الخميس، 27 يوليو 2017

كيف تدخل الغابة (73) .. عجوبة الخربت سوبا ( 1) .. الجريف شرق و التاريخ


بسم الله و الحمد لله
كيف تدخل الغابة (73)
عجوبة الخربت سوبا (1)
الجريف شرق
وعلاقتها بمملكة سوبا و الممالك القديمة

علاقة الأرض ومعرفة التاريخ
(الفترة الاكثر غموضا في تاريخ السودان)
(العام 1300م – العام 1400م)


(نذكر بأننا كتبنا من قبل في المقالات [55 و56 و57] عن العلاقة التاريخية للجريف شرق بفتح الخرطوم على يد القائد الجليل [محمد احمد المهدي] رحمه الله .. بزمن المهدية .. و اليوم نكتب عن مملكة سوبا لدخول أرض الجريف شرق في حدود مملكة سوبا وحدود مملكة علوة قبلها .. ولأستيطانها بقبائل العنج في تلك الأزمنة )
[ملاحظة مهمة] قبل الخوض في التاريخ .. وهي أن تحالف (عبد الله جماع) و (عمارة دنقس) او ما يسمى بدولة الفونج انتصرت على بقايا مملكة سوبا او المملكة الفاصلة بين مملكة سوبا ومملكة الفونج .. والقليل جدا لم يدر بخلده عن ماهية (العنج) وهل هم قبائل نيلية جنوبية .. ام هم قبائل البجا و الأمرار و الحلنقا .. وحسب المتناقل .. أن العنج هم قبائل البجة .. و التي يتجاوز استيطانها للمنطقة الشرقية للنيل بدأ من شمال سنار الى بدايات الشرق عند عطبرة وانحناء النيل .. و الملاحظة المعتمة .. سؤال مطروح .. ( هل قام العنج بأرسال المرأة [عجوبة] وابنتها لتخرب مملكة سوبا ) .. حقائق مذهلة ستتوضح من خلال هذه المقالات .. وسنبدأ بالمقال المؤرخ لتلكم الفترة .. و الذي كتبه دكتور عبد الله على ابراهيم

[مقال للدكتور عبد الله علي ابراهيم]
يعتقد الدكتور النور بأن جفاة الأعراب هم من خربوا مُلك النوبة المسيحية في سوبا خاصة ،، وهي عقيدة أذاعها ابن خلدون في تاريخه "كتاب العبر" لا المقدمة ،، فقال إن جهينة تكاثرت وتغلبت على النوبة وأزالت ملكهم .. وهو نص إحتوشته الطعون منذ عقود ،، فنقض مؤرخون للنوبة والسودان وصفه لهجرات جهينة من الجزيرة العربية ،، ولمنازلها في السودان ،، وأدوارها المزعومة في تخريب النوبة .. فضَعّفوا وتوثقيه تضعيفاً لم يبق بعده .. في رأي المؤرخ أحمد الياس حسين ..  قِبْلةً للباحثين إلا بفضل شهرة كاتبه
.
خلص أحمد الياس .. في سياق مشروعه لإزالة مسلمات شاعت عن تاريخ السودان في العصر الوسيط .. إلى أن ابن خلدون لم يكن دقيقاً في معلوماته عن جهينة .. وعمم أحكامه .. برغم أنه لا مصداقية لشطر كبير منها .. بل خالف سائر معاصريه ممن أرخوا لهجراتها لأفريقيا ومساراتها .. فجاء وحده بدور مخرب غير أكيد لها هدت به دولة النوبة .
 وهي أخطاء
مستغربة منه في قول أحمد الياس لأنه جاء إلى مصر في 1382 وتوفي بها في 1406 .. مقيما بها لنحو ثلاثة عقود .. قريباً من مسرح الأحداث التي صحبت إسلام ملوك المقرة ..المسيحية والتي أعقبته .
لم تهز تلك المآخذ قناة نص ابن خلدون .. وظل الباحثون يأخذون به على عواهنه .. وربما كان تعويل المؤرخين عليه راجعاً إلى أن خبره هو ما أحتاجوا له لتعذر العلم عن فترة خراب سوبا بغيره .. فسمى يوسف فضل حسن فترة القرنين الخامس عشر والسادس عشر بعد سقوط المقرة في منتصف القرن الرابع فترة إظلام تاريخي. فلا نعرف إلا القليل عنها .. وهذا النذر المعروف انحصر في أدب القبائل وروايات الأنساب .
وقد بدأ من قريب فض مغاليق تاريخ هذه الفترة المجهولة .. وأهمية هذا الكشف عن هذا التاريخ المجهول في مناظرتي للنور أنه برأ العرب من "إثم" تخريب علوة وحمّله للعنج .. والعنج جماعة معلومة بالأسم غير أن فعلها في التاريخ مجهول .. وقيض الله لنا من قريب باحثاً ذرباً هو الدكتور أحمد المعتصم الشيخ جعل الكشف عن غموض العنج موضوع رسالته للدكتوراه في التاريخ من جامعة الخرطوم في 2002 .. وقد جاء فيها لا بالقول الفصل في المسألة (فليس القول الفصل مطلب في البحث العلمي) بل بما نزع الغموض الثقيل عن هذه الجماعة الغامضة المثيرة. فعرّف معتصم بهم وأرجعهم إلى أصل ..  ووصف دورهم التاريخي المجهول .. وألقى ضوءاً على الغموض الذي أحدق بفترة سيادتهم على النيل الأوسط والجزيرة من منتصف القرن الرابع عشر إلى نهاية القرن الخامس عشر الميلاديين .. وهي فترة بلغ من غموضها أن سماها المؤرخون قرون الظلام في تاريخ السودان كما مر.
بعد قراءة معمقة لكافة المكتوب عن العنج أرجعهم معتصم إلى شعب البجا بشرق السودان .. وقال إن مواطنهم الأولى ربما كانت هي منطفة القاش ودلتاها .. وربما كانوا أمة رديفاً لشعب الحلنقا والبلو .. أو هم نفس البشرة و السحنة .. ولن نزيد على ذلك خوف التشقيق الذي لا يحتمله مقال عابر كهذا .. وقال إن بطوناً من العنج تحالفت للسيادة على شرق السودان حتى نهر عطبرة وربما أجزاء من البطانة .. وارتبطت هذه الجماعة بإحسان ركوب الخيل ذات الحجم الأكبر نسبياً .. وهناك إشارات أنهم خضعوا حيناً لملك الحبشة .. وقد تمكنوا من ميناء سواكن فكان لهم نصيب في جماركه.
وكان العنج مملكة .. وصف معتصم نظامهم ب "الإقطاعي" .. فهو مقسم بصورة جامعة مانعة إلى رعايا وحكام (أصلهم كلهم في البجا) تحكمه أعراف تؤسس لدونية الرعايا وامتياز الصفوة التي تستولى على فائض الإنتاج بتسخير الرعايا في نشاطات إنتاجية عائدها للسادة .. ودين العنج موضع خلاف. فقد قيل إنهم تنصروا ثم أسلموا .. وإن وصفوا عامة بتجاهل الدين .. وقد استثمروا قوتهم بإحسانهم ركوب الخيل .. ومواردهم من المؤاني والتجارة الشرقية ..  فأخضعوا معظم البجا لهم .. وبدأوا منافسة ممالك النوبة مثل مملكة الأبواب (وهي مملكة قامت في دار الجعليين أو شملت دار الرباطاب) ودولة علوة في عائد تجارة البحر الأحمر والتعدين في صحراء البجا.
والجديد في دراسة معتصم هو قوله بالنزاع بين دولة العنج البجاوية والأبواب والمقرة النوبيتين .. فالخصومة لم تكن محصورة بين العرب والنوبة كما هو مشهور ..  فقد كان اللاعبون في الميدان ثلاثة لا اثنين .. وكانت القلاع الحصينة بمنطقة الرباطاب .. وهي من الأبواب .. من أطرف مصادر معتصم ..  وهي قلاع مبنية كلها على الضفة الشرقية للنيل مما يشير إلى المصدر الشرقي للخطر الذي بنيت للدفاع عنه .. وما يزال اسم هذه القلاع السائر بين الرباطاب هو "قلاع العنج" .
ويعتقد أحمد أن شعب الأبواب تعرض لغارات العنج البجاويين لفترة ثم خضع لهم في فترة تلت 1317 بقليل .. وبسيطرة العنج على دولة الأبواب أصبحوا على بوابة سوبا .. عاصمة علوة وهي خصم ومنافس أيضاً .. وأصبح سقوطها مسألة الوقت. وربما يفسر هذا عبارة "كاتب الشونة" الغامضة "إن العنج كانوا تغلبوا على النوبة" بغير تحديد زمان أو مكان أو تفصيل ..  وهذا أيضاً ما تواتر عند كثير من الجماعات السودانية. فالتقاليد السودانية الشفاهية تقول أيضاً إن الذي أطاح بمملكة علوة هم العنج
.
وستساعدنا دراسة أحمد .. التي عزت سقوط النوبة المسيحية في الأبواب و علوة إلى العنج البجاويين .. في إعادة النظر في المعارف الموروثة لذلك السقوط ..  فقد ساد عندنا كما تقدم أن الذين أسقطوا علوة المسيحية هم العرب بواسطة تحالف قاده عبد الله جماع من جماعة القواسمة ..  وقد سمى "عبد الله" بجماع لتمكنه من تجميع حلف بدوي ضد مملكة علوة الظالمة في نهاية القرن الخامس عشر .. ولا غضاضة في خراب قوم ملك قوم لولا أن ما قام به العرب في زعم الزاعمين قد جري وصفه كعمل من أعمال الفوضي ..
وهي صورة مستوحاة بصورة أساسية من ابن خلدون كما مر ..  فقد نسب تحول النوبة إلى الإسلام إلى سقوط دولتهم نتيجة لغارات العربان عليهم بصورة عاثوا فيها إضطراباً وسلباً .. وأضاف شبه متحسر أنه هكذا تمزقت دولة النوبة أشتات وورثها العرب الذين خلا ملكهم من دبارة الحكم .. فالعربي يستنكف الخضوع لأمر أخيه .. وقد سادهم بالنتيجة الخلاف في السودان إلى يوم ابن خلدون ذاك. فانعدمت بالقطر سلطة مركزية تلم شعثه .. وربما كان قول ابن خلدون هذا تطبيقاً لنظريته في العمران والعصبية لم يصادف محله أو أهله .. فالذي أسقط علوة المسيحية في رأي معتصم هم العنج .. وهم أصحاب مملكة ونظم مرعية في الحكم والإدارة .. أما الذي ربما أطاح به العرب (مع الفونج) فهو دولة أخرى قامت على أنقاض سوبا المسيحية .. وهي العنج .. وربما كانت لهم أسبابهم القوية لإسقاطها
.
طلب النور أن نتحرى تاريخنا وننقيه من الأوهام مثل عزتنا الجوفاء بإسلامية الفونج وتعريبها بينما هي غير كذلك .. ورأينا مثل هذه الهمة أعلاه عند السفير الدكتور معتصم .. صبر على وكد الأكاديمية حتى انتهى إلى تجديد الهواء في غرفة تاريخ سوبا وخرابها الذي تلقيناه عن ابن خلدون مطأطي العقل مستنيمين له .. وهو ما لم يقبله فشق طريقاً وعراً لحقيقة خراب سوبا الباكر .. وقام اجتهاده في هذه الناحية على تجشمه فتح أرشيف وثائقي مبتكر من مرويات القبائل والآثار ..  وتوافر مثل هذا الأرشيف هو شرط التجديد في كتابة التاريخ  .. وأتمنى أن يكون استنطاقه هذه المصادر المستحدثة وخلاصته منها موضوعاً يبعث راقد التاريخ فينا .. أو راكضه وهكذا

ولنا عودة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القبض علي مدير النزع و التسويات(علاء الدين) واحتجازه بقسم حلة كوكو في قضايا تلاعب وفساد ب أراضي الجريف شرق ...
(نحنا مرقنا ضد السرقوا أرضنا) .
--------------------------------------
التحية للمناضلين بدر الحاج ... السر الجزولي
المناضلين عن الحق و العرض والأهل ...
--------------------------
اللهم أرحم شهيدي الجريف شرق ... شهيدي الأرض و العرض ... شهيدي الدم و الرحم ...
في رحاب الله الشهيد أخي (محمد عبيد) والشهيدة أمي (منى النخلي) ... اللهم أجعلهم في ركاب الشهداء و الصديقين و الصالحين ...  رحمهما الله رحمة واسعة وأسكنهم فسيح جناته وسقاهما من كوثر المصطفي صل الله عليه وسلم شربة لا يظمآن بعدها أبدا ...
-------------------------
وأعود اذكر بقول جدي الراحل (مصطفي علي عوض الكريم) الشهير بـ (الغول) عليه رحمة الله ... (مهما قالوا مهما كتبوا .. فالجريف من رحم واحد) ....

محمد باعـــــــــــــــــــــو
27/07/2017

هناك تعليقان (2):