث لبريطانيا للتخصص ، وايضا لأختي نفيسة بعض المحاولات القصصية ، وهي معلمة – وكذلك ولأول مرة نظمت شقيقتي التومة قصيدة في رثاء شقيقي صلاح – وهي موظفه – كما اصدر شقيقي مرتضى كتابا بعنوان: "الوزير المتمرد"، بعد ان قدم استقالته من منصب وزير الري في حكومة جعفر نميري، احتجاجا على سياساته التي ظل ينصحه بإصلاحها ، فلم يستجب – وذلك بعد ان انتهى من تشييد خزان سنار .
وفاتها
توفيت فاطمة فجر يوم السبت في الثالث عشر من أغسطس عام 2017 عن عمر ناهز خمسٍ وثمانين عاماً بعد صراع طويل مع المرض، ونعى كل السودان  الراحلة .. و البعض يصف  فاطمة  بـ"المناضلة الراحلة"

أنا لله وأنا  إليه راجعون .. رحمها الله رحمة واسعة واسكنها فسيح الجنات وسقاها من كوثر المصطفى صل الله عليه وسلم شربة لا تظمأ بعدها أبدا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القبض علي مدير النزع و التسويات(علاء الدين) واحتجازه بقسم حلة كوكو في قضايا تلاعب وفساد ب أراضي الجريف شرق    ... 
( نحنا مرقنا ضد السرقوا أرضنا ) ..
--------------------------------------
التحية للمناضلين بدر الحاج ... السر الجزولي
المناضلين عن الحق و العرض والأهل  ...
--------------------------
اللهم أرحم شهيدي الجريف شرق ... شهيدي الأرض و العرض ... شهيدي الدم و الرحم  ...
في رحاب الله الشهيد أخي (محمد عبيد) والشهيدة أمي (منى النخلي) ... اللهم أجعلهم في ركاب الشهداء و الصديقين و الصالحين ...  رحمهما الله رحمة واسعة وأسكنهم فسيح جناته وسقاهما من كوثر المصطفي صل الله عليه وسلم شربة لا يظمآن بعدها أبدا  ...
-------------------------
وأعود اذكر بقول جدي الراحل (مصطفي علي عوض الكريم) الشهير بـ ( الغول ) عليه رحمة الله ... (مهما قالوا مهما كتبوا .. فالجريف من رحم واحد ) ....

محمد باعـــــــــــــــــــــو
15/08/2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق