الأحد، 26 مايو 2013

الصالح العام



بسم الله والحمد لله

الـصـــالــح الــعــــام


الصالح العام .. يا له من مصطلح متداول .. وهو فى القواميس يعنى به إحالة العامل او الموظف إلى معاشه .. فى أحيان هو فى العمر الإجبارى او المحدد للمعاش .. وفى كثير من الأحيان ببلدى تتم الإحالة والموظف مايزال يافعاً يمكنه ان ينتج أكثر .. وفى هذه الحالة فسبب المعاشس هى الإنقلابات المدنية او العسكرية او تنفيذ القرارات والسياسات الغير مدروسة او مخططة .. وفى العادة او فى قوانين ودوواين الشركات الحكومية والعامة – وإن كنت لا أعرف القانون جيداً – ولكنى أعتقد أن العمر المحدد للمعاش هو قرابة الخامسة والستين .. وكثيراً من الكتاب والأدباء أنتجوا بعد ذلك العمر ليخبروننا أن العمر يبدأ بعد الستين ...
وفى السودان هنا فالصالح العام او المعاش الإجبارى .. ولنكن أصدق حديثاً ( فالمعاش الإجبارى ) ظاهرة متفشية جداً بصورة ليست مزعجة فحسب .. بل بصورة مزرية للغاية .. والإزدراء هنا أساساً صفة ملازمة للمحال للصالح العام ...
فأبلغ تشبيه يمكن أن نوصف به هذا الإنسان .. هو أنه كالمحكوم عليه بالإعدام .. فعندما يوضع الحبل على العنق .. وسيحب ذاك المعقد الذى تقف عليه القدمين .. عندها يرفس بأقدامه وينتفض جسمه وتضييع عنه الأنفاس .. وتغيم العينين وهما متجهتين إلى السماء متابعة خروج الروح من الجسد ...
هذا الوصف .. ليس مطابقاً تماماً بل هو أحسنها .. بالنسبة للمحال للإعدام المعاشى مبكراً ...
فالفرق بين المحال معاشاً باكراً والمعدوم شنقاً .. هو أن الآخير يرتاح من العذاب الدنيوى وإلى الأبد .. بينما الأول .. صاحب شأن الصالح العام الباكر .. فهو يعيش ليرى نفسه جثة .. ليرى نفسه مزدرى كشحادى السوق العربى .. والناس يتكرمون عليه بفتاتهم وبقايا أطعمتهم .. وقد يصبح أسوأ حالاً كما بعض الشحادين والذين تقول عليهم الأمة السودانية ( عينهم قوية ) .. فقد يصبح المحال للصالح العام مثلهم .. يقبض هذا ويمسك بتلابيب ذاك وينجر فى أواخر إختيال الثوب طمعاً فى بعض الفتات ...
وفى كثير من الأحيان يكون الطريق الثابت إلى الضياع .. المفتوح دوماً وأبداً .. هو أول ما تخطوه أقدام المحال للصالح العام باكراً .. وليس شارع ( القصر ) .. او مسالك درب (البلدية) الخربة .. بل هو شارع (مايو) .. او طريق (كرتون كسلا) .. والشارع المؤدى إلى (دار السلام) خلف جبال (أمدرمان) الساخنة .. سيضيع .. ومن خلفه الأفواه المفتوحة دوماً .. أطفاله .. وسيضيق الحال بهم .. وبعدها ستلجأ الأم إلى أفضل السكك الحديدية عند المرأة .. السكك الحديدية التى تجبر أعتى الرجال وأقواهم عزيمة على المرور الإجبارى بها .. ستبيع جسدها للغاشى والماشى ظناً منها أنها تساعد زوجها المعدوم شنقاً وهو مازال ينبض شباباً ...
ولكن .. إن كان من أصحاب الأملاك .. فلن يضيع .. وكذلك إن كان ظهر كما المحابة والواسطات فلن ينكسر ظهره .. سيطبطبون عليه بأيد حانية .. ويعيدون وضعه فى أعلى المقامات .. او هى ( القمامات ) بسبب محسبويتهم .. وبعد وضعه فى أعلى المقامات .. أى إحدى تلك الوظائف الحكومية المرموقة .. وصاحب العلم سيد الشهادات يجرى من خلف تماسيح مكاتب التعيينات .. والتى لن تعينك سوى بطريقتين إما أن تدفع او تستند ظهر قوى لكى تعين .. عدا ذلك فستضيع كفاءات كما ضاعت ملايين الكفاءات غيرها .. وتموت أسرة مكلومة على إبنها وعلى شهاداته .. فتبعث لك رسل التفكير بيع الماء او إفتراش الأرض مطارداً فى كل حين بالمارد الأخضر ...
مارأيكم سادتى فى مبدأ الصالح العام .. ألا يجوز لنا تشبيهه بالمقاصل الفرنسية فى القرون الوسطى ...

والحمد لله على ما أراد الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق