الأربعاء، 30 يوليو 2014

ضد مجهـــــــــول (1)

ارشيف









بسم الله و الحمد لله

ضد مجهـــــــــول (1)

دار الحديث هامساً بين ثلاثتهم .. وترتسم على الملامح آيات جريمة بشعة .. وتم وضع جدولة الخطة العصماء .. وحدد زمن التنفيذ .. والهدف واحد .. أن يروحوا عن أنفسهم بأقل تكلفة .. نظراً لظنهم او لتأكدهم بإنعدام المال لإتمام هدفهم الرائع فى نظرهم والمنبوذ من كثيرين تعدوا او قاربوا الأربعين عاماً .. معلنين تمسكهم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من بلغ الأربعين ولم يتغلب خيره على شره فليضمن مقعده من النار ) .. ولكن أصحاب الرحلة الجميلة مازالوا شباباً حمساً لأداء عدة أمور شبابية .. أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها توافه ...
وجاءت ليلة التنفيذ على عجل .. وهمهم ذاك الديك الذى يتربى فى عناية أم أحدهم .. ويظنه الأخير مزعجا لصداحه مع الفجر مؤقظه من نومة هنيئة بعد سهرة طويلة .. وقفذت أرجل الفتى بعد خروج أمه لقضاء حاجة عند أمها .. كحديث او غتاب او شئ من هذا القبيل المعهود عند النساء .. وجرت الأرجل الديكية عدة مسافات .. يقطع الفيافى الغرفية والفنائية .. ويتعالى صراخه .. وآخيرا كان للفتى ما أراد وهو يجهز على الديك بكلتا يديه .. واضعا أصابعه مغلقاُ فم الديك .. والذى لم يكن يحتاج ذلك نسبة للرعب الذى دخله والتعب الذى بذله فى محاولة مستميتة وفاشلة للهرب من براثن الفتى .. وكأنما أدرك نيات إبن مربيته فى أخذه للذبح .. ليهنئ نزوة الشباب وهم يذهبون به بعيداً على ضفاف النيل الأبيض فى ذاك المنتجع الرائع والذى يكنى بغابات الخرطوم .. ويبدو أن إنساية الديك جعلته يرضخ ويدخل بند التضحيات تحت جناحيه واهباً نفسه للبشرية الطماعة لتلذذ بطعمه الرائع ويقضون متعتهم ...
وأقرت الأم او مربية الديك فى لاحق الأيام بالفقدان الكامل للديك .. وبظنها دخوله أحد البيوت ومن ثم تاه عن بيتها او إستأثر به من زارهم فى الدار العامرة بالخراب .. والآخيرة لظنها ذلك .. حيث ترى أنه ليس من الصحيح أن يتمسك إنسان او يخفى شئ لا يتبع له او ليس به صلة ...
وحلا الأمر لثلاثتهم وغدوا خمسة يتصاحبون على اللهو .. ولحسن الحظ لم يكونوا من أصحاب المجون والشهوات .. وإن صار إثنان منهم حاليا .. أشقاء للمجون والخمر والعربدة و المخدرات .. وقرر هؤلاء الخمسة أن يقوموا برحلة ترفيهية يعيدون فيها أمجاد وأزمنة خطف الديكة .. وكانت هذه المرة على ديك شقيق أحد هؤلاء الخمسة .. وأنفسهم تحدثهم بالجريمة الكاملة .. ولحسن الحظ كان هناك كلب فى ذاك المنزل .. إتفقوا هم وخطتهم على إغتيال الديك الرائع الصوت المكتنز اللحم .. ومن ثم وضع الريش أمام مهجع الكلب لتتم فى نظرهم جريمتهم الكاملة .. وتمت الخطة بنجاح بليلة دامسة داجنة بذكريات الديك وهو ما بين مستيقظ وغافى يحلم بأيامه الخوالى وسط ذينك الدجاجات الفاتنات عند صاحبه الأول ...
ومضى الخمسة لحالهم .. ألا وهو مجون ولهو رحلتهم فى منتجع غابات الخرطوم على شط النيل الأبيض قبل لقاءه بأخيه الأزرق بقليل على مقرن النيلين .. ولكن لم تكن جريمتهم كاملة .. فقد جاء صاحب الديك ليكتشف ريش ديكه الرائع بقرب مخدع الكلب تحت تلك الشجرة الظليلة العابقة برائحة النيم .. وكمثل مربية الديك الأول ظن صاحب الديك الثانى أسوأ الظنون بالكلب الوفى الرائع .. والذى ولعدم فهمه الكامل لما يجرى هوله أخذ يتسلى برأس الديك المقلوم ظلماً .. حيث بدأت رحلة العذاب لذاك الكلب وهو يتعرض لأقسى أنواع المطاردات .. وظن بصاحب الديك أنه لم يكن الفاعل لطول مقيل الديك فى البيت والكلب موجود دون أن يمس منه ريشة ...
تذكرت تلك الحادثتين وعيناى تلتهم بشدة أحد الكتب المتحدثة عن الدوافع الجريمية .. فى تحليل نفسى .. متخذ عدة أنمزجة لحوادث او جرائم تمت وعرف فاعلها .. ولكن مؤلف الكتاب فقى فاصل صغير تحدث عن نظرية الجريمة الكاملة .. والتى تحدث عنا الكثير من الرواة والكتاب والمفكرين ...
ولكن النظرية تتجه كلياً نحو الخفاء فى ظاهر الشرطة .. بمعنى أن مصطلح الجريمة الكاملة او الجريمة الكاملة نفسها لن تكون كاملة ما لم تخفى عن الشرطة .. فى أسبابها ودوافعها وفاعلها .. هذه هى الجريمة الكاملة .. فقط لا يجب أن تعرفها الشرطة فتغدو جريمة كاملة .. وقد يعرفها العامة من البشر .. ولكن الشرطة بالذات لا تعرفها .. وهذا تكون فى حالات الجريمة التى تتم فى الأحياء ويتستر أهل الحى على فاعلها .. وكذلك جرائم الأنتقام ورد الثأر .. فهذه حتى أولياء المقتول يصرون على أن لا يتهمون أحد .. فى حين تدرك الشرطة ويدرك العامة من فاعلها .. ولكنهم يحتاجون دليل فلا يعثرون عليه .. وعليه فيمكن أن تقيد الجريمة هنا ضد مجهول .. والحكايتين المضحكتين اللتين أصغتهما لكم سادتى .. تحكيان جريمتان كاملتان حدثتا ولكن ليس فى بشر .. وإن كان له صلة ومعزة بمربية  وصاحب الديك .. ولن نجد ما نقول أفضل من (قيدتا : ضد مجهول )
ولنا عودة ............

والحمد لله على ما أراد الله ...








محمد باعـــــــو
31/1/2008






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق