الاثنين، 30 نوفمبر 2015

كيف تدخل الغابة (34) .... الأرض المحتلة الجريف شرق (3)



بسم الله و الحمد لله

كيف تدخل الغابة (34)

الوطن الذي لا وجيع له

الأرض المحتلة ( الجريف شرق) }3{

هاهي الارض تغطت بالتعب ..
والبحار اتخذت شكل الفراغ ..
وأنا مقياس رسم للتواصل والرحيل ..
أنا الآن الترقب ..
وانتظار المستحيل ..
أنجبتني مريم الأخرى قطاراً وحقيبة ..
ضيعتني مريم الأخرى قوافي ..
ثم أهدتني المنافي ..
هكذا قد خبروني ثم قالوا لي ترجل ..
ثم انت يا كل المحاور ..
والدوائر .. يا حكايات الصبا ..

-----    ------    -------   --------
لا أحسب أن يكون هناك ما سبقه ... او من سبقوهم ... التاريخ مذاكر جيدا لحقوق الناس .. ولكن لا تزال بعض من حسنات الذكريات تجيل بي وبرأسي ومخيلتي تجول أحداث عظام ... لا أظن أن هناك من سبقهم .. ولكنه حدث يستحق الذكر ... لكي يعرف الناس كيف بدأ التغول على أرضهم ...
ولكنني أتذكر جيدا ملحمة بناء مدرسة هب النسيم ... وتسمي حاليا مدرسة سيد الشهداء وموقعها شمال امتداد شارع كبري الجريف المنشية و غرب مستشفي شرق النيل ...
كانت ملحمة قوية رغم أن التصارع و الاصطدام كان بين الاهل و العشيرة ... كان بين اولاد باعو وبين المناشير ... وأتذكر كيف كان النفير وكيف انه تم ابلاغ الشرطة فجاءت لتقبض على كبار رجالات هب النسيم ... ولكن استمر النفير كما هو وتم بناء ما تبقي من المدرسة ...
لقد كانت لحظات خالدة على مر التاريخ ... ولكن كان لرجالات هب النسيم القدح المعلى في تشييد هذا الصرح التعليمي ... ولكم العتبى أهلي المناشير ... فقد كانوا من الروافض في ذاك الزمان لبناء المدرسة لظنهم أن الارض تتبع لهم ... ولكن بالرجوع لتواريخ قديمة ماضية ومنذ العشرينات و الاربعينات القرن التاسع عشر فهذه المناطق من هب النسيم وحتى حلة كوكو كانت تزرع من قبل اهالي هب النسيم .. ولم تكن معروفة في ذلك الوقت بهب النسيم ... فهذا اسم اطلق عليها حديثا ... حيث كانت تصطف الخيم وبيوت الطين على جانب النيل ... كما هو ديدن بري و المقرن وتوتي وشمبات و الحلفاية و الكدرو ... حيث كانت بداية نواة الجريف شرق منطقة مسجد حاج علي حاليا بمحطة (8) ... كانت بيوتات طينية والبعض منها كانت خيم من القش و عروق أشجار الشوكية ... وكان كل عدد من المساحات المزروعة تلقي بوسطها راكوبة صغيرة حيث يقوم المزارع في ذاك الزمان بحراثة الارض وحراثتها بالوسائل اليدوية ... وكانت النساء يذهبن الى الغابات الشوكية المحيطة بالمزارع  لجمع الأحطاب وأغصان الأشجار الناشفة لكي توقد النار للطبخ وللتدفئة ولغيره ... حياة كانت طيبة ...
وعودا على بدء ... فقد كان تدافع رجالات اولاد باعو للزود عن أرضهم في بداية الثمانينات ... كان أول دفاع عن الأرض يشهد عقب الأستقلال ... حيث تدافع السودانيين للزود عن أرضهم ونيلهم الأستقلال ... كذلك حاول رجالات هب النسيم الزود عن أرضهم ومنع التغول عليها ... وكان منهم ثلة من أولاد المرحوم الامين باعو ... مصطفي وعبدالله ويلحق بهم جدنا رحمة الله عليه ابو الكل وجدنا البدع وجدنا العالم عليهم رحمة الله ... وعمنا عبد الجبار رحمه الله ومنير وكباشي الشيخ و عابدين البشير رحمة الله عليه وابراهيم وصالح كرار رحمة الله عليه والزبير وعبد الرحيم الجيلاني رحمة الله عليه ورهط كبير ممن لم نذكرهم أرجو ان يسامحونا ... حاولوا و أجتهدوا في الزود و الدفاع عن أرضهم ... التي هي شرق ظلط امدوم حي الهدي و الفيحاء حاليا ...
وتجمعوا بليل واتفق الجميع على حرق اول عمارة في حي الهدي في ذلك الزمان بدايات عقد الثمانينات وذلك بعد مخاطبات عدة للفئة الحاكمة آن ذاك الزمان ... ليس ظلما منهم او ألحاق بأذي ... بل محاولة منهم لدحر التغول على أرضهم ... وفي الصباح الباكر جدا كانوا قد وصلوا موقع العمارة ... حيث وجدوا أسرة من الاقليم الجنوبي تقوم بحراسة البناء ... فطلبوا منهم الابتعاد عن الموقع ... وبعد ان تاكدوا من خلوا البشر ونقلوا كل ما ما تحتاجه الاسرة الجنوبية من اثاثها ومتاعها بعيدا عن البناء ... أحرقوا الاخشاب وكل ذي حرق ... دفاعا عن أرضهم ... وحسب الروايات فقد سمعت مالم يذكر ... وكيف أن بعض أفراد المقاومة قاموا ببناء خيمة الاسرة الجنوبية كما كانت ... لكن في موقع بعيد عن المبني ...
وفي نفس اليوم وصلت التداعيات سدة الحكم ... فأمر بالقبض على كبار رجالات اولاد باعو ووضعوا في السجن لعدة أيام ... لقد كانوا متحدين وكلمتهم واحدة ... حققوا ما يصبون إليه ولكن عدم وقوف الكل من أبناء الجريف أضعف موقفهم ... فقد وصل الخبر كل أحياء الجريف شرق ولم تحرك ساكنا للأسف ... ولست هنا بصدد المحاسبة ... بل بصدد تذكير أهلي بالجريف ماذا تفعل الكلمة الواحدة و الاتفاق و التكاتف ...
رجال مروا بالتاريخ ولم يذكرهم ... نسبة لكسل أبناء المنطقة ... رجال لم يذكروا بالتاريخ كما لم يذكر أسلافهم ممن شاركوا المهدي فتح الخرطوم بالرجال و بالمؤن ... بالتاكيد لم يسمع هذا الأمر ... نسبة لعدم أيصال المعلومة ... فالمهدي حاصر الخرطوم في العقد الثامن من القرن التاسع عشر ... ورجوعا الى جغرافية المنطقة وأقامة أهلها ... فالمناطق التي بها سكان هي العيلفون وسوبا والجريف شرق وبري و المقرن وشمبات و الحلفاية و الكدرو ... والمناطق الموجودة داخل الحصار هي المقرن وتوتي وبري ... وقد ساعدت الجريف شرق قائد المهدي ابو قرجة الذي حاصر الخرطوم من جهة الغرب وقد كان أهالي المنطقة سندا وعونا لهم ... ولكن لم يذكر التاريخ أي مساندة لهذا الأمر ... لم يذكر الدعم بالرجال وبالمؤن ... وكحال طبيعتهم أهلي آنذاك بالجريف شرق وميلهم للطبيعة الزراعية ... فقد رجعوا لمزارعهم ولم تكن لهم مطامع في المشاركة بالحكم ... لذا لم يذكرهم التاريخ ...
وعودا على بدء ... فالجريف كانت منارة وستظل الى الأبد ... وكذلك للعلم و التاريخ فمناطق دار السلام المغاربة ومنطقة الزين الشابك القادسية حاليا ... فقد تم منحها لساكنيها آنذاك من أهل الجريف شرق وبالتحديد من اولاد باعو وأبناء حاج الضو ... منحت لهم ليسكنوا اليها وتكون لهم مأمن ... وكانوا يساعدونهم في الزراعة و الرعي أؤلئك السكان الأوائل لمنطقتي دار السلام المغاربة و الزين الشابك ...
وعودا على بدء ... فاني ما ذكرت ما ذكرته الا لتذكير أهلي بالجريف شرق بالكلمة الواحدة وبقوة تاريخهم وأصلهم وقدمهم الراسخ في جذور الخرطوم ... فمن ليس له ماضي فليس لهم حاضر ... وتاريخ بدايات الجريف شرق كان منذ بدايات دولة الفونج قبل اكثر من ستة قرون ... وفي العهود السحيقة مملكة سوبا ... وقبلها تم اكتشاف آثار تعود الى اكثر من 4000 سنة موجودة حاليا بمتحف السودان القومي ... وهذه التواريخ القديمة كتبت عنها في مقالات سابقة وساكتب عنها لاحقا إن مد الله في العمر ... ولكن عليكم أن تتذكروا أهلي بالجريف أنكم أصل وأصل ثابت وراسخ في القدم ... ولكم تاريخ مسطر قدم النيل الجاري بجانبكم ... فاتفقوا واجعلوا كلمتكم واحدة ... ولن نحتاج لحرق او ضرب فيكفي أن نقف صفا واحدا امام أعتي العتا ولن يستطيع عمل شئ ... الذين رحلوا تركوا لنا أرث عظيما ... فنحافظ عليه بالاتفاق و الكلمة  الواحدة وتحياتي لكل مناضل من اهلي في الجريف مازال حي نسأل الله له الصحة والعافية ولكل مناضل تولته رحمة الرحمن قبرا ... فلهم المغفرة و الرحمة من لدن عزيز كريم ...

ولنا عودة

محمد باعـــــو
29/11/2015

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق