الأربعاء، 30 يوليو 2014

كيف تدخل الغابة (3) ... الوطن الذي لا وجيع له .... الوطنية .. والبداية صفراً .. !!

ارشيف






بسم الله والحمد لله

كيف تدخل الغابة (3)
الوطن الذي لا وجيع له
الوطنية .. والبداية صفراً .. !!



قيل قديماً : العلم على الكبر كالنقش على الحجر .. قد تكون هذه المقولة ترسخ مبدأ ثبات المعلومة .. أى بمعنى أن النحت هنا يعنى الثبات والأبدية .. كما هو الدليل فى النقوش الحجرية للحضارات التى سادت ثم بادت .. أمثال الحضارة السودانية والمصرية والمكسيكية .. ولكن كون أنه نقش على الحجر فهذا يعنى التعب الشديد فى نقش ذلك العلم بعقل طلابه .. والذين هم كبيرون فى السن ...
والأمر سادتى ينطبق على الوطنية .. ما لها وما عليها .. فهى مثلها مثل  العلوم .. تحتاج منا قليل من الجهد للصغار .. ومشقة بالغة الجهد اذا أردنا توصيل هذا العلم للكبار .. وكثير من أحزابنا ترزح تحت نير سلطة الكبار .. ويقابله إنعدام الفكر والتقدمية من الشباب .. وإن كانت قد وصلت مرحلة سفلية من عدم التفكير او محاولة التطور .. او محاولة حتى تقديم بعض الأفكار .. نسبة لتمسك الكبار وفرضهم سيطرة تفكيرهم .. وبأنهم الأصح فكراً وإتجاهاً من الشباب ...
اذاً ماذا نحتاج لكى نضع أساساً متين تبدأ نواته من الصغر .. أى بمعنى عندما نصل مرحلة الشباب يكون عمل ما جسمه القليل من الخبرة والكثير من الدماء الجديد .. وأجد نفسى أجيب أنه لابد أن يكون التعليم او النقش يبدأ منذ الصغر .. نحتاج لمادة دراسية نضعها ضمن المنهاج الدراسى وتسمى مادة الوطنية .. ونضع به بعض الأحداث التاريخية المثيرة للحماسة .. مع كثير من الكلمات القوية المفعول .. لكى يشب صغارنا محبين لهذا الوطن ...
قبل أيام ولتردى الحالة الصحية للشباب فى إحدى المناطق الحيوية والطرفية فى العاصمة الخرطوم .. ووصولها منطقة إنعدام الوزن الخوائية .. قمنا بعمل إجتماع لكافة الشباب .. وفى البداية أتى بعض الكبار وهم يظنون أن الإجتماع ما هو إلا إنتخابات لإختيار أعضاء اللجنة الشعبية للحى .. ولكننى وبعض جهد جهيد أوضحت لهم أن الإجتماع هو لإحتفال ما بصدد إقامته فى المنطقة ...
ثم تواصل الأمر وحضر الشباب .. وإن كان بعضهم قد أعطانى أعذار سيئة للهروب .. حتى أن أحدهم قال لى أنه سوف يغسل يديه ثم يأتى للإجتماع .. وللأسف ليس هذا سوى برهان على إنعدام الماء بالمنزل او بمحل الإجتماع .. وإن كان البرهان الكبير يميل لغباء من يصدقه ...
وبدأ الإجتماع وحضرت الشخصيات المهمة المديرة للإجتماع .. وإن كانوا كباراً إلا إنهم متفهمون جداً لمبدأ إدارة الشباب للأمور التى تخص الحى .. وما أثارنى حقاً هو وجود أحدهم وهو يقوم بتسجيل حثيات الإجتماع .. وقبله قام بتسجيل أسماء الحضور .. ومع تسجيل الحثيات كان هاتفه المحمول مفتوحاً لأحد ما ليستمع إلى حثيات الإجتماع .. وإن كنت أظن فى فكره أن هذا الإجتماع هو لقلب الحكومة رأساً على عقب .. وعمليته هذه تذكرنى ما جرى فى الحى نفسه قبل شهور .. وقد أوردته فى مدونتى ( حافة الأخدود ) .. حيث حدث أن توفت إمرأة شابة بعد أن صدمها صاحب سيارة ركاب ثم فر هارباً مما أدى إلى قيام أحداث شغب .. وكانت مطالب أصحاب الأحداث أن يقوموا بعمل شيئاً ما يهدئ من سرعة السيارات المندفعة .. والمهم فى الأمر أنه عندما توجه الجميع للمقابر لدفن الجثمان .. رأيت ما أثارنى وجعلنى أكره وطنى .. فقد كان أفراد الأمن مندسين وسط المشيعين .. وكأنما ينتظرون أن يدلى المشيعين بلعنات على مسئول ما ...
لا بأس أن يكون أفراد الأمن حريصون على أمن الوطن .. ولكن تلك المقبرة لم تكن بالواقع الذى يمكن به وضع أسس خراب الحكومة او قلبها رأساً على عقب .. وأعيب على افراد الأمن أنهم كانوا مكشوفين .. او كانوا معروفين للمشيعين بأنه ليسوا سوى متلقفى أخبار ...
وهكذا فعل الرجل وهو يسجل ما يجرى فى الإجتماع .. وكأنه يقول أنه الرجل .. وأنه القوى وأنه ليس هناك من يمكنه أن يمنعه .. هذا هو الواقع سادتى روساء أجهزة الأمن .. او أى جهة سياسية أخرى كانت وراء الموضوع .. لم يكن ذلك الرجل يسجل أحداثيات الإجتماع لأنه حريص على مصلحة الوطن .. بل كان يسجل أحداث الإجتماع متفاخراً بوضعه ...
والجميع يشهد أنه ليس فى قلبه مصلحة من الوطنية .. وأنا واحداً من الناس أعرف عنه بعض الأشياء .. ولكن ما أعرفه جيداً هو أنه لا يملك فى قلبه مثقال ذرة من الوطنية .. فهو لن يكون سوى ذلك المصطلح الذى أطلقه البعض فى تلك الفترة على المتشبثين بالإسلاميين .. وهو مصطلح ( م.ن ) .. والذى هو يعنى مغفل نافع .. يسعى فقط لمصلحته .. وإن كان بمصطلح الحرب .. فهو قد أصبح ورقة محروقة او مكشوفة ...
أعرف أنه هناك من سيقرأ ما كتبت .. وسيسعى لتقويض كاتب المقال او حتى إعدامه .. وأنا مدرك تماماً أنه لم يفهم ما كتبته .. نحن لا نحتاج امن يحرس الوطن مقابل شئ مادى او ما شابه .. نحن نحتاج لمن يحرس وطننا ودافعه الأول غيرته على وطنه .. فليكفى سادتى تمرغ أنوفنا فى التراب .. وليكفى مزيداً من الإزلال .. نحتاج لمن ننقش بسلاسة على عقله مفردات الوطنية الحقة .. محتاجين لمن يهتف بالوطن وهو على شفا حفرة من نار ...
لن ينصلح وطننا هكذا .. لن يجر عليه الكبار سوى الوبال .. سوى الجوع والإنقراض الذى لا عودة بعده أبداً .. إنهم يدركون تماماً فشلهم فى إدارة الأمور والأحداث .. ومازالوا ينؤن إعادة ما فعلوه سابقاً .. إنهم كبارنا سادتى ...
ولكننى لن أقول سوى الأمر الذى درجت على قوله دائماً .. سيذهب كل من على وجه أديم وطنى .. سيذهب الخائن واللص والمغتصب وحتى متشبث السلطة .. وسيبقى وطنى .. سيبقى لتدوم نعمه على الأجيال القادمة من بعدنا او حتى من بعد عدة أجيال بعدنا .. فلتقبلوا إقتراحى سادتى .. إدخال مادة فى المنهج الدراسى وتسمى الوطنية لتدرس لكل الأجيال .. ولكى ترتفع الهمة بالوطن .. فنحن سادتى رصيدنا صفر كبير وضخماً فى بنك الوطنية .. وتشتعل أرصدتنا ضخامة بهلامية القبلية والتعصب الأعمى .. ندخر جهدنا لمصلحتنا الشخصية ولا يهم ماذا يجنى الوطن .. نستورد المادة المسرطنة فى سبيل إشباع رغابتنا المادية .. ولا يهم ماذا سيشبع الوطن .. وإن كان فى إعتقادى المادة المؤلمة والمحزنة ما سيشبع بها .. ولا عزاء لك وطنى .. وسنظل نعتقد أن المأتم ما هو إلا تفجير للهدوء وإسوداد وجهك .. دمت وطنى .. فأنا دائما البحث عن وجيع لك معى .. ولتتحمل معى الإسم الذى أطلقته عليك فى كثير من المناسبات .. ( الوطن الذى لا وجيع له ) ...

والحمد لله على ما أراد الله


محمد عثمان باعـــــو
3/4/2008     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق