السبت، 12 ديسمبر 2015

كيف تدخل الغابة (37) ... الارض المحتلة الجريف شرق (6)



بسم الله و الحمد لله
كيف تدخل الغابة (37)

الوطن الذي لا وجيع له

الأرض المحتلة ( الجريف شرق) }6{


هاهي الارض تغطت بالتعب ..
والبحار اتخذت شكل الفراغ ..
وأنا مقياس رسم للتواصل والرحيل ..
أنا الآن الترقب ..
وانتظار المستحيل ..
أنجبتني مريم الأخرى قطاراً وحقيبة ..
ضيعتني مريم الأخرى قوافي ..
ثم أهدتني المنافي ..
هكذا قد خبروني ثم قالوا لي ترجل ..
ثم انت يا كل المحاور ..
والدوائر .. يا حكايات الصبا ..
-----    ------    -------   --------

بلا شك ستكون هناك معاناة ... وكثير من تجني وألم وفرح ... ولكن يجب أن تتم الولادة المتعسرة سألين المولى عز وجل أن يرفع من شأن الجريف شرق ويوحد كلمة أهلها ...
سنأتي لما حدث لاحقا ... مثبتين تعنت البعض وتكدره وفرح البعض وسروره إزاء كشف المساؤي و الهنات والأخطاء ... والأفضل دائما لتلافي بقاء الشحنات السالبة بالنفوس ... أن تتم المكاشفة على أعلى مستوي وعن أدنى خطأ ...
ولكن قبل أن نواصل سردنا في مأساة تكوين جمعية الجريف شرق الخيرية لجلب الشباب ... لنستعرض أنجح التجارب على أرض الجريف شرق ... وذلك حتى يتأتى لنا كيفية تكوين الاجسام الاجتماعية على الطريقة الحماسية ... ومقارنتها بتكوين (جمعية الجريف شرق الخيرية لجلب الشباب بالسعودية) ... قبل أن ندلف لمولد الجمعية الخيرية ... و الذي تم بطريقة الإقصاء و الأنتقاص وصنع الضد والخلافات وخدمة العائلة الواحدة بدلا من جميع العائلات بالجريف شرق ... وكذلك سردا للتاريخ وحفاظا على أرث نسأل الله العلي القدير أن يجعله زخرا لذرية الجريف شرق من بعد الأجيال السابقة و اللاحقة ...
في كل أحياء الجريف شرق تجد عنوان بارز لمشاركة الاهل في ملماتهم ومكروههم وأفراحهم ... ألا وهو الخيمة و الصيوان ... وتجد أكثره محفوظا على المساجد ... وهو دلالة على صحة روابط العائلات بالجريف شرق ... حيث يعبر وجوده عن ترابط الأهل و الأسر ... وتراحمهم وتوادهم ... ومن ثم بدأت بعض العائلات الكبيرة في المجاراة بعمل صيوانات مخصصة بالسم العائلة الكبرى ... وهذا الإرث الرائع موجود من أزمان بعيدة ... وهي تتبع دائما انشاء المساجد ... وحسبما هو مذكور بألسنة كبارنا ... (مرجعنا التاريخي) تجد أن بكل مسجد تم أنشاؤه بالحي ... أنشئ معه الصيوان او الخيمة ووضعت بالمسجد حيثما يأتي الفرح او الكره او المناسبات الصغيرة فتؤخذ وبعد الانتهاء تعاد للمسجد ...
أنجح التجارب الاجتماعية المتوحدة و التكاتفية و التعاضدية ... أنجح التجارب على الأطلاق بالجريف شرق ... وهي من التجارب التى من المفترض الرجوع إليها لتثبيت العمل الأجتماعي التطوعي العام بالجريف شرق ... و التوثيق لها ... أنجح التجارب كانت تجربتي حي حاج الضوء و الدليل محطة (9) وحي هب النسيم اولاد باعو محطة (10) ... تجارب تفوح بوحدة الصف والكلمة والقوة و الوحدة والأفتخار بالانجاز و العمل الطيب وتوفير قاعدة عامة وقوية وأرضية صلبة لتوحيد الكلمة خاصة في ملمات الأفراح و المكاره ...
وحيث كان السبق لشباب حي (حاج الضوء و الدليل) ... حيث قاموا بتطوير فكرة الصيوان (قماش وحديد) فقط ... لتصبح أدوات شاملة كاملة لتغطي المناسبة فرح كان او كره ... لتغطي المناسبة بكاملها ... حيث قامت بتصنيع كراسي حديد وتصنيع غسالات الماء  وشراء كراسي وبراميل بلاستيك وشراء كافة اواني الطبخ ومستلزمات المطبخ السوداني  وكل ما تحتاجه المناسبة ... ومن ثم وضعت أشتراكات رمزية عند الاستخدام ... وكونت لجنة من عدة أشخاص من عائلات متفرقة أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر (علي حاج الضوء) و(رفعت عمر ) وآخرين الله يجعله لهم في ميزان حسناتهم ... حيث تقوم اللجنة بتسليم حاجات المناسبة لأصحاب المناسبة ومن ثم أستلامها منهم بعد أنتهاء المناسبة ...
أهلنا بـحي حاج الضوء و الدليل كان لهم قدم السبق في تطوير هذا العمل ... و الذي جنت منه العائلات الكثير من الفوائد ... أهمها أختصار الصرف بالمناسبات و المكاره ... وكذلك المساعدة الفعالة للعرسان الشباب ذوي الدخل المحدود ... حيث كانت هيئة الصيوان الجميلة و الكراسي تزيد من عزة العريس حيث سيعتقد الضيف القادم من خارج الجريف شرق ... ان العريس قام باستئجار الصيوان و الكراسي من محلات فخمة وغالية ... هذا بالإضافة الى توفير تعب العائلة في قصص الاواني المنزلية ... ولكن يبقي الأهم أن تكلفتها قليلة وضئيلة ولا تسبب الخسارة للعرسان الجدد ... وكذلك حتى في التالف او الضائع او المنكسر من أي من أداوت الجمعية فأن الغرامة تؤخذ عينية اولا ... من البيت نفسه ... وإذا لم توجد تؤخذ من صاحب المناسب مادية وبسعر رمزي ... كما هو الايجار بسعر رمزي وزهيد ...
وبالرجوع للخلفيات ... فسنجد أن هناك مشاكل عامة كان يمكن ان تودئ الى ممات الجمعية ... ولكن لا ... فقد كان الناتج رهيب ... شئ لا يتوقع ... هذا إذا أفترضنا عن أنتشار ثقافة الحسد منذ زمن بعيد بالجريف شرق عامة ... فقد كان هناك خلاف قائم ... وانتهي الخلاف الى تسوية الامور بين عائلتي جدي حاج الضوء رحمة الله عليه وعائلة جدي الدليل رحمة الله ...
الناتج الرهيب من خلاف العوائل في حي حاج الضوء و الدليل ... هو ان أبناء جدنا (الدليل) رحمة الله عليه قاموا بعمل جمعية خيرية بنفس مواصفات جمعية حاج الضوء ... ابناء جدي الراحل (الدليل) عليه رحمة الله لم يحسدوا ابناء جدي الراحل (حاج الضوء) ... بل قاموا بعمل جمعية اخرى بنفس المواصفات ... ليكتفي حي حاج الضوء و الدليل من أي أحتياجات او طلبات من محال خارجية ...
اذن نتفق مبدئيا على أن الخلاف ورغم وجوده وصعوبته في حي حاج الضوء و الدليل ... إلا أنه لم يؤثر على أنشاء ووجودية الجمعية الخيرية ... و التي ظلت ولا زالت بعيدا عن التفرقة و الشتات او الجنوح لمسار سياسي او أي مسار يغير تكوينها وأهدافها التطوعية وما أنشئت لأجله ...
ونعرج في معرض حديثنا عن أحداث صاحبت تكوين جمعية هب النسيم الخيرية ... وقبلها كانت توجد بقايا الصيوان قديم أهترئ ... وكانت توجد بعض العوائل الكبيرة التي لها صيوان أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ... جمعية جدنا (حمدتي) ... (آل حمدتي) و التي كانت مرتبطة بعدد من العوائل بجريف قمر و المناشير و كركوج ... وكذلك بعض العائلات بكل أحياء الجريف شرق بدءا من حي اولاد عوض السيد الى كركوج ...
تكوين جمعية هب النسيم بدأ ببعض الأحاديث و الكل يقر أنه وبوجود خلافات صعبة وحادة ... الكل يقر بصعوبة انشاء الجمعية الخيرية ... وكانت تجري كثير من المناقشات في مجتمعات الشباب و كبار اهل الحي وعدد من الشلليات و التجمعات ... والكل يتساءل لما لا نكون مثل حي حاج الضوء و الدليل وننشئ جمعية خيرية ... ثم توضع العقبة الرئيسية ألا وهي الخلافات ... و الخلافات في أولاد باعو كانت متصاعدة ... ووصلت لدرجة ان تم تقسيم الحي للجنتين شعبيتين ... وصار اللحن المشهور مع فلان او مع علان ... حلة وراء او حلة قدام  ...
السبب الذي كان شائعا وقتها ... وقت تقسيم الحي للجنتين ... السبب مفاده لأسباب عدة متعلقة بالمحلية ... وكانت اجابة مبهمة من احد اعضاء اللجان الشعبية عن سبب التقسيم ... ولاحقا نشبت الخلافات وتوزع سكان الحي بين تبعية حلة وراء وحلة قدام ...
هذا ما كان مرتبطا بسبب الانقسام ... فقد فصلت لجنة الحي الواحد الى لجنتين ... لأسباب تتعلق بالمحلية ... ولاحقا دبت الخلافات حتى لتظن أن النيل الأزرق يمر بين حلة وراء وحلة قدام في هب النسيم ...
وعودا على بدء ... فقد كان الكل يرغب ان نحتذي حذو حي حاج الضوء و الدليل ... ولكن الخلافات وتبعية من تتبعه ... منعت الناس من انشاء الجمعية ... وفي العام 2002 طرح على ( محمد الطيب الصديق) فكرة انشاء الجمعية الخيرية ... وان نكون جادين بشأنها ... فأخونا ( محمد الطيب الصديق) كان يغضبه الواقع وكثرة الصرف في المناسبات والمكاره ... وتناقشنا باستفاضة حول الامر ... وأذكر من الحضور علي سبيل المثال لا الحصر (محمد الطيب الصديق) و(محمد عثمان احمد) و(الامين السماني الطاهر) و(خالد مصطفي سعد) و(خالد كباشي الشيخ) و(الامين الزبير الامين) وآخرين نرجو أن يسامحونا لعدم ذكرهم لطول الزمن ... وتم الاتفاق مبدئيا على القيام بخطوات جادة تجاه ذلك ... وتحدث الاخ (خالد مصطفي) منورا الأخوة في مسجد أولاد باعو ... وتم بعدها أخبار جدنا (خليفة كاذقيل) الله يديه الصحة والعافية ... وتم الاتفاق ان يكون صباح الجمعة أن يكون ضربة البداية وبأن نقوم باللف على البيوت و الاسر دون تحديد اسرة بعينها او اقصاء اسرة بعينها ... وتجميع اواني وعدة الجمعية أولا ... وبمساعدة جدنا (ابراهيم كرار) الله يديه الصحة و العافية في التنوير والإعلام ...
وجاءت الجمعة ... وكان منزل مؤسس جمعية هب النسيم الخيرية (محمد الطيب الصديق) هو اول منزل نأخذ منه أشتراك الأواني ... هذه النقطة وكيفية جمع الأواني أفادت الجمعية كثيرا ... حيث أصبح كل الحي حديثه الجمعية أولا ... وثانيا كان أدخال روح الحماس والإحساس بأن الجمعية هي ملك له ... لكل الاهل بهب النسيم ... الإحساس بالوطنية وروح الحماية لممتلكات الجمعية ... كان حقيقة أحساس بالوطنية أفتقده الناس منذ زمن بعيد ...
كان حدث أسعد الجميع بدون شك ... بدأنا بما مجموعه خمسة عشر او ستة عشر شابا ... وعندما جاءت مواعيد صلاة الجمعة كنا نيف وستون من شاب الى رجل كبير ... كان يوم عيد لهب النسيم وهم يرون أن أمانيهم تتحقق ... ووصل الامر أن رأينا بعض أمهاتنا يبكين فرحا ... كان يوم عيد حقيقة ... وفي خضم ذلك كنا نسمع بعض الهمسات تذكرنا بما نحن نتبع له فلان او علان والجدل مستمر في الخفاء ... ومع ذلك تواصل المسير ... وبقيادة القائد الفذ والأب الروحي للجمعية (فاروق حسن محمد نور) ومن خلفه مؤسس الجمعية (محمد الطيب الصديق) تم الخروج بالجمعية الى بر الامان ... وتم تجميع بعض المبالغ التي فرضت على الجميع دونما استثناء ... وتم شراء الناقص من عدد وأواني الجمعية ... صيوان وخيمة وكراسي بلاستيك وكراسي حديد وبقية أواني المطبخ السوداني ... وكان أشهر أختراع من (محمد الطيب الصديق) أختراع (حلة الضلع) ... حلة ضخمة شهدت بركاتها المناسبات ومسجد اولاد باعو ... وذلك بمائدة البليلة والتى كان يأتيها الداني و القاصي ليتذوقها ... لبركاتها وجمال طعمها ولمة الناس حولها ... وللتاريخ لاحقا سأفرد مقال كامل لـ (حلة الضلع) ...
وعودا على بدء ... كنا نتنقل من منزل الى منزل ... وفي البداية كنا نواجه بتعنت امهاتنا نسبة لحرصهن على جمع الاواني والحفاظ عليها المعهود به عند النساء ... ولكن بعد مرور ساعة كنا نتلقى بكل ترحاب وحتى البعض منهن طلبوا منا أخذ زيادة إن أردنا ... ولكننا كنا ملتزمين بالمشاركة المحددة ... وبعدها بأسابيع قليلة تم أستلام الخيمة وشراء بقية الأواني والأدوات ...
وأثناء تنقلنا كما ذكرت سابقا ... كنا نسمع الهمس وفي بعض الأحيان المجاهرة ... انهم مع فلان ... لا انهم مع فلان ... سري بين بعض المجموعات اللغط ... ولعلمنا أننا لو صرحنا او جاهرنا فستدخل كثير من الكلمات و المحادثات والمغالطات ... فواصلنا عملنا بهمة وبمشاركة الجميع حتى الذين ليسوا من الحي ولكن يسكنون فيه كنا أدخلناهم في دائرة الجمعية ... وقوي الاحساس عند الكل أن الجمعية هي ملك لهم ... كان عملا جميلا وقويا حينما اشار معظم سكان الحي باستحالته لصعوبة وكبر الخلافات ... ولكن كنا لها وأنتصرنا على الخلافات ... شباب هب النسيم ... انتصروا على الخلافات ... وبرهنوا أنها لم ولن تؤثر على سيرها ... كان انجازا حقيقيا تنبأ الكثير بفشله ... وبرغم مرور أكثر من عشرة أعوام على أنشاء الجمعية الخيرية بأولاد باعو ... إلا أنها بحمد الله لا زالت مستمرة ...
وتبع ذلك أنشاء جمعية المواساة في حي هب النسيم وحي حاج الضوء و الدليل ... حيث كان الحي الأخير له قصب السبق في أنشاء جمعية المواساة ... و التي كانت تدفع أشتراكاتها بدفتر وكل اسم رجل وشاب مسجل بها دون استثناء او اقصاء ... وكانت مهمتها المساعدة في الاكراه والمآتم ... حيث تقوم بدفعة تكلفة الاكل ليومين اثنين فقط ... واليومين تم أقرارهما في الحيين هب النسيم وحي حاج الضوء و الدليل ... بحيث أن المأتم كان يأخذ الكثير من الأيام مما يزيد خسارة أهل المتوفي ... فتم الاتفاق على أن يكون المأتم يومين ... يوم الوفاة واليوم التالي ... وبعدها تطلب الجمعية أوانيها وخيمها ... وبهذا الأمر تم تخفيض الصرف بصورة كبيرة جدا ... وكذلك أمر الزواج فبعد أن كان اربعة او خمسة وجبات ... صار وجبة واحدة تحدد من قبل أهل العرسان سواء كان فطورا او غداء او عشاء ...
كل هذا المساعدات الجميلة في الأفراح والمكاره ... كانت تطورا ناتجا من دخول الفكر الشاب ... وكذلك الميل للعمل الجماعي ومشاركة الكل في هذه الأمور ... وكانوا بعيدين كل البعد عن مبدأ الإقصاء وصنع الضد و الخلافات وخدمة العائلة الواحدة ... حتى اللجان المكونة لهذه الجمعيات تتكون من ثلاثة او اربعة اشخاص على الأكثر ولكل واحد منهم مفتاح متي ما أحتاجت اسرة او عائلة لأواني ومعدات الجمعية تم تسليم العائلة بواسطة واحد او اثنان منهم او كلهم الثلاثة او الاربعة مجتمعين ... ومرجعهم مجلس الشورى و المكون من كبار أهل الحي دون فرز ... وقد كانت لجنة الجمعية في الحيين بعيد كل البعد عن الاتجاهات السياسية ... وكانت وجوه جديدة لا دخل لها بلجان شعبية او ما شابه ...
وعودا على بدء ... فأن ما ذكرته كان تنويرا وتعريفا بأحداث تاريخية أنتجت اقوى وأروع التجارب المعبرة عن توحد الكلمة ووحدة الصف ... فرغم ضخامة العملين وكثرة الخلافات ... ألا أن العملين قاما على أكمل وجه ورغم مرور أكثر من عشرة سنوات عليهما الأثنتين ... ألا أنهما لا زالا يخدمان الحيين ... ولم يتم فيها إقصاء او التخلي عن أسرة او عائلة او شخص ... كل الجميع بهما دونما أستثناء ... وهذا أول مبدأ خالفه أنشاء الجمعية الخيرية لجلب الشباب ... حيث تمت ولا يزال إقصاء أشخاص وقصد تكبير الخلاف والإنتماء للأسرة الواحدة ... و الذي من المقروض أن تكونه الجمعية ... أسرة واحدة ... فنحن كما قال جدي الراحل مصطفي عوض الكريم الغول ألف رحمة ونور تتنزل عليه ... الجريف مهما قالوا فهي من رحم واحد ...

و الحمد لله على ما أراد الله

ولنا عودة

محمد باعــــــــو
12/12/2015


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق