الخميس، 25 فبراير 2016

كيف تدخل الغابة (47) ... ضد الجريف (13)





كيف تدخل الغابة (47)
الوطن الذي لا وجيع له
الأرض المحتلة - ضــد الجريف (13)
نحن نوقد لأنفسنا شجر الشوك


هاهي الارض تغطت بالتعب ..
والبحار اتخذت شكل الفراغ ..
وأنا مقياس رسم للتواصل والرحيل ..
أنا الآن الترقب ..
وانتظار المستحيل ..
أنجبتني مريم الأخرى قطاراً وحقيبة ..
ضيعتني مريم الأخرى قوافي ..
ثم أهدتني المنافي ..
هكذا قد خبروني ثم قالوا لي ترجل ..
ثم انت يا كل المحاور ..
والدوائر .. يا حكايات الصبا ..
-----    ------    -------   --------

( كلمة _  أنا جرافي _ ما معناها ... سؤال غريب يراوح ذهني ... مما جعلني أبتدر قلمي ليمضي في تجليات هذه الكلمة ... وهل نحن فعلا نعي معني تلك الكلمة ) ...
ولابد أن أوضح أن هذا الأمر للتذكير ... لما ... لما نتذكر ماهو محفور بداخلنا ... قد لا نجد سببا قويا ... ولكن لنقل ... شغلتنا أموالنا وأهلونا ... العذر الأقبح من الذنب ... (لك الله يا جريفاتي) ...
مازلت ولا أزال وسأظل على هذه الحالة حتى يتم المراد ... أو أذهب شرقا بأتجاه الأرض الحمراء حاملا كفني ... وثلة تحملني ... ليضعوني دون قيود سوي الكفن ... بمدافن السفر الآخير ... وفي الجاهلية ... كانت العرب تقول ... دونه الموت ...
الأمر الذي أنوي تذكير هو أتحادنا وكيفيته ... الكثير منا يفهم الآتي عندما يقال له ... (تكاتف –وحدة –تعاون –كلمة واحدة) ... الكثير من الناس يفهم الآتي ... أنه في الملمة الرسمية فرح او كره فقط يأتي ويشارك ولو لدقائق ثم يغادر ... بالدارجي السوداني (أوريهم وشي) ...
ويضيع كثير من الزمن بين المتاهات و الفلسفة وضياع الروح دون شحذه بما يفيده ويفيد أهله واهل حارته واهل منطقته ... ولكن يجب ان نتساءل دائما ما معني التكاتف والوحدة و الكلمة الواحدة ... ما مدي فهم العامة لهذه الكلمات ... أسئلة تدور بمخيلتي نسبة لأتساع الهوة بين أبناء المنطقة الواحدة ... وما السبب في أتساع الهوة ... السبب الأنتماء الأسري المتعنت ... فالتشكيلة الجميلة للقبائل المنتسبة إليها الجريف شرق قليلة وأكثرها الجعلية ومن ثم ياتي بعدها المحس وبعض من أصول التناسب لقبائل أخرى ... ولكن الملاحظ هنا هو التعنصر الأسري الممتد و المتوالد عبر الأسر ليصبح في النفوس حقيقة ... وحقيقة كارثية ... انا جرافي ... هذا ما نطلبه ... لكن أن تقول أنا من كركوج ... انا من قمر ... انا من المناشير ... هذه هي الحقيقة الكارثية ... فيما بيننا يمكن أن نكون مثل مشجعي الكرة نتناقش نتعارك ثم ناكل من (صحن فتة فول واحد) ... ولكن هذا لا يضمن أستمرارية الكلمة الواحدة ... إذ سرعان ما تأتي المسميات ... ويعود التعنصر الأسري المتوالد من المنطقة الواحدة ... في بداية شبابي وككل الشباب ... ظفرت بصداقات كثيرة ... من كل أنحاء الجريف شرق ... من القادسية الزين الشابك شمالا وحتى كركوج جنوبا ... واحمد الله عليها ... نعمة كبيرة ... وأنا قبل أيام أتواصل مع صديقي ودفعتي محمد مصطفى الشهير بـ (ود حبوبة) ... صداقة ومعرفة من العام 1988 ... وأقدمها تواصلت في الفيس بوك مع صديق الأبتدائي د. محمد دفع الله ... معرفة وزمالة وصداقة منذ العام 1981 حيث قرأنا بمدرسة هب النسيم الأبتدائية بذاك الوقت ...
ضربت لكم مثل بما يحدث لي ... لاني لا ارى فرق بين أن اكون من حلة (أم عشرة) او حي عوض السيد ... او ان اكون من (فريق الشفيع) ... كل التراب بهذه المنطقة يقول لي أنني جرافي ... لا رابط لي بالمناشير او القرية 8 او القلعة ... لا رابط أثني او معتقدي ... بل رابط دم ورحم ... نحن أهل ... الحقيقة المذهلة عندما تتبع التحليل وأنت تتابع التناسل والزواجات العائلية ... وسعة أتساعها وقرب ترابط أواصرها ... أنا جرافي ... هذه الكلمة هي حقيقة عندي ... في بدايات الشباب كنت كثيرا ما أجلس إلى حبوبتي أم النصر كنان ألله يديها الصحة و العافية ... قبل أن أغرق في لجة الحياة و البحث عن المشاغل الدنيوية ... كنت أجلس إليها فتحادثني عن القرابات و الأسر و العوائل ... وفي البدء لقلة معرفتي لم يتضح لي هذا الأمر وضخامته وروعته اللامتناهية ... وفي بعض الأحيان كنت أستغرب في تواصلها وتواصل نساء معها ... قلة عرفتهم وأكثرهم لا اعرفهم ... لقد جاء عتبة بيتها نساء من كل أحياء الجريف شرق وحتى حلة كوكو ... وحتى في مناسبات الزواج ووفاة جدي المرحوم عبد الله الامين باعو رحمه رحمة واسعة ... رأيت كثير من الناس القلة عرفتهم وأكثرهم لم أعرفهم ... ولكن كلما أتسع أفقك ... اتسعت معرفتك ... فقد كانت جدتي ام النصر كنان الله يديها الصحة و العافية تحكي لي مجد تليد من صلات الرحم والعلاقات العائلية الضخمة ... مما جعلني أفتخر جدا بموقعي من عائلات الجريف شرق  ككل ... لقد أكتشفت حقيقة أن كل دار بالجريف شرق تربطني بها وشائج دم وصلة رحم تدهشك في القرب ... هنا ... هنا أدركت معنى كلمة جرافي ... فمعناها ليس أنني أسكن الجريف شرق ... لا وألف لا ... معناها الحقيقة أنني متجذر ونابت من أرض الجريف شرق ... تاريخ من ترحال العائلات منذ القرن الرابع عشر ... بعهود دنقس وجماع وسلاطين الفونج رحمهم الله ...
أكتشفت سادتي أن الأنتماء للوطن والارض لا يشترى ... الأنتماء للأرض لا يبدل أيضا ... وعلينا كلنا أن نفهم ذلك ... أنا جرافي لا تعني ( أسكن الجريف شرق ) ... أنا جرافي تعني أنني نابت مثل نبتة الأرض وشتيلاتها ... نابت مثل نبتة الأرض وجذوري متعمقة لأعمق الأعماق ... هاهو معني كلمة (أنا جرافي) ... علينا أن نعي ذلك ونوصلها للآخرين ... علينا أن نضع بمخيلتنا أننا واجب علينا أيصال المعني الحقيقي لكمة (أنا جرافي) لكل أهلنا بالجريف شرق ... وقد يظن البعض أن أطلق كلماتي هوا ... لا ... فتلك هي معضلتنا ... تلك هي كارثتنا ... فنحن لا يوجد لينا أحساس حقيقي بالأنتماء للجريف شرق ... نحتاج أن نعي معنى أن تكون جرافي كي تقوى العلاقات وتتوحد الصفوف ... لن تفيدنا التعنصرات الأسرية و المنتمية للأحياء ... انا من زين الشابك ... أنا من اولاد باعو ... انا من المناشير .. أنا من (سقط لقط) ... كل هذا لن يفيدنا ... هذا كله أشعال لأشجار الشوك ونحن نمشي على أرض جريفنا الضائعة ولن يفيدنا مادمنا مفترقين متناكفين ... نحتاج للأيمان الحقيقي بكلمة (أنا جرافي) ... وأن نعي ونوصل معناها لكل أهل بالجريف شرق ... والأنتماء الحقيقي موجود ... لم يمت ... و الحمد لله ... ولكنه يحتاج منا لتنبيه ... لنوقظه مرة أخرى لتشتعل به النفوس ... لتقوى الأواصر و الصلات ... وتكون وتظل كلمتنا واحدة ... وصفنا واحد ...
 
( أكتب الآن وللاسف يتم عرض أراضي مربع 14 للبيع من قبل الجهاز الاستثماري ... في سلسلة مبيعات الارض المحتلة ... ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم)

ولا يغيب على أن اذكر بقول جدي الراحل مصطفي على عوض الكريم (الغول) رحمه الله وأسكنه فسيح جناته ... لا يغيب علي أن أذكركم بقوله (مهما قالوا ومهما كتبوا ... فالجريف من رحم واحد)

الحمد لله على ما أراد الله

ولنا عودة

محمد باعـــــــــــــــــــــــــو
24/2/2016

هناك تعليقان (2):