الأربعاء، 30 يوليو 2014

فخ بثلاثة ملايين دولار

ارشيف









بسم الله والحمد لله

فخ بثلاثة ملايين دولار


جاءتني الرسالة فى بريدي الألكتروني .. مفعمة بالأسى وبالحكايا المهلكة ألماً لمن يقرؤها او يسمعها .. والرسالة ممتلئة بالألم حقيقة .. لكنها لا تعبر سوى عن شئ واحد .. تعبر عن الألم والمعاناة التي تلاقيها شعوب أفريقيا .. حروب وإغتيالات وقتل بالجملة ومذابح كما جرى فى رواندا للقبائل ذات القومية القليلة .. إنه ألم يجرى مجرى الدم فى العروق .. والجميع يبحث عن مخرج .. الجميع يلتفت ليجد أين الفتات ومن ثم يرتمي بوجهه عليه .. إنها الهيمنة الإستعمارية العالمية و المأسونية اليهودية التي لا تريد للعالم الثالث الإستقرار .. لا تريد لتلك الحثالة كما هم ينظرون إليها .. لا تريد لهم التقدم والعيش الرضي .. إنه واقع لا محالة لنا سوى أن نعيشه بكل ألمه .. ولكن هذا الألم هل يخول لنا استعمال الخداع والمكر .. وهل نصبح فريسة او أصبحنا فريسة لهمهمات نفوسنا الغاضبة والساخطة على الشعوب الأخرى جراء الحروب والدمار والفقر والجفاف .. هل يخول لنا ذلك الأمر أن نخدع من هم مثلنا ممن يحتويهم العالم الثالث .. هل يخول لنا الألم أن نرمى بأبناء تعابا مثلنا فى هفوات ونطمئن أنفسنا أننا لم نفعل الخطأ .. ولكن من أوقعنا بهم هم الأغبياء .. هم الذين يجب أن يندفنوا أحياء لكي نستأثر بثرواتهم وأموالهم ...
قد تكون هذه الفتاة او الآنسة تعرضت لشتى صنوف العذاب فقراً كان او ألماً لمشاهدات حية رأتها بأم عينيها .. ولكنني أعتقد أن هذا لا يعطيها الحق فى الإحتيال او سرقة أموال الآخرين ...
وقد يكون لنقص الوازع الديني بنفس الفتاة ولكنها فى نهاية الأمر تخضع او يجب أن تخضع لمعايير الإلوهية الصالحة فى أن تذهب بحياتها بعيداً عن البؤس ...
وللأسف كل إخوتنا الأفارقة يسبحون فى ذلك البحر الأفآك بالإحتيال والسرقة وجميع الصفات المذمومة من النفوس السوية بإيمانيات الله سبحانه وتعالى .. ولكن مازال سؤالي قائماً مع إنني أعرف أن به بعض الغباء .. وهناك أشياء لا نستطيع أن نفعلها إلا إذا كنا أغبياء .. والسؤال هل تستحق منا تلك الفتاة او غيرها الإحترام ومدّ يد المساعدة .. وهل نضمن شرورها إن أحسنا إليها .. سؤال للجميع .. ولمن يحب أن يكتشف تلك الأعماق الغويصة من الإحتيال .. ولنرى من منا يبتدر المساعدة فى إنتظار أن تبعث إليه تلك الآنسة بريعها من الثلاثة ملايين دولار التي وضعها أباها فى إحدى بنوك أمريكا  قبل مقتله فى حرب سيراليون المميتة ألما وسوادأً ...
هذه هي القصة سادتي ولنرى رأيكم فيها :

مرحباً أغلى واحد !

هكذا أنت اليوم عندي ، والرجاء تقبل خالص إعتذارى إذا لم تقبل رسالتي ببريدك الألكترونى ، وقد يكون السبب عدم وجود سابق معرفة بينى وبينك ، ولكن الأهم عندي هو أخلاقك الشخصية ، وأحب أن تقبلني صديقة جديدة لك ، ونسبة لما أمر به من ظروف فقد قررت أن ألتجئ إليك . 
عندي إقتراح عمل مشترك بيني وبينك وهذا بعد وضع إعتباراتك وقبولك لهذا الإستثمار ، وقد ترى أننا لا يمكن البدء بهذا نسبة لأننا لم نلتقي او نتحادث من قبل ، وأنا أعلم تمام العلم بأن هناك الكثير من الإحتيالات وفرص العمل الوهمية توزع حول العالم ، وفى الغالب من البلدان الأفريقية ، وهذا يعطيك الحق فى أن تتخذ جميع الإحتياطات  وأن تأخذ حذرك بالكامل فى مواجهة عرضي هذا ، والذي هو بالنسبة إليك عمل أتاك من شخص غريب ، وهذه هي صفتي بنفسك .
أنا على أي حال لن أسمح لعرضي المفعم بالألم بأن يأثر على قرارك بالموافقة على عرضي ، كما إن النوايا الحسنة بلاشك ستكون واحدة من المنافع الهائلة التي ستحدث بيننا ، كما إنني أتعهد إليك بأن أكرس جهدي وأستعجل همتي فى أن ننال المنافع الهائلة لهذا الإقتراح إن رغبت فيه .
قبل كل شئ قبل أن أعرض إقتراحى والحاجة لمساعدتك يجب أن أقدم لك نفسي أولا ، أنا الآنسة جوليت صموئيل هينجا نورمان ، بنت بعمر ست وعشرون عاماً ، من سيراليون ، وأنا البنت الوحيدة لوزير شئون سيراليون الداخلية صموئيل هينجا نورمان السابق والذي قتل فى الثاني والعشرون من فبراير/ شباط 2007 فى داكار عاصمة جمهورية السنغال .
 وأنا لا استطيع الإتصال بك لأنني ممنوعة من الإتصال بأي شخص خارج العائلة ، وصباح مقتل أبى إستولت زوجة أبى وإبنها ألبرت على كل ما تحويه خزانة أبى ، فقد كان موته الغير متوقع مؤلما بالنسبة لى ولم أستطع الإنتباه لفعلة زوجة أبى و إبنها .
وبعدها أردت الهرب إلى أوربا بعد تعذيب زوجة أبى لي .. ولكنني لم أستطع لإحتفاظها بجواز وسفري وأوراقي الثبوتية وأشيائي الثمينة الأخرى ، وفى هذه الأثناء حاولت عدة مرات الهرب إلى أوربا ولكنني لم أستطع لإحتفاظهم بجواز سفري ، ولحسن حظي لم يكتشفوا بعد أين أبقيت ملفي أبى المحبوب ، والذي يحتوى على وثائق مهمة ، فما كان منى إلا أن قررت الهروب والتسلل إلى مخيمات الأمم المتحدة للآجئين ، وذلك حتى أتمكن من اللجوء فى الوقت الحاضر تحت مظلة مندوبية الأمم المتحدة السامية للآجئين فى عاصمة السنغال داكار ، وكل أمنياتي أن أصل إليك شخصياً فى بلادك لإقامة علاقة عمل معك ومساعدتي وأنا هنا بالسنغال ، وأنا شاكرة لك صنيعك .
وقد أودع أبى مبلغ 3.847.000 دولار أمريكي سراً فى أحد بنوك السنغال الكبيرة بإسمى وهو الآن تحت الحراسة أي المبلغ المودع ، وسأراسلك بالمعلومات الضرورية لمساعدتي للإيداع ، بعد تأكيد قبولك للموضوع ، وذلك حتى يتثنى لى نقل الوديعة ، كما إنك ستكون مسؤل عن إستثمار المبلغ ، وأنا سأحاول أن اكمل دراستى فقد قطعت الدراسة عقب موت أبى فى داكار .
كما إننى سأعطيك 5 % من المبلغ الكلى نظير الخدمات وعمل الإستثمار ، لهذا السبب قررت أن أتصل بك شخصياً وانا أعتمد على إلهامى ، ورجاء يجب أن تبقى كل الإتصالات بيننا سرية ، وأرجو ان تحتفظ بسرية بريدى الالكترونى وهذا فقط للأغراض السرية ، وحالما أستلم عرضك الإيجابى بالموافقة فأنا سأبدأ فوراً فى وضع أشيائى موضع التطبيق ، على ضوء موافقتكم بالعرض أعلاه ، وانا أنتظر منك رسالة مستعجلة تشير إلى قدرتك ورغبتك الصادقة فى هذه الصفقة بصدق .
أنا أقيم بفندق نسائى فى إنتظار ردك المستعجل والإيجابى ، رجاء تبقى لى أنت فقط ولا أستطيع اللجوء لطرف ثالث ، وكذلك أنا أرجوك أن لا تكشف أى معلومات حول هذا الموضوع ، واتمنى أن يكون تفسيرى واضح جدا ، ولكن إن إحتجت إلى تفسير وتوضيح أكثر فأنا مستعدة ، وانا ساحاول ان اضع لك صورتى فى رسالتى القادمة
أتمنى أن إستلام ردك فى أقرب فرصة .
وشكرا
المخلصة لكم
الآنسة : جوليت صموئيل هينجا نورمان

هذا هو الخطاب الذي ألقت به الآنسة الفضلى جوليت .. وقد تكون صادقة وقد تكون غير ذلك .. ولكن حقيقة الأمر أن أي إنسان لن يقبل بهذا الإقتراح حتى ولو قدم له من قريب ينتمى له بصلة قرابة .. فيظن أن ذلك إحتيال ليس بعده إحتيال .. سيظن أن مخاطبه يستخف بعقله .. فمبلغ ثلاثة ملايين دولار ليس بالمبلغ الذي يمكن أن يمتلكه شخص بغرب أفريقيا ثم يرغب فى أن يتركه فى يد إنسان لا يعرفه وليس له به صلة .. يريد أن يتركه فى يد إنسان قد يعلم أنه يمكن أن يخون الأمانة ويهرب بالمبلغ او ينكر صلته به ...
ولكن فى حقيقة الأمر قد تكون صادقة فى روايتها .. فما تعرضت له سيراليون قبل سنتان او أكثر ينبئ فعلاً بأن الحدث جللاً .. وبأن ما تعرض له مواطنو سيراليون هو فاجعة بكل تأكيد .. وحتى الأمريكان تأثروا بالأمر وأنتجوا فلم سينمائياً أسموه ( مأساة الدم ) .. وكل هذا هو تأكيد لصدق حديث الآنسة الفضلى جوليت .. ولكنه ليس تأكيد لصدقها فى مبلغ الثلاثة ملايين دولار .. وعلى العموم هذا عرض لبقية خلق الله لكي لا يسقطوا فى هذا الفخ الرهيب .. فخ بثلاثة مليون دولار ...

والحمد لله على ما أراد الله

محمد باعـــــــو
5/5/2008    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق