الأربعاء، 30 يوليو 2014

خراف .... ام أغنام

أرشيف






بسم الله والحمد لله

خراف .. ام أغنام ؟؟


كلنا وبقليل من الإجتهاد فقد نصبح لصوص .. وفى بعض البلدان أصبحت مهنة إحترافية .. أما فى الولايات المتحدة فقد تطورت المهنة لتغدو إحتراف كامل لعالم العصابات وغدت اللصوصية جزء وليست من دنيا الجريمة المنظمة ...
وما دعانى للحديث فى هذا الموضوع هو بعض المواقف التى حدثت لصديقين لى بشهور ماضية .. وما جعل تلك الذكرى تتجدد هو فقدان أحدهم من أقربائ .. فقدانه لهاتفه الجوال .. وقد سرد لى الأحداث والتى تتابعت بطريقة درامية مأسوية ...
وما جعل هذا الأمر يتفشى فى السودان هو دخول العولمة وأتباعها على مبادئ الأسر السودانية لتتفشى الجريمة بطريقة مزعجة .. وإن لم تصل بعض حالات الجريمة المنظمة إلا فى حوادث متفرقة ...
كما إن إشارة أحدهم بأن سياسة التحرير الإقتصادية هى ما جعلت بعض أصحاب النفوس الضعيفة للإتجاه نحو عالم الإحتيال والجريمة .. وخاصة وأنه بكل فترة أطالع إعلان فى الصحف او خبر ما يحتوى فحواه على طلب القبض على سودانى ساقته أقدامه نحو دول الخليج العربى ...
وللأسف المخزى فقد كان حال السودانيين فى الخارج يضرب به المثل فى الأمانة ولكنه سقط إلى الحضيض فى الآونة الآخيرة بفعل بعض أصحاب النفوس الضعيفة .. وأقوى مثال على أمانة السودانيين هو تلك الحكاية التى جرت أحداثها بدولة الكويت أيام الإجتياح العراقى للكويت فى تلك الأحداث المريعة التى سمتها أمريكا فيما بعد بعاصفة الصحراء .. وكان الأحرى أن تسميها عاصفة الإخوان الفرقاء ...
وللعمل فأنا أعرف أحد أقرباء ذاك الشاب السودانى معرفة وثيقة .. فقد بدأت الأحداث بغزو الجيش العراقى لدولة الكويت .. والشئ المأساوى فى الأمر أن الأسرة الكويتية تركت ذاك الشاب لمصير إرتضوه له وكأنه حيوان او كلب .. ولكن رغم ذلك فقد قام الشاب السودانى بجمع كل مقتنيات الأسرة الكويتية الهاربة من ذهب وأموال .. وقد كانت بالشئ الكثير حقيقة .. وسلك طرق ملتوية فى الصحراء لتمويه القوات العراقية حتى دخل حدود السعودية .. وبقى بها إلى ان إنجلت الأحداث وهو محتفظاً بحمله الذى لا يمكن حقيقة الإحتفاظ به دون النظرة الطمعية ...
وعاد الشاب السودانى للكويت ليجد تلك الأسرة فى حالة يرثى لها .. وتفاجأت بما يحمله ذاك الشاب الأمين .. ولكن تلك الأسرة إستعملت أسوأ أنواع المبادئ اللصوصية وهى ترميه عظماً دون مكافأة لما بذله من مجهود فى حفظ أمانتهم .. وخرج من الكويت متحسراً ونادماً على صفا نيته لهؤلاء القوم .. والتى أسماها فيما بعد بالطيبة الغبائية ...
هكذا كان حال السودانيين فى الخارج أمانة لدرجة الطيبة الغبائية .. ولكن سرعان ما تغير الحال وبعدها إنتقلت العدوى للداخل ليبدو السودان كأفخاخ لصوصية يجب الإنتباه بحذر وأنت تحاول شراء او إبتياع شئ  ما ...
وبالنسبة لما حدث لصديقى فهو فى ظنى نوع فى غاية الإحترافية اللصوصية .. والذى لايمكن أبداً مجاراته بسهولة للقبض على مرتكبيه ...
وعوداُ على بدء .. فقد كان صديقى الأول يعمل فى شركة إتصالات .. فجاءه أحدهم بحجة أنه يريد كروت إتصال .. وعينيه تتطلعان على هاتف صديقى المحمول الباهظ الثمن .. وبعد أن أخذ الكروت ودفع ثمنها .. أخذ يحدث صديقى عن إفتتاح لمصنع لهم .. وأنه فى حوجة لبرنامج محاسبى وكذلك لمحاسب براتب لا يقل عن ثلاثة ملايين جنيه .. هذا العرض المغرى أسال لعاب صديقى لدرجة البله .. فإتفقا على أن يأتيه هذا الشخص ليصحبه لملء الإستمارات للتقديم للوظيفة فى المصنع والذى سفتتح قريباً بفندق قصر الصداقة ...
وجاء اليوم التالى وصديقى ينتظر على وجل .. وجاء الشخص مرة أخرى فأخذا عربة أجرة وإتجاه لبرج البركة بوسط الخرطوم على أساس وجود إستمارات التقديم بمكتبهم المؤقت هناك .. وتحت البرج إنتظر الإثنان ومعهما صاحب عربة الأجرة والشخص يتحجج على الإنتظار بأن سكرتيرتهم ما تزال تعمل على تصميمها فى مكتبهم بالطابق الثانى .. وبصعود الشخص المتكرر للبرج إطمأن صديقى وأعطاه الموبايل ليجرى ذاك الشخص عدة مكالمات .. ولكن فى المرة الآخيرة أخذ الموبايل  وهو يتحدث صاعداً درجات بوابة البرج ليختفى داخله وصديقى يصحبه بنظراته وهو يضاحك صاحب عربة الأجرة .. وفى دواخله يسيل لعابه لذاك الراتب الخرافى الموعود به ...
ومضت ربع ساعة ولم يعد ذاك الشخص وهنا بدأ حالة القلق تستولى على صديقى السائل اللعاب .. وبعد مضى نصف ساعة صعد صديقى ليستجلى الأمر وإكتشف إنه تعرض لأكبر مقلب فى حياته .. فلا وجود لمكتب يتبع لهذا المصنع المزعوم .. ومادت الأرض بصديقى .. وبدلاً من ان يسيل لعابه سال جسمه على الأرض .. وهو يرى بأم عينيه أكثر من مليون جنيه يفقدها بيده .. وهى ثمن ذاك الهاتف الجوال ...
لقد كانت طريقة غريبة للإحتيال لا قبل له بها .. لم يستطع أن يمنع سقوط دمعة من عينيه وصاحب سيارة الأجرة يسأله عن إستمارة التقديم للمصنع .. فهاج وماج صديقى فى صاحب السيارة .. ولم يكن أمام الآخير سوى أن يطالب بحقه او ينادى على سيارة الشرطة والتى تسمى الـ(999) لأخذ حقه والتى كانت قريباً منهما ..
والمثير فى الأمر أن صديقى الثانى والذى يمتلك مكتبة رائعة أخبر بخر الهاتف المحمول لصديقى الأول .. فلم يجد سوى أن يقول على صديقى الأول : أنه خروف وغنماية ...
ولكن بعد أيام إتضح أن صديقى الثانى هو من أصبح خروف او غنامية على حدّ زعمه .. فقد جاءه أحدهم وطلب أشياء كثيرة يعلو ثمنها على النصف مليون جنيه .. ثم أخذ ذاك الرجل موبايل صديقى الثانى بزعم أنه قد نسى بعض الحاجيات وأنه سيتصل ليذكروه .. وأمام عينى صديقى الثانى خرج الرجل من المكتبة وهو يتحدث بالهاتف .. وبثوانى معدودة أختفى الرجل كأنما ملح ذاب فى حضرات الطعام ...
وصديقى الثانى متحسراً ويشعر بطعم مرارة يعترئ حلقه .. وخيل إليه وكأنما تمر أمامه مجموعة من الخراف والأغنام ..
هذا سادتى جزء يسير من حوادث يتعرض المواطن السودانى من ضعاف النفوس .. فقد أصبح فى نظر هؤلاء اللصوص خراف وأغنام يسهل جرها من أذنها للسقوط فى أفخاخ اللصوصية البارعة ...
وكذلك لا داعى لذكر المبالغ التى دفعها صديقى الأول لبعض الأفراد لجلب النصاب بالطرق القانونية .. ليتضح له فى نهاية الأمر أنه تعرض مرة أخرى للإحتيال والنصب ولكن هذه المرة بالطرق الرسمية ...
هذا هو حالنا سادتى .. وما آل إليه بسب تفشى وباء إحتراف اللصوصية وسهولة إنتقال هذا الوباء وخاصة فى الظروف الإقتصادية السيئة التى يمر بها السودان ...

والحمد لله على ما أراد الله

محمد باعــــــــــو
32/11/2007

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق